تعرف على إرث الدبلوماسية الاقتصادية للبابا فرنسيس

توفي البابا فرنسيس يوم الإثنين، وخسارته التي يعايشها العالم الآن تعود إلى ارتباط حياته وآرائه بما يحدث في عالم الأعمال والسياسة.
ووفقًا لصحيفة نيويورك تايمز، ترك البابا فرنسيس إرثًا لا يُنسى من الدبلوماسية الاقتصادية، حيث كان الرؤساء التنفيذيون وقادة الشركات من جميع الأديان يأتون بانتظام لإخباره بخططهم المتعلقة بالمسؤولية الاجتماعية والبيئية والحوكمة، وكان منهم من يذهب لطلب موافقته ومباركته على هذه الخطط.
وبخلاف الكثيرين الذين يعتبرون أن المسؤولية الاجتماعية والبيئية هي مجرد مثل عليا وشعارات عن الفضيلة، أو تسويق للمثالية، فإن تعاملات البابا فرنسيس مع هذه التفاعلات كانت حقيقة وممارسة مستمرة فيما بينه وبين قادة الشركات، وقد انعكس ذلك على العديد من قادة الأعمال الذين رأوا الأمر أكثر من ذلك بكثير.
وتستعرض نيويورك تايمز فيما يلي ما كان للبابا فرنسيس من إرث في عالم الاقتصاد والأعمال، لِيستلهم منه خلفاؤه ومن يتطلع من قادة الأعمال إلى السير على النهج نفسه.

البابا فرنسيس وعالم الاقتصاد والأعمال
بينما يُحيي العالم ذكرى رحيل البابا فرنسيس، يتضح جليًا جانبٌ من إرثه، وهو تواصله مع مجتمع الأعمال العالمي وانتقاده له.
ومنذ بداية مسيرته الكهنوتية، مُتشبعًا باللاهوت اليسوعي، شدد البابا الراحل على هموم الفقراء.
لكن بصفته سفيرًا عالميًا للكاثوليكية الرومانية، التقى فرنسيس مرارًا بقادة الأعمال العالميين، وحرص على بناء جسور التواصل معهم، ومُنتقدًا في الوقت نفسه ما اعتبره تجاوزات الرأسمالية الحديثة.
هذا بالإضافة إلى لقاءاته مع القادة السياسيين الوطنيين، وآخرها مع نائب الرئيس الأمريكي، جيه دي فانس يوم الأحد، والذي جاء بعد انتقاد البابا لسياسات مكافحة الهجرة، فيما اعتُبر توبيخًا لإدارة ترامب.
لقاء البابا فرنسيس بشكل متكرر بقادة الشركات
تقول الصحيفة، إن البابا فرنسيس حرص بشكل متكرر على اللقاء بقادة الشركات بمن فيهم أقطاب التكنولوجيا مثل تيم كوك من أبل وإريك شميدت، الرئيس السابق لشركة ألفابت، وكبار المسؤولين الماليين مثل برايان موينيهان من بنك أوف أمريكا وستيف شوارزمان من بلاكستون؛ وقادة شركات إكسون موبيل وشيفرون وبي بي.
كما دخل في تحالفات مع شركات كبرى، بما في ذلك دعم مجموعة تُعنى بالقضايا البيئية، وهي مجلس الرأسمالية الشاملة، بالتعاون مع الفاتيكان، والتي عملت مع شركات تُقدر قيمتها السوقية بتريليونات الدولارات.
إشادة البابا بعناصر الاقتصاد والأعمال الحديثة
وصف البابا فرنسيس الإنترنت عام ٢٠١٤ بأنه "هبة من الله"، وناقش الصعود الواعد للذكاء الاصطناعي وما يطرحه من وعود وتطلعات، ووصف الأعمال التجارية عمومًا بأنها "رسالة نبيلة".
في الوقت نفسه، أثار استعداده للتواصل مع الآخرين قلق بعض النقاد، الذين خشوا أن تجعله جذوره اللاهوتية معاديًا للرأسمالية.
لكن البابا فرنسيس ذكّر قادة الشركات باستمرار بألا ينسوا الفقراء، وكتب في رسالة إلى الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، سويسرا، عام ٢٠١٦، "يجب ألا نسمح أبدًا لثقافة الرخاء بأن تُخمد همومنا، وأن تجعلنا غير قادرين على الشعور بالتعاطف مع صرخات الفقراء، والبكاء على آلام الآخرين، والشعور بالحاجة إلى مساعدتهم، كما لو كانت كل هذه مسؤولية شخص آخر وليست مسؤوليتنا".
وفي العام الماضي، أخبر مجموعة من رواد الأعمال أن "القليل من العمل الخيري" لا يكفي لتعويض التزامات الشركات تجاه المحتاجين.
وشمل تركيز فرنسيس على قضايا المناخ، أن حثّ الرؤساء التنفيذيين لشركات الطاقة واستثماراتهم على العمل نحو مستقبل منخفض الكربون.
وقال في عام ٢٠١٩، "ليس لدينا رفاهية انتظار الآخرين للتقدم أو إعطاء الأولوية للفوائد الاقتصادية قصيرة الأجل"، فيما يخص هذا القطاع.
كما حذّر من الجانب السلبي المحتمل للذكاء الاصطناعي ومن أنه قد يُوسّع فجوة التفاوت العالمي ويُسهم في "أزمة حقيقة متنامية في المجال العام"، وفي خطابٍ ألقاه في اجتماع دافوس هذا العام، قال فرانسيس في هذا الشأن، "لا ينبغي أبدًا انتهاك كرامة الإنسان من أجل الكفاءة".
هل سيتبع البابا القادم هذا النهج؟
رفع البابا فرنسيس العديد من الكرادلة الذين سيختارون خليفته، على الرغم من تشكيك البعض في جهوده للتفاعل مع العالم العلماني.
ووفقًا لسوق التنبؤات الإلكتروني "بولي ماركت"، فإن أبرز المرشحين لعرش القديس بطرس هم الكاردينال بييترو باولين، الذي يُعتبر مرشحًا للاستمرارية على نفس النهج، ولويس أنطونيو تاجلي، الذي يُعتبر أيضا على نهج فرنسيس اللاهوتي.