«رسائل المظلومية» لإخوان تونس.. محاولة للهروب من «مصير التسفير»

من خلف أسوار السجون، يحاول الإخوان في تونس مجدداً العزف على أوتار المظلومية، عبر رسائل مشحونة بالعواطف، هدفها استدرار تعاطف الشارع التونسي قبل صدور الأحكام في قضايا مصيرية أبرزها ملف التسفير.
في مشهد يبدو نسخة مكررة من أساليبهم التقليدية، يراهن التنظيم على استغلال العبارات الاستعطافية للهروب من المساءلة القانونية.
إلا أن محاولات الإخوان هذه المرة تصطدم بوعي تونسي جديد، أدرك اللعبة بعد سنوات من المعاناة والوعود الخادعة.
وبجمل يائسة وعبارات استعطافية، توجه الإخواني البارز نائب رئيس حركة النهضة، علي العريض، برسالة إلى أنصاره، زاعما براءته من قضية التسفير إلى بؤر التوتر.
وانتهى الجمعة القضاء التونسي من مرحلة استجواب المتهمين في قضية التسفير ومن المنتظر أن ينطلق يوم الثلاثاء في مرافعات المحامين.
محاولات يائسة
ووفق الناشط والمحلل السياسي التونسي نبيل غواري، فإن العريض يتقن اللعب على أوتار المظلومية ويستخدم الأسلوب ذاته لتنظيم الإخوان لكسب تعاطف التونسيين خاصة مع اقتراب النطق بالأحكام في قضية التسفير.
وأكد الناشط والمحلل السياسي التونسي نبيل غواري، أن العريض شغل سابقا منصبي وزير الداخلية (بين 2011 و2013) ورئيس حكومة (بين 14 مارس 2013 إلى 29 يناير 2014 )، وخلال تلك الفترة وبتسهيلات منه ومن راشد الغنوشي والإخواني حمادي الجبالي (رئيس حكومة أسبق) تم تسفير 2850 من شباب تونس إلى سوريا للانضمام لصفوف تنظيم داعش الإرهابي.
كما يعد العريض، وفق الناشط والمحلل السياسي التونسي نبيل غواري، من أخطر قيادات الإخوان، موضحا أن ما يقوم به هو حركة استعراضية يائسة تهدف إلى لفت الأنظار بعد أن انهار تنظيمه عربيا ودوليا.
وعادت حركة النهضة لتسويق خطاب المظلومية الذي دأبت عليه منذ ثمانينيات القرن الماضي، في محاولة لاستدرار عطف التونسيين، بحسب المحلل السياسي، موضحا أن العريض يعرف جيدا حجم تورطه في قضية التسفير لكنه يريد إيهام التونسيين ببراءة غير موجودة.

قضية التسفير
وفي ديسمبر 2022، أصدر قاض تونسي أمرا بالسجن بحق رئيس الوزراء التونسي السابق علي العريض نائب رئيس حزب النهضة، فيما يعرف بملف تسفير التونسيين إلى بؤر التوتر (سوريا).
تولى علي العريض وزارة الداخلية بين 2011 و2013، ثم رئاسة الوزراء في تونس من 2013 إلى 2014، وهي الفترة التي نشطت فيها شبكات التسفير وتنامى فيها عدد المتطرفين.
وسبق أن وثقت لجنة مكافحة الإرهاب بتونس وجود أكثر من 3 آلاف إرهابي تونسي في سوريا وليبيا والعراق حتى عام 2018، عاد منهم قرابة الألف إلى بلادهم.
وفي تصريحات إعلامية سابقة، قال عدد من الأمنيين التونسيين إن تنظيم الإخوان لعب دورا رئيسيا في تسهيل عبور الإرهابيين عبر مطار قرطاج وصولا لبؤر التوتر، إضافة إلى تدريب عدد من الشباب على استعمال الأسلحة في 3 مراكز تابعة لوزارة الداخلية وتمرير حقائب من الأموال.
ويعتبر العريض أحد أهم قادة الإخوان في تونس، وذلك عقب محاكمة قيادة الحركة في منتصف عام 1981، ثم في عام 1987 حكم عليه بالإعدام غيابيا، وألقي القبض عليه بعد وصول زين العابدين بن علي الرئيس التونسي الراحل، إلى السلطة في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 1987، ليصدر عليه نفس الحكم بالإعدام.
لكن الحكم لم ينفذ ثم صدر عفو بشأنه لاحقا، وتولى بعد ذلك الأمانة العامة لحركة النهضة حتى ألقي عليه القبض في ديسمبر 1990، ومثل أمام المحاكمة ضمن قيادات الحركة في صيف 1992، وحكم عليه بـ15 عاما سجنا.
وبعد خروجه من السجن، عاد إلى الظهور والمشاركة باسم حركته فيما عرف بـ"هيئة 18 أكتوبر (تشرين الأول) للحقوق والحريات" التي ضمت مجموعات من الإسلام السياسي ويساريين وليبراليين وقوميين. وعقب 2011 وسقوط نظام بن علي عاد العريض للواجهة حتى وصل لمنصب رئيس الحكومة.