مخاطر تنظيم داعش في السودان.. ودعوات إقامة “إمارة الحبشة”
أعلن السودان، اليوم الثلاثاء، تفكيك خلية إرهابية تابعة لتنظيم داعش بالخرطوم وتوقيف 11 من عناصرها.
وقال جهاز الأمن والمخابرات العامة بالسودان، في بيان، إن 5 بينهم ضابطان و3 ضباط صف من المخابرات قتلوا بالرصاص أثناء عملية المداهمة.
وتأتي هذه العملية ضمن جهود جهاز المخابرات السودانية بالتعاون مع الأجهزة الأمنية لمحاربة ومكافحة تنظيم داعش الإرهابي، والسيطرة على أنشطته داخل السودان.
بداية ظهور داعش في السودان
ظهر تنظيم “داعش” في السودان عام2015ن وبدأ يتوغل في جميع مدن السودان عقب سقوط نظام البشير؛ إذ أشار أبوبكر البغدادي، أمير التنظيم السابق، في أبريل 2019 إلى السودان باعتباره ساحة معركة مستقبلية.
ونقلت بعض التقارير عن مؤسسة الوفاء الموالية للتنظيم، رسالة للتنظيم عبر موقع التليجرام جاءت تحت عنوان “نداء إلى أهل السودان من الداخل منها وإليها”، دعت فيها أنصار التنظيم إلى اغتنام الفرصة لإقامة “الدولة الإسلامية”؛ إذ يعمل التنظيم على إقامة ما أسماه “إمارة الحبشة”، التي تضم السودان ودول شرق أفريقيا.
وأشار تقرير الخارجية الأمريكية عام 2019 إلى وجود التنظيم في السودان وحذر من تمدّد نشاطه.
كما أوضح وزير الشؤون الدينية والأوقاف في الحكومة الانتقالية في السودان، إلى أن وجود التنظيم في السودان لايزال يتمثل في عدد محدود من الأفراد المتطرفين، وذلك برغم وجود عدد كبير من السودانيين في صفوف “داعش” و”بوكوحرام”، بما يصل إلى حوالي ثلاثة آلاف سوداني منذ عام 2016 بحسب تقديرات برنامج الأمم المتحدة، عاد منهم إلى السودان بضع عشرات.
بينما يرى خبراء أمنيون أن حالة التضييق التي فرضت على التنظيمات الإرهابية في العديد من الدول جعلتها تفكر في السودان لإيجاد موطئ قدم، مستغلة وضع الانتقال في البلاد وما يلازمه من مشكلات.
مبايعة تنظيم داعش في السودان
يتركز وجود داعش في الخرطوم، متمثلًا في بعض الجماعات الجهادية التي أعلنت مبايعتها للتنظيم، مثل جماعة الاعتصام بالكتاب والسنة، وتيار الأمة الواحدة بقيادة محمد علي عبد الله الجزولي رئيس حزب دولة القانون والتنمية، وعدد محدود من الإخوان المسلمين الذين بايعوا الداعشي عبد الحي يوسف أميراً للمؤمنين.
وانتشر الفكر المتشدد بشكل واسع في السودان، منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي، إذ عمد نظام المخلوع عمر البشير الذي كان يعمل تحت مظلة الإخوان على استخدام شعارات دينية متطرفة، وتأثر بعض الشباب أيضا بأفكار زعيم تنظيم القاعدة أسامة ابن لادن الذي بدأ بتنظيم صفوفه من داخل معسكرات في السودان قبل أن يغادره إلى أفغانستان في النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي.
وخلال السنوات الأخيرة تسلم السودان عددًا من مواطنيه الذين كانوا يحاربون في صفوف داعش في العراق وليبيا، وسط تقارير تشير إلى اختراقات كبيرة أحدثها التنظيم في عدد من الجامعات السودانية.
ومع مبايعة العديد من الجماعات الجهادية والإسلامية لتنظيم داعش، أصبح التنظيم يمثل تهديدًا جديدًا لأمن السودان واستقراره، لا سيما في ظل المرحلة الانتقالية التي تعيشها البلاد، خروج السودان مؤخرًا من قائمة الدول الراعية للإرهاب وحصولها على كامل حقوقها السيادية، في 14 ديسمبر 2020.
جهود الحكومة لمواجهة داعش
تعمل حكومة السودان الانتقالية بالتعاون مع جهاز المخابرات وكل الأجهزة الأمنية، على مواجهة تنظيم داعش والسيطرة على أماكن تواجده، ومحاربة تمدد داعش داخل المدن والقرى السودانية.
في 23 مارس 2021 ألقت السلطات الأمنية القبض على 5 من عناصر تنظيم داعش في الخرطوم،وضبط مبلغ 2 مليون دولار.
وأعلنت مصادر بالمخابرات السودانية، أن عناصر تنظيم دعش أخفت نفسها بمناطق مختلفة في المدينة، وأن المبالغ الالية كان سيم استخدامها لتوفير الدعم لتنفيذ عمليات إرهابية بالخرطوم.
كما أعلنت أجهزةُ الأمن السودانية، في 6 ديسمبر 2019 إحباط عملية تسلل لعناصر إرهابية عبر الحدود مع تشاد، وجاء ذلك بعد إعلان الحكومة الانتقالية، التي تم تنصيبها في سبتمبر 2019، إغلاقَ الحدود مع دول الجوار، لا سيما ليبيا وأفريقيا الوسطى، وذلك عقب تحذيرات من جهات داخلية وخارجية من تمدد “داعش” في السودان.
ويرى خبراء سودانيون أن خطر تنظيم داعش في السودان يحتاج إلى دعم الحكومة السودانية الانتقالية في محاربة التنظيمات الجهادية، وبخاصة على مستوى الدعم المعلوماتي والمساهمة في بلورة استراتيجيات للمكافحة، وتعزيز جهود الحكومة الانتقالية للتوصل إلى اتفاق سلام دائم مع الحركات المسلحة.
وشدد الخبراء على ضرورة دعم مشروعات التنمية في الولايات المختلفة في السودان لمحاربة تمدد “داعش” وغيره من التنظيمات المتطرفة؛ لأن مشروعات التنمية ستعمل على القضاء على الأمية والبطالة والفقر، وستساعد على تجفيف البيئة الحاضنة للإرهاب.
السودان ودول الساحل وداعش
بالرغم من بعده عن المناطق الساخنة في الساحل الأفريقي، يصر السودان على طلب الانضمام إلى مجموعة دول الساحل الخمس، ولو حتى عضوا مراقبا.
خلال انعقاد قمة مجموعة الساحل الأفريقي بالعاصمة التشادية نجامينا، جدد السودان مطلبه بالانضمام إلى المجموعة (تضم موريتانيا وبوركينا فاسو ومالي والنيجر وتشاد) بصفة مراقب.
وبرر عضو مجلس السيادة السوداني إبراهيم جابر، سبب هذا الإصرار على الانضمام للمجموعة بهدف “تعزيز التعاون بين دول الإقليم لمجابهة التحديات المشتركة خاصة: الإرهاب، والجريمة المنظمة.
فالسودان جزء من الصحراء الأفريقية الكبرى، التي تنتشر بها على نطاق واسع شبكات تهريب السلع والبشر والسلاح، وتمكنت التنظيمات الإرهابية على غرار “داعش” و”القاعدة” من إيجاد موطئ قدم لها في الصحراء الكبرى، بعد أن طُردت من المناطق الساحلية والجبلية في الجزائر وليبيا ثم موريتانيا، قبل أن تتمركز في شمال مالي.