مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

أوروبا تضخ 1.8 مليار دولار لإنقاذ السلطة الفلسطينية.. هل يضع حلًا للدولتين؟

نشر
الأمصار

في خطوة عاجلة لحماية الاقتصاد الفلسطيني من الانهيار التام، أعلن الاتحاد الأوروبي عن حزمة مساعدات ضخمة بقيمة 1.8 مليار دولار لصالح السلطة الفلسطينية. 

وتهدف هذه المساعدات إلى دعم السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة في مواجهة الأزمة المالية التي تهدد بقاء المؤسسات الفلسطينية في ظل الضغوط السياسية والاقتصادية التي تواجهها.

يأتي هذا الدعم في وقت حساس للغاية، حيث تواجه السلطة الفلسطينية تحديات غير مسبوقة، منها التأخر في صرف الرواتب بسبب العجز المالي الحاد، وقطع المساعدات من بعض الدول العربية، مع استمرار القيود الإسرائيلية على الاقتصاد الفلسطيني في الضفة الغربية وغزة، بالإضافة إلى التوترات الأمنية المتزايدة في المنطقة.

أزمة اقتصادية خانقة في الضفة الغربية

الضفة الغربية تعتبر الركيزة الاقتصادية للسلطة الفلسطينية، ومع ذلك فهي تعاني من أزمات متفاقمة تؤثر على اقتصادها الوطني. 

أبرز هذه الأزمات هي القيود الاقتصادية المفروضة من قبل إسرائيل والتي تؤثر بشكل كبير على حركة التجارة، حيث تسيطر إسرائيل على معابر الضفة الغربية، مما يعوق حركة البضائع الفلسطينية.

 بالإضافة إلى ذلك، تعاني الضفة من ارتفاع تكاليف الحياة بسبب ارتفاع أسعار السلع الأساسية.

ومنذ عام 2015، بدأ الاقتصاد الفلسطيني في الضفة الغربية يعاني من تباطؤ كبير، حيث فقدت السلطة الفلسطينية حوالي 30% من إيراداتها بسبب التقليل الإسرائيلي للمقاصة المالية. 

ولجأت السلطة الفلسطينية إلى الاستدانة من البنوك المحلية لتغطية العجز في الميزانية، مما أدى إلى ارتفاع نسبة الدين العام بشكل غير مسبوق.

أزمة الرواتب وانخفاض الإيرادات في الضفة

من أبرز أوجه الأزمة في الضفة الغربية هو الضغط المتزايد على الحكومة الفلسطينية لتوفير الرواتب الشهرية لموظفي القطاع العام. 

وفي عام 2023، أعلنت وزارة المالية الفلسطينية أن هناك تأخيرًا في صرف الرواتب بسبب عجز مالي بلغ مئات الملايين من الدولارات. 

وقد أدى ذلك إلى تدهور المستوى المعيشي للفلسطينيين، خاصة مع عدم وجود بدائل كافية للحد من تأثير الأزمة على الشعب الفلسطيني.

وفي الوقت ذاته، الحكومة الفلسطينية تواجه تحديات في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، حيث لا تزال تعتمد على الاقتصاد الريعي، الذي يعتمد بشكل كبير على المعونات الدولية والمقاصة من إسرائيل.

غزة.. أسوأ أزمة إنسانية في القرن الواحد والعشرين

يعتبر قطاع غزة أكثر المناطق الفلسطينية تأثراً بالأزمة الاقتصادية والانهيار المالي. 

فقد عانى القطاع من حصار إسرائيلي خانق منذ عام 2007، مما أدى إلى تدمير البنية التحتية بشكل كامل.

 ومنذ ذلك الحين، يواجه سكان غزة أسوأ الظروف المعيشية في العالم، مع ارتفاع معدلات الفقر والبطالة إلى مستويات غير مسبوقة.

الحصار الإسرائيلي وتأثيره على الحياة اليومية

وفي غزة، القطاع الصحي يعاني بشكل خاص من نقص حاد في الأدوية والمعدات الطبية بسبب القيود الإسرائيلية على إدخال المواد الأساسية إلى القطاع. 

كما أن المستشفيات تعاني من الضغط الشديد نتيجة العدد الكبير من الجرحى والمصابين الذين يصلون إليها نتيجة للغارات العسكرية الإسرائيلية.

أشار تقرير للأمم المتحدة في عام 2023 إلى أن نسبة الأسر الفلسطينية في غزة التي تعيش تحت خط الفقر تجاوزت 53%، بينما نسبة البطالة وصلت إلى 50%، ما يجعلها من أعلى المعدلات في العالم.

وتواجه الأسر الفلسطينية تحديات كبيرة للحصول على الاحتياجات الأساسية مثل المياه الصالحة للشرب، فضلاً عن انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة.

الدمار الكبير الذي خلفته الحروب الأخيرة

ومنذ عام 2007، تعرض قطاع غزة لعدة حروب عنيفة مع إسرائيل، كان آخرها في عام 2021، حيث شهد القطاع موجات دمار هائلة في مختلف المجالات. تم تدمير آلاف المنازل، والمرافق التعليمية، والمراكز الصحية. 

وقدرت الأمم المتحدة حجم الأضرار الاقتصادية في غزة جراء الحروب الأخيرة بحوالي 2.4 مليار دولار، بينما لا تزال عملية إعادة الإعمار تواجه صعوبات كبيرة بسبب الحصار الإسرائيلي.

التحديات الاقتصادية والاجتماعية في غزة

ورغم الدعم الدولي الموجه إلى غزة، إلا أن هذه المنطقة تواجه تحديات كبيرة في الحصول على التمويل الكافي لإعادة بناء البنية التحتية المتضررة. 

العديد من المشروعات التنموية في قطاع التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية تأثرت بشكل مباشر بسبب الحصار الإسرائيلي، مما جعل المساعدات الدولية لا تلبي احتياجات القطاع بشكل كافٍ.

الضغوط السياسية: توترات بين فتح وحماس

إلى جانب الضغوط الاقتصادية، فإن التوترات السياسية بين حركتي فتح وحماس لا تزال تؤثر بشكل كبير على الوضع الفلسطيني. 

فبعد انقسام السلطة الفلسطينية بين الضفة الغربية وغزة، أصبحت التنسيق بين حكومتي رام الله وغزة ضعيفًا، مما أثر على قدرة السلطة الفلسطينية على توحيد الجهود وتقديم خدمات أساسية للمواطنين في كلا الجانبين.

تعتبر المصالحة الوطنية الفلسطينية أحد الحلول الأساسية لمعالجة العديد من المشاكل الداخلية التي تعيق التنمية المستدامة وتحد من قدرة السلطة الفلسطينية على مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية.

تفاصيل الدعم الأوروبي وسبل تأثيره على الأوضاع الفلسطينية

في إطار هذه الأزمة العميقة، أتى الدعم الأوروبي ليعزز القدرة الاقتصادية للسلطة الفلسطينية ويضمن استمرار عمل المؤسسات الحكومية في الضفة الغربية وقطاع غزة.

و من أبرز ملامح الدعم الأوروبي الذي أعلن عنه الاتحاد الأوروبي:

دعم الموازنة الفلسطينية وتخصيص ما يقارب 500 مليون دولار سنويًا لدعم رواتب الموظفين العموميين.

دعم القطاع الصحي عبر توفير الأدوية والمعدات الطبية إلى قطاع غزة، الذي يعاني من نقص حاد في المواد الصحية.

مشروعات تنموية في مناطق غزة والضفة الغربية لزيادة قدرة القطاع الخاص على التكيف مع الأزمات الاقتصادية.

مشاريع تيسير التجارة لدعم حركة السلع بين الضفة وغزة، مع التركيز على تحسين البنية التحتية اللوجستية.

الإجراءات اللازمة للتغلب على الأزمة

ومن جانبه، يرى الخبراء أنه لا يمكن الاعتماد فقط على الدعم المالي الدولي لحل الأزمة الفلسطينية، بل يجب العمل على حلول سياسية مستدامة تشمل تحقيق المصالحة الفلسطينية وإيجاد حلول جذرية للتوسع الاستيطاني الإسرائيلي وتحقيق السلام العادل في المنطقة.