مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

مشهد وطني مهيب.. المصريون على خط النار من أجل فلسطين

نشر
الأمصار

لبى آلاف المصريين من كافة المحافظات نداء الوطن والقضية، واحتشدوا في مدينة العريش بشمال سيناء في مصر، في واحدة من أكبر الوقفات الشعبية التي تشهدها مصر خلال السنوات الأخيرة، دعماً لصمود الشعب الفلسطيني ورفضاً قاطعاً لمحاولات تهجيره إلى الأراضي المصرية.

حدث وطني أممي الطابع.. الرسالة واحدة: لا تهجير، لا تصفية

من القاهرة إلى أسوان، من الغربية إلى الوادي الجديد، توجّهت الحشود في مسيرة تضامن وطني فريدة، لم تفرّق بين عمر أو فئة أو انتماء. نساء ورجال، طلاب وعمال، شيوخ وشباب، جميعهم اصطفوا على قلب رجل واحد، ليُرددوا هتافات ما زالت تتردد في صحراء سيناء: "غزة ليست للبيع - لا للتهجير - 100 مليون وراك يا ريس - فلسطين للفلسطينيين - سيناء مش للبيع".

القبائل تستقبل الوطن.. مشايخ سيناء في الصفوف الأولى

كعادتها في المواقف الحاسمة، تصدّت القبائل السيناوية لمشهد الاستقبال، وأعلنت رفضها القاطع لأي سيناريو يطرح سيناء كبديل لغزة.

وقال الشيخ سلامة الأحمر، أحد رموز قبائل الترابين، بلهجة صارمة: "نحن من روينا رمال سيناء بدمائنا.. لن نسمح أن تكون أرضنا ورقة في مؤامرة دولية".

كما أكدت القيادات الشعبية، أن أبناء سيناء الذين وقفوا بجانب الجيش في محاربة الإرهاب، سيقفون بنفس العزيمة ضد أي مساس بسيادة أراضيهم أو ابتزاز لضمير الأمة.

مشهد مهيب في مطار العريش.. السيسي وماكرون وسط الجماهير

في تحرّك ذي دلالة سياسية وإنسانية كبيرة، شارك الرئيس عبد الفتاح السيسي وضيفه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الحشود، حيث حرصا على تحية الجماهير المحتشدة على مدخل مطار العريش، وهو ما قابله المواطنون بهتافات الحب والدعم والتأييد.

هذا التفاعل الشعبي مع القيادة حمل رسالة قوية إلى العالم، مفادها أن الدولة المصرية وشعبها في انسجام تام خلف موقف واحد: لا للتهجير، لا للمساومة، لا للتفريط.

الصعيد والوجه البحري في طليعة الصفوف

مواطنون من أسوان والأقصر والمنيا وسوهاج، وصولاً إلى البحيرة والدقهلية والشرقية، شاركوا بعائلاتهم، وتحملوا مشقة السفر ليؤكدوا أن فلسطين تسكن القلب المصري من الشمال إلى الجنوب.

قال أحد المشاركين من محافظة الأقصر: "جئنا من الصعيد لا لنشهد فقط، بل لنقول إن كرامة فلسطين من كرامة مصر، وإن من يعتقد أن الصعيد بعيد جغرافيًا فهو لا يفهم الجغرافيا ولا يفهم الوطن".

اللافتات تتحدث بلغة الوطن والوعي

تنوّعت اللافتات التي رفعها المشاركون، لكن اتفقت جميعها على المضمون الوطني والقومي: "مصر سند لا منفذ - لن نسمح بتهجير أهلنا - من العريش لرفح.. الأرض مش للبيع - القيادة والشعب إيد واحدة - التاريخ لا يُزوّر.. وسيناء لا تُشترى".

اللافت أن عدداً من اللافتات كانت من تصميم طلاب جامعات ومجموعات شبابية، ما يعكس وعي الجيل الجديد بمخاطر المرحلة، وإدراكه لجوهر الصراع القائم.

وقفة.. ورسالة إلى العالم
لم تكن الفعالية مجرد وقفة رمزية، بل كانت رسالة قوية إلى المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية والأمم المتحدة، بأن أي محاولة لفرض واقع جديد عبر التهجير القسري ستُواجه بجدار شعبي وصلب من الرفض والاحتجاج.

وصرّح أحد المشاركين من أبناء رفح:"نحن خط الدفاع الأول عن سيناء.. وإذا كانت الحروب تُحسم أحياناً في غرف السياسة، فإن معركة الأرض تُحسم فقط بالإرادة الشعبية".

نواب وشيوخ يشاركون الموقف الشعبي

شارك عدد من نواب مجلسي الشيوخ والنواب في الوقفة، وأكدوا أن الحراك الشعبي يتسق تمامًا مع توجه الدولة المصرية في الحفاظ على أمنها القومي ودعمها الثابت للحقوق الفلسطينية.

النائب فايز أبو حرب قال: "مصر لن تقبل أن تتحول سيناء إلى مأوى للاجئين أو ساحة لتصفية القضية، وأبناء سيناء وعموم الشعب المصري يرسلون اليوم رسالة سياسية بامتياز للعالم كله".

صوت الشعب.. وصدى الموقف

خلال الوقفة، أُطلقت مكبرات الصوت لتذيع الأناشيد الوطنية وأغاني دعم القضية الفلسطينية، بينما شكّلت السيدات المصريات سلسلة بشرية على أطراف ساحة الوقفة، حاملات أعلامًا كتب عليها "القدس لنا"، و"العريش تقول لا".

في مشهد مؤثر، وقف طفل لا يتجاوز السابعة من عمره، يلوّح بالعلمين المصري والفلسطيني، مرددًا مع والده: "سيناء مش للبيع.. وغزة مش للتهجير".

مصر تقول كلمتها

اليوم، من العريش، قالت مصر كلمتها بكل وضوح: سيناء ليست أرضًا بديلة، والقضية الفلسطينية ليست عبئًا بل واجبًا، وقالها الشعب، ورددها القادة، وأكّدها التاريخ: فلسطين للفلسطينيين، وسيناء للمصريين، والكرامة لا تهجَّر.