منى صفوان تكتب: موقع إيران في العراق.. هل عاد خطوة إلى الخلف.. وكيف نفهم زيارات الزعماء العرب الأولى من نوعها لبغداد؟
يبدو الزخم السياسي الذي تشهده العاصمة العراقية غير مسبوق، مؤتمرات اقليمية، واتفاقيات اقتصادية وسياسية، ونشاط للمجتمع المدني، لتظهر بغداد قبلة زعماء المنطقة، وكبار صانعي السياسات الدولية، إلى جانب الزخم الإعلامي المرافق.
في الصورة الجماعية الرسمية للمشاركين في مؤتمر بغداد للشراكة والتعاون، أثار وزير الخارجية الإيراني الجدل، وهو يخالف البرتوكول ليتقدم خطوة إلى الإمام، بعيدًا عن موقعه في الخلف بجوار وزراء الخارجية.
وبعيدًا عن المشهد الذي لا يحمل أي تبعات سياسية، إلا أن السؤال المطروح، هل كانت بغداد ستشهد هذا الزخم وزيارات الزعماء العرب قبل عام من الآن فقط، قبل مقتل قاسم سليماني!
ما الذي حدث في العراق منذ غياب الرجل العسكري الأول في إيران منذ يناير 2020!، وماذا سيحدث بعد زيارة هي الأولى من نوعها لرئيس مصري منذ 13 عامًا، إضافة للملك الأردني، وأمراء دول الخليج العربي، ليظهر التوجه العربي الجديد تجاه العراق.
هل ضعف دور إيران في العراق، منذ مقتل سليماني، وأصبح القرار العراقي أكثر حرية مما كان قبل يناير 2020.
قبل أسابيع عقد في بغداد تحالف جديد بين مصر، العراق، والأردن، حيث استقبلت بغداد لأول مرة رئيسًا مصريًا منذ أكثر من عقد ونيف، وهو العقد الذي شهد ذروة النفوذ الإيراني.
لقد كان العراق مغلق، على إيران وزعمائها، ولكن مطار بغداد حيث قتل سليماني أصبح يستقبل خلال أشهر قليلة طائرات الزعماء العرب، مما يوحي أن وجود النفوذ العسكري الإيراني القوي في العراق كان حائلًا للتواصل والوصول العربي.
نعود إلى موقع إيران في الصورة، وإن ظهر شكليًا، لكنه يكشف في العمق عن اضطرار إيران لتشارك العلاقة مع العراق
مع دول المنطقة، مما يجعلنا نتوقع أن تقوية التحالفات العربية ستضعف موقع إيران في أهم موقع إستراتيجية لها.
ليس من السهل تنازل إيران عن العراق، لأهميتها الجيوسياسية، وبعدها الأمني، لكن إيران ذكية وتعلم أنه لم يعد يمكنها الانفراد بالقرار العراقي.
إلى الآن تبدو علاقة إيران بمصر جيدة، أو محايدة، خاصة أن مصر هي أكبر حلفاء العراق الجدد، وتنوي فتح خطوط اقتصادية لنقل النفط العراقي، فموافقة مجلس الوزراء العراقي على تجديد عقد الهيئة المصرية العامة للبترول، بإجمالي 12 مليون برميل نفط من خام البصرة الخفيف لعام 2021.
التحالف العربي تحت سماء العراق بما يعرف “بديبلوماسية الطاقة” يعني سحب العراق بهدوء من دائرة السيطرة الإيرانية، لتبدو إيران مضطرة على قبول الوضع الراهن.
وهناك إشارة أخرى بالغة الأهمية وهي الوساطة العراقية بين المملكة العربية السعودية وإيران، وتبدو أنها تتقدم وكان مؤتمر العراق أحد نتائجها، وهو ما يدعو للتساؤل هل كان تقارب من هذا النوع متاحًا قبل يناير 2020.
لاشك بأن مقتل سليماني ضرب قوة ونفوذ إيران في المنطقة برمتها وليس فقط في العراق، وسيبدو مع الوقت أن هذا النفوذ كان معتمدًا على رجل واحد فقط، ولعل إيران نفسها أحد المستفيدين من التخلص من رأس القوة العسكرية الإيرانية، ليمكنها رسم سياسية تقارب جديدة، تمهد لها التقارب مع الجوار ومع الغرب والولايات المتحدة الاميركية لرفع العقوبات.