بعد قبول 46 طعنًا على النتائج.. الانتخابات العراقية ما بين القبول والرفض
تبدأ المفوضية العليا المستقلة للانتخابات العراقية، غدًا الأربعاء، عمليات إعادة الفرز يدويًا بعد قبول 46 طعنًا من مرشحي الانتخابات البرلمانية.
وكان قد تقدم عدد من الكتل والأحزاب والمرشحين المعترضين على النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية العراقية بطعون على نتائج التصويت الذي جرى في 10 أكتوبر الأول الجاري.
وقال الدكتور عماد جميل محسن، عضو الفريق الإعلامي للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، إن مفوضية الانتخابات تسلمت 1400 طعن وشكوى من الكتل والأحزاب والمرشحين المعترضين على النتائج الأولية للانتخابات تم الانتهاء من دراسة 1277 منها.
وأشار إلى أن هذه الطعون موزعة بواقع 46 طعنًا تم قبولها لوجود أدلة تستدعي إعادة العد والفرز بها و1231 ردت لعدم توافر أدلة للطعن.
وأضاف عضو الفريق الإعلامي: “أن مفوضية الانتخابات ستبدأ صباح غد، بإعادة العد والفرز في 800 محطة انتخابية موزعة على عدد من المحافظات أبرزها بغداد ونينوى وصلاح الدين والبصرة وأربيل والمثنى وذي قار بحضور مراقبين من الكيانات المعترضة ومراقبين دوليين ووسائل الإعلام”.
وعن مواعيد بدء الفرز، صرح محسن، أن عمليات إعادة العد والفرز اليدوي ستتم في بغداد لجميع المحافظات من الساعة الثامنة صباحا وحتى الخامسة مساء للمحطات التي تم قبول الطعن بها لوجود أدلة تتعلق بفروق في عدد الأصوات والتدقيق بها، فضلا عن بعض المشاكل التي رافقت العملية الانتخابية.
وفي سياق متصل، دخلت اعتصامات أنصار الأحزاب والتحالفات الموالية لإيران، التي خسرت في الانتخابات والمشكلة في “الإطار التنسيقي”، أسبوعها الثاني عند إحدى بوابات المنطقة الخضراء للاعتراض على النتائج والمطالبة بإعادة العد والفرز يدويا.
وعلى مدار الأيام الماضية، أصدر مجلس الأمن الدولي موقفًا، أشاد من خلاله بنزاهة اقتراع أكتوبر الأول، وشفافية الأجواء التي سادت العملية الانتخابية، مبديا أسفه إزاء التهديدات التي تطلقها القوى الولائية الخاسرة باستهداف البعثة الأممية في العراق.
كما أصدر الاتحاد الأوروبي موقفًا مشابهًا تضمن التأييد لنتائج الانتخابات والاستنكار لوسائل الاعتراض “غير الديمقراطية”.
وبدورها قابلت بعض الفصائل الخاسرة، نتائج الانتخابات بعدم الرضا مما دفعها لتحريك أنصارها المحتشدين عند المنطقة الرئاسية المحصنة ببغداد، والتي تضم عددًا من المؤسسات المهمة والحساسة بينها السفارة الأمريكية.
ومن ضمن التحالفات التي رفضت نتيجة الانتخابات، تحالف “الفتح” والذي تضم أحزابا وكيانات متهمة بإضعاف الدولة، وقد أبدا رفضه لنتائج الانتخابات بعد نحو ساعات على إعلان مفوضية الانتخابات النتائج الأولية، قبل نحو أسبوعين.
وتصدر التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية التي جرت في العاشر من الشهر الجاري، فيما تراجع تحالف “الفتح” الذي يمثل الحشد الشعبي، في وقت أعلنت فيه أحزاب عن نيتها الطعن في النتائج.
الانتخابات النيابية العراقية 2021
أجريت الانتخابات النيابية في العراق في 10 أكتوبر 2021. وتحدد الانتخابات 329 عضوا من أعضاء مجلس النواب الذين سينتخبون بدورهم رئيس الجمهورية ويصادقون رئيس الوزراء. 25 مليون ناخب مؤهلون للمشاركة في خامس انتخابات برلمانية منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة.
كان من المقرر إجراء الانتخابات في يونيو 2021، ولكن تم تأجيلها لأن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات طلبت مزيدًا من الوقت لتنظيم “انتخابات حرة ونزيهة”، والتي وافق عليها مجلس الوزراء العراقي في 19 يناير 2021.
صوّت بالانتخابات الجنود والسجناء والمشردون في وقت مبكر يوم 8 أكتوبر. وبلغت نسبة المشاركة في التصويت الخاص 69% حيث صوت 821,800 ناخب من أصل 1,196,524 ناخب.
رغم كل الأحاديت والاتهامات التي طالت عمل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات الأ أن نجاحاتها الفنية، مضافةً إلى نجاح أهم بإنجاز الانتخابات المبكرة في موعدها دون تأجيلها ثانية، إضافة إلى نجاح القوات الأمنية في حماية العملية الانتخابية ومنع وقوع حوادث أمنية مؤثرة، ومنع للخروقات توّجتها باعتقال 77 شخصًا لارتكابهم مخالفات تتعلق بسير العملية الانتخابية.
من مجموع أكثر من 25 مليون عراقي يحق لهم التصويت، أدلى أكثر من 9 ملايين منهم بأصواتهم.. ووفقا لبيان المفوضية فان نسبة التصويت الأولية بلغت 41 بالمئة، وهي الأقل من مثيلاتها في الدورات الانتخابية الأربع السابقة، فيما تراوحت تقديرات المنظمات المحلية والدولية ومراقبون متابعون للانتخابات إلى ما بين 19 و25 بالمئة كنسبة أعلى للمشاركة في الانتخابات..
وجاءت نتائج الانتخابات بحصول التيار الصدري، بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، على ورقة ضغط يستخدمها في اختيار رئيس الوزراء العراقي المقبل بعد مكاسبه في الانتخابات التشريعية، لكن لا يزال عليه التوافق مع قوى الحشد الشعبي رغم تراجع أدائها الانتخابي.
وحلّ الصدر في الطليعة بحصوله على أكثر من سبعين مقعدًا من أصل 329، لكن استحواذه على اختيار رئيس وزراء وحيدًا لا يزال أمرًا مستبعدًا.
ومن جانبهم، يرى خبراء أن انتخابات الأحد لاتحسم الأمر، ولا بد للصدر من التحاور مع خصومه السياسيين في الحشد الشعبي.
ومن 48 مقعدًا في البرلمان السابق، تراجع عدد مقاعد تحالف “الفتح” الذي يمثل الحشد الشعبي ويضم فصائل شيعية موالية لإيران باتت منضوية في القوى الرسمية، إلى أقل من النصف، لكن عدد مقاتليه يبلغ نحو 160 ألفًا، حسب تقديرات مراقبين. ومع دعم حليفته إيران، يبقى الحشد قوة لا يمكن تجاوزها في السياسة العراقية.
في أعقاب صدور النتائج الأولية، ألقى زعيم التيار الصدري خطابًا أشار فيه بطريقة غير مباشرة إلى الحشد الشعبي.
وقال الصدر: “يجب حصر السلاح بيد الدولة ويمنع استعمال السلاح خارج هذا النطاق وإن كان ممن يدعون المقاومة”، مؤكدا أنه “آن للشعب أن يعيش بسلام بلا احتلال ولا إرهاب ولا ميلشيات تنقص من هيبة الدولة”، في إشارة إلى الفصائل الموالية لإيران.
وقد تأسس الحشد الشعبي في 2014 لمكافحة تنظيم الدولة الاسلامية ودخل البرلمان للمرة الأولى في 2018.
وبعد الانتفاضة الشعبية التي هزت العراق في خريف 2019، وجهت التهم إلى الفصائل الموالية لإيران بالوقوف خلف عشرات الاغتيالات ومحاولات الاغتيال وعمليات الخطف لناشطين ومحتجين.
وفي أواخر مايو، بعد توقيف مسؤول كبير فيه للاشتباه بأنه أمر باغتيال ناشط بارز، لم يتردد الحشد في استعراض قوته من أجل الإفراج عنه، ناشرا عناصره ومدرعاته عند مدخل المنطقة الخضراء حيث مقر الحكومة والسفارات الأجنبية في وسط العاصمة بغداد.
وتتجه الأراء إنه رغم تراجع حجمه البرلماني، لكن الحشد الشعبي “لا يزال يحتفظ بقدرة ضغط قسرية كبرى، سيلجأ إلى استخدامها خلال المفاوضات”، ولا يستبعد في أن “تلجأ جميع الأطراف إلى التهديدات والعنف”، لكن ذلك لا يعني حربا مفتوحة في ما بينها.
وقد أعرب تحالف “الفتح” عن رفضه لنتائج الانتخابات ونيته الطعن بها قانونيا، فيما كرر قياديون فيه تصريحاتهم المنددة بها منذ الأحد.
واعتبر رئيس حركة حقوق التابعة لكتائب “حزب الله” إحدى فصائل الحشد الشعبي الأكثر نفوذا حسين مؤنس، أن “هذه الانتخابات هي أسوا انتخابات مرت على العراق منذ عام 2003″، فيما فاز تكتله بمقعد واحد فقط من أصل 32 مرشحا.
واتهم أبو علي العسكري، المتحدث الرسمي باسم هذا الفصيل المسلح رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بأنه “عراب تزوير الانتخابات”، لصالح حزب صغير يقول إنه منبثق من الاحتجاجات.
ومن جانبها، أكدت الجبهة الوطنية المدنية، في وقت سابق، إن نسبة المشاركة في الانتخابات تتراوح بين ١٢ إلى ١٩%، مطالبةً المحكمة الاتحادية بعدم الاعتراف بنتائج هذه الانتخابات.
وأضافت الجبهة في مؤتمر صحافي: إن “نسبة المشاركة في الانتخابات تتراوح بين ١٢ إلى ١٩% وهي نسبة كافية لابطال الانتخابات وتخالف المادة الدستورية، مؤكدة إنها حذرت من إجراء انتخابات مبكرة دون توفير بيئة مستقلة للانتخابات وقانون انتخابات يحقق نزاهة انتخابية ووضع خط واحد بما يتعلق بالدعاية الانتخابية وعدم استخدام أموال الدولة”.
كما قالت: “قررنا مقطعة الانتخابات حتى لا نكون جزء من الاخفاقات للمواطن، وفيما شددت على رفضها شرعية الانتخابات المبكرة، وطالبت بعثة الأمم المتحدة بتقديم ما تمتلك من ادلة بشأن الانتخابات”.
إلى ذلك، أكد رئيس الجبهة أياد علاوي، إن “عدم مشاركتنا بالانتخابات كان لأسباب منها الفساد المالي والإداري والتدخلات الأجنبية”.
وقال علاوي بذات المؤتمر، إنه “يجب عقد مؤتمر وطني لاحتواء أي مشاكل قد تنتج عن الانتخابات، لافتا إلى أن المشاكل بين أربيل وبغداد لم تحل وهو ما سيعصف بالوطن كله”.