طقوس مختلفة وغريبة.. كيف يتم تحديد موعد عيد الفطر حول العالم؟

عيد الفطر مناسبة ينتظرها المسلمون في كل أنحاء العالم، فهو ليس فقط إعلانًا لنهاية شهر الصيام، ولكنه أيضًا بداية لاحتفالات مليئة بالفرح والتقاليد الخاصة بكل بلد. ومع ذلك، فإن تحديد موعد هذا العيد ليس أمرًا موحدًا بين الدول الإسلامية، حيث تختلف الطرق والأساليب المتبعة لرصد هلال شهر شوال، ما يؤدي أحيانًا إلى احتفال بعض الدول قبل أخرى.
هذا الاختلاف يرجع إلى عدة عوامل، منها اعتماد بعض الدول على الرؤية البصرية، بينما تلجأ أخرى إلى الحسابات الفلكية الدقيقة، إضافة إلى تأثير العوامل الجغرافية والمناخية على إمكانية رؤية الهلال.
التقويم القمري وحسابات الفلك

يتم تحديد بداية الأشهر الهجرية بناءً على التقويم القمري، الذي يعتمد على دورة القمر حول الأرض. يبدأ الشهر الهجري عند رؤية الهلال الجديد بعد غروب شمس اليوم التاسع والعشرين من الشهر الحالي.
إذا لم يُر الهلال، يُتم الشهر ثلاثين يومًا. هذا الأمر جعل بعض الدول تعتمد على الحسابات الفلكية، التي تحدد موعد ولادة الهلال قبل غروب الشمس بدقة، بينما تفضل دول أخرى الرؤية البصرية، سواء بالعين المجردة أو باستخدام التلسكوبات.
في دول مثل السعودية ومصر، يتم تشكيل لجان شرعية تضم فقهاء وعلماء فلك لرصد الهلال في أماكن محددة كل عام. وإذا تمت رؤية الهلال، يُعلن عن بداية شهر شوال رسميًا. في المقابل، تعتمد دول مثل تركيا وماليزيا على الحسابات الفلكية، حيث يتم تحديد موعد العيد قبل بدء شهر رمضان بوقت طويل، دون الحاجة إلى انتظار رؤية الهلال.
الاختلافات بين الدول

الاعتماد على طرق مختلفة لرصد الهلال يؤدي إلى تباين في مواعيد عيد الفطر بين الدول الإسلامية. فقد تعلن السعودية العيد في يوم معين بناءً على رؤية الهلال، بينما قد تتأخر دول أخرى، مثل المغرب وسلطنة عمان، في إعلان العيد بيوم إضافي بسبب عدم ثبوت رؤية الهلال لديها.
في بعض الدول غير الإسلامية، مثل فرنسا وألمانيا، يُترك الأمر للمجالس الإسلامية التي تعتمد غالبًا على الحسابات الفلكية لتحديد موعد العيد، مما يساعد الجاليات المسلمة هناك على تنظيم صلوات العيد والاحتفالات مسبقًا. أما في دول مثل الهند وباكستان وبنغلاديش، فلا يزال الاعتماد الأساسي على الرؤية البصرية المحلية، وهو ما يؤدي في بعض الأحيان إلى احتفال المسلمين هناك بالعيد في يوم مختلف عن بقية الدول الإسلامية.
تأثير الظروف المناخية والجغرافية

تلعب الظروف الجوية والموقع الجغرافي دورًا كبيرًا في إمكانية رؤية الهلال. ففي بعض المناطق، مثل المملكة المتحدة وكندا، قد يكون من الصعب رؤية الهلال بسبب الغيوم أو الضباب الكثيف، مما يجعل اللجان الشرعية في هذه الدول تعتمد على إعلانات الدول الإسلامية الأخرى. أما في دول جنوب شرق آسيا، مثل إندونيسيا وماليزيا، فإن نسبة الرطوبة العالية قد تؤثر على وضوح الرؤية، بينما في الدول العربية ذات الأجواء الصحراوية، يكون من الأسهل رؤية الهلال نظرًا لصفاء السماء.
محاولات توحيد موعد العيد
مع كل عام، تتكرر الدعوات لتوحيد موعد عيد الفطر بين الدول الإسلامية، وذلك لتجنب حالة الارتباك التي تحدث عندما يحتفل جزء من العالم الإسلامي بالعيد بينما يكمل الآخرون صيامهم. ورغم الجهود المبذولة، لا يزال التباين قائمًا، إذ ترى بعض الجهات أن الحسابات الفلكية توفر دقة أكبر وتقلل من الخلافات، بينما يصر آخرون على ضرورة الالتزام بالرؤية الشرعية التقليدية، باعتبارها الوسيلة التي استخدمها النبي محمد ﷺ وأصحابه.
الطقوس المصاحبة لعيد الفطر
رغم الاختلاف في تحديد موعد العيد، إلا أن مظاهر الاحتفال تبقى متشابهة في معظم الدول الإسلامية. يبدأ اليوم بصلاة العيد في المساجد والساحات العامة، حيث يتجمع المسلمون لأداء الصلاة والاستماع إلى خطبة العيد، التي غالبًا ما تتناول معاني الفرح والتكافل الاجتماعي.
بعد الصلاة، تبدأ الزيارات العائلية، حيث يتبادل الأقارب والأصدقاء التهاني ويقدمون الحلويات التقليدية.
في بعض الدول، مثل مصر وسوريا، يتم تحضير كعك العيد والمعمول المحشو بالتمر والمكسرات.
أما في المغرب، فتشتهر أطباق "الشباكية" و"البغرير"، بينما يتميز العيد في باكستان والهند بحلوى "سيفيان" المصنوعة من الشعيرية والحليب.
في بعض الدول، تأخذ الاحتفالات طابعًا أكثر تنظيمًا، مثل إندونيسيا، حيث تُقام مسيرات ضخمة تُعرف باسم "تاكبيران"، حيث يخرج الناس إلى الشوارع وهم يرددون تكبيرات العيد ويحملون الفوانيس المضاءة. أما في بعض دول الخليج، فيتم تنظيم عروض للألعاب النارية والحفلات الموسيقية في الأماكن العامة.
رغم أن عيد الفطر يمثل مناسبة دينية موحدة للمسلمين، إلا أن اختلاف طرق تحديد موعده يخلق تباينًا بين الدول. ومع استمرار الجدل بين اعتماد الحسابات الفلكية والرؤية البصرية، يبقى الأهم أن العيد يجمع المسلمين في أجواء من الفرح والتسامح، حيث يتجدد فيه الشعور بالترابط الأسري والاجتماعي، ويؤكد على قيم الإسلام في المحبة والعطاء.