مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

سرقة الأرض والذاكرة.. كيف تسعى إسرائيل لمحو آثار فلسطين؟

نشر
غزة
غزة

في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي العنيف على قطاع غزة، لم يقتصر الاحتلال على استهداف الإنسان الفلسطيني، بل تجاوز ذلك إلى محاولة محو الذاكرة والهوية الوطنية الفلسطينية عبر تدمير المؤسسات الثقافية والمواقع التراثية والمراكز الفنية، في مشهد يعكس بوضوح منهجية الاستهداف الشامل للثقافة الفلسطينية.

العدوان الإسرائيلي على غزة: استهداف للهوية الثقافية والتراثية الفلسطينية

وكشف إبراهيم علوان، مدير عام التراث في وزارة الثقافة الفلسطينية، عن آثار العدوان الإسرائيلي على البنية الثقافية والتراثية في غزة والضفة الغربية وسائر الأراضي الفلسطينية المحتلة.

دمار واسع طال المراكز الثقافية والمواقع التراثية

أكد إبراهيم علوان أن وزارة الثقافة الفلسطينية، بتوجيه من وزير الثقافة الأستاذ عاطف أبو سيف، شرعت منذ الأيام الأولى للعدوان في عمليات رصد وتوثيق الدمار الذي لحق بالمؤسسات الثقافية والمواقع التراثية. وأوضح أن حجم الدمار كان هائلاً، حيث شمل:

تدمير كامل لـ 55 مركزاً ثقافياً من أصل 105 مراكز وجمعيات ثقافية، فيما تعرضت المراكز الأخرى لتدمير جزئي.

تدمير ثلاث مسارح رئيسية في قطاع غزة بشكل كامل.

تدمير 87 مكتبة بشكل شبه كامل، بما فيها مكتبات كبرى مثل مكتبة الجامع الكبير (مكتبة الظاهر بيبرس) ومكتبة منصور الياس زجي.

تدمير أو سرقة محتويات 325 موقعاً أثرياً وتراثياً، شملت مخطوطات ووثائق تاريخية نادرة تعود لأكثر من 150 عاماً.

استهداف دور النشر، حيث دمرت 8 دور نشر بشكل كامل وتضررت أخرى بشكل جزئي.

سرقة وتدمير ما يزيد عن 2100 قطعة تراثية من أصل 3500 قطعة.

استشهاد أكثر من 130 فناناً وكاتباً ومثقفاً فلسطينياً، من بينهم الكاتبة فاطمة حسونة التي استشهدت مع عشرة من أفراد عائلتها.

وأشار علوان إلى أن مواقع تراثية مسجلة على قائمة التراث العالمي مثل موقع تل العامر قد تعرضت لأضرار جسيمة، حيث يحتوي هذا الموقع على أرضيات فسيفسائية ذات قيمة تاريخية نادرة.

الضفة الغربية والقدس.. في مرمى الاستهداف أيضاً

وأوضح مدير عام التراث أن الاعتداءات الإسرائيلية لم تقتصر على غزة، بل امتدت إلى الضفة الغربية والقدس، حيث تم تعطيل العديد من الفعاليات الثقافية بفعل الحصار وتقطيع أوصال الضفة، والاقتحامات العسكرية المتكررة. كما فرضت قيود مالية وأمنية على مراكز ثقافية بارزة، مثل جمعية الملتقى الشبابي للتراث في القدس ومسرح الحكواتي.

وأكد علوان أن الاحتلال يسعى منذ عام 1948 إلى طمس الرواية والسردية الفلسطينية، وأن الحرب الحالية تكثف من هذا المسعى عبر استهداف كل ما يمثل الهوية الوطنية من بشر وحجر وتراث وثقافة.

خطة فلسطينية لإعادة إعمار المشهد الثقافي

وحول جهود إعادة بناء المشهد الثقافي في غزة، أشار علوان إلى أن وزارة الثقافة وضعت خطة واضحة تقوم على عدة محاور رئيسية، أبرزها:

أولوية الإنسان الفلسطيني: حيث يتم التركيز أولاً على توفير احتياجات الإنسان الأساسية مثل العلاج والرعاية الصحية، مع إعطاء أولوية قصوى للكوادر الثقافية المتضررة.

حصر وتوثيق الأضرار: عبر فرق متخصصة تعمل على جمع البيانات حول المؤسسات المدمرة والمخطوطات والمقتنيات الأثرية التي فُقدت أو سُرقت.

الدعم النفسي والمالي للمبدعين والفنانين: لضمان استمرارهم في أداء دورهم في حماية الهوية الثقافية.

حملات توثيق التراث غير المادي: بما يشمل رواية القصص الشعبية والذاكرة الشفوية، حفاظاً على الإرث الوطني من الاندثار.

إطلاق مبادرات لإحياء الحياة الثقافية: عبر تنظيم ورش عمل، معارض، وأمسيات ثقافية لتعزيز الصمود الثقافي في وجه الاحتلال.

الثقافة الفلسطينية.. عصية على الانكسار

وفي ختام اللقاء، شدد إبراهيم علوان على أن الاحتلال، رغم دماره واستهدافه الممنهج، لن يستطيع القضاء على الهوية الثقافية الفلسطينية، مشيراً إلى أن هناك جيلاً فلسطينياً جديداً من الأطفال والشباب الذين يحملون مشعل الثقافة، وقادرون على الدفاع عن إرثهم الوطني رغم كل التحديات.

وقال علوان: “الاحتلال يستطيع أن يدمر المباني، لكنه لا يستطيع أن يهزم الإرادة ولا أن يمحو الرواية الفلسطينية. ثقافتنا ستظل حية نابضة بفضل صمود وإبداع شعبنا”.