الانتخابات الليبية.. ما بين إرساء القاعدة الدستورية وإنهاء فوضى الميليشيات
شهد الملف الليبي تطورات عديدة خلال الأيام الماضية، ولم تتوصل الاجتماعات التي استضافها المغرب بين لجنتي البرلمان والأعلى للدولة بليبيا، إلى نتائج محددة بشأن القاعدة الدستورية وقانون الانتخابات التشريعية.
استضاف المغرب جولات من المفاوضات بين مجلس النواب في طبرق ومجلس الدولة الأعلى في طرابلس انتهت بالاتفاق على آلية لتولي المناصب السيادية السبعة المنصوص عليها في المادة الـ 15 من الاتفاق السياسي الليبي الموقع في مدينة الصخيرات عام 2015.
وتضمنت لجنة المجلس الأعلى للدولة كل من النائب عمر وشاح وأحمد يعقوب والسنوسي القمي، ونوح المالطي، وتمسكت اللجنة بقرار رئيس المجلس وهو رفض قانون انتخاب الرئيس بشكله الحالي، فيما تطرح لجنة البرلمان إمكانية النقاش حول قانون انتخاب البرلمان وعدم إدخال أي تعديلات على قانون انتخاب الرئيس.
قانون انتخاب الرئيس
يدور الخلاف بشكل دائم حول إجراء الانتخابات أولا أم الاستفتاء على الدستور.
وتنص خارطة الطريق المتفق عليها بالفعل من قبل أعضاء ملتقى الحوار، على إرساء قاعدة دستورية مؤقتة أولا ثم إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في 24 ديسمبر، ثم كتابة دستور دائم.
ويدور الخلاف أيضا حول كيفية انتخاب رئيس الجمهورية بالاقتراع المباشر من الشعب أم انتخابه من قبل أعضاء البرلمان، بالإضافة إلى شروط الترشح لمنصب رئيس الجمهورية.
وفي 9 سبتمبر وقع رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح قانون إجراء الانتخابات الرئاسية في ديسمبر، رغم رفض المجلس الأعلى للدولة هذا التشريع واعتباره “معيبا”.
وقال المتحدث باسم البرلمان إن “صالح أرسل القانون الذي سيفتح الطريق أمام إجراء الانتخابات الرئاسية في 24 ديسمبر إلى مؤسسات سياسية أخرى وإلى الأمم المتحدة”.
واعتبر المجلس الأعلى للدولة في ليبيا الذي تأسس بموجب اتفاق عام 2015، أن “صالح دفع بالقانون قدمًا مستخدمًا سلطات لا يملكها بغرض عرقلة الانتخابات القادمة، من خلال قيامه متعمدًا بإصدار قانون معيب للانتخابات”.
وجاء التفويض بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية من خلال مؤتمر سياسي دعمته الأمم المتحدة العام الماضي في عملية أدت أيضًا إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية.
وحتى الآن لم يوافق البرلمان الذي انتخب في 2014 ويتخذ من شرق ليبيا مقرًا له على قانون للانتخابات يفتح الطريق أمام انتخاب برلمان جديد يحل محله.
إذ يسمح القانون الخاص بالانتخابات الرئاسية للمسؤولين الحاليين بالترشح للمنصب طالما استقالوا مؤقتًا من مناصبهم قبل ثلاثة أشهر من موعد الانتخابات.
ووافق البرلمان على مشروع القانون الشهر الماضي وأرسله للجنة القانونية لكنه لم يُجر تصويتا آخر عليه قبل أن يصدره صالح باعتباره قانونا.
قانون غير شرعي
قال سعد بن شرادة عضو المجلس الأعلى للدولة، إن هناك خلافات بين اللجنتين تتمثل في تمسك لجنة البرلمان بعدم طرح أي جوانب تتعلق بقانون الانتخابات الرئاسية، في المقابل تتمسك لجنة الأعلى للدولة بضرورة إدخال تعديلات على قانون الرئاسة، إضافة للتشاور بشأن قانون الانتخابات التشريعية.
وكشفت مصادر قريبة من المفاوضات التى حدثت في المغرب على مدار اليومين الماضيين، أن وفد مجلس النواب رفض مناقشة قانون انتخاب رئيس ليبيا الذي أصدره عقيلة صالح.
فيما يرى ممثلو مجلس الدولة أن قانون انتخاب رئيس ليبيا لاغٍ وغير شرعي وذلك بسبب عدم التشاور معهم في صياغته كشركاء وكمجلس استشاري كما تنص على ذلك مواد اتفاق الصخيرات للسلام والموقع عليه ديسمبر من عام 2015.
واقترح مفاوضون مستقلون يساهمون في تسيير المباحثات أن يقدم مجلس الدولة صياغة لقانون انتخاب البرلمان مقابل قبوله بتجاوز العقدة الحالية وتنظيم الانتخابات في موعدها.
مبادرات لحل الأزمة الليبية
ومع احتدام الخلاف على قانون انتخاب رئيس ليبيا، تعهد رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي بمواصلة العمل، وصولًا إلى الانتخابات المقررة في البلاد يوم 24 من ديسمبر المقبل، لافتًا إلى وجود بعض المبادرات للحل إذا استمر الخلاف الدستوري والقانوني حول تلك المسألة.
وفي المقابل صوت مجلس الأمن الدولي، الخميس الماضي بالإجماع على تمديد عمل البعثة الأممية في ليبيا حتى آخر يناير المقبلن وعلى إقرار مشروع يقضي بتجديد ولاية بعثة الأمم المتحدة التي سيكون مقرها طرابلس، وبخروج جميع المرتزقة والمقاتلين الأجانب.
والمشروع يحمل اسم “تحقيق الاستقرار في ليبيا”، ووافق عليه 386 نائبا ورفضه 35 فقط، وتضمن فرض عقوبات على الممتلكات وحظر التأشيرات على الأشخاص الذين يساهمون في العنف، ومعاقبة من يهدد السلام والاستقرار أو يسرق أصول الدولة الليبية ومواردها الطبيعية.
ومنذ سقوط نظام معمر القذافي ومقتله في 2011، غرقت ليبيا في حرب أهلية وفوضى أمنية وانقسام سياسي لا سيما بين شرق البلاد وغربها، وقد شاركت في الاقتتال ميليشيات محلية ومرتزقة أجانب وجماعات متشددة.
دعا برلمانيون ليبيون في ختام مشاورات بالمغرب بين وفدين عن مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة المجتمع الدولي إلى دعم الانتخابات المقررة نهاية العام وفق قوانين متوافق عليها، وعلى أساس مخرجات ملتقى الحوار السياسي الليبي، وتوفير مراقبين دوليين لضمان السير الجيد لهذا الاستحقاق الانتخابي الهام.