وساطات ومبادرات.. خطوات جديدة لإنهاء الأزمة السودانية وسط تكهنات عديدة
خطوات جديدة قد تكون بداية لإنهاء الأزمة التي يمر بها السودان منذ أن اتخذ القائد العام للجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، قرارات باعتقال عدد من الوزراء والقادة السياسيين ووضع رئيس الحكومة السودانية، عبد الله حمدوك، قيد الإقامة الجبرية بمنزله.
وجاءت الوساطات والمبادرات التي انخرطت خلال الفترة السابقة لحل الأزمة السودانية، كاختراق مهم أمس قد يقود إلى إنهاء الأزمة الحالية.
وقد بلغ عدد الوساطات والمبادرات التي تسعى لاحتواء تداعيات الأزمة السودانية خمسة وساطات وهي تعمل من تصحيح القرارات التي اتخذها الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان القائد العام للجيش السوداني والتي عطل بموجبها بنودا أساسية في الوثيقة القانونية متصلة بأجهزة الدولة السيادية والتنفيذية ،بالإضافة إلى بنود الشراكة مع الحرية والتغيير واعتقال عدد من الوزراء والقادة السياسيين ووضع عبد الله حمدوك قيد الإقامة الجبرية بمنزله .
من جانب آخر نجد أن كل مسارات الحوار اصطدمت بشروط حمدوك التي تتلخص في العودة إلى ما قبل ٢٥ أكتوبر.
شروط حمدوك
أشارت مصادر مقربة من حمدوك، إلى أنه لن يتنحى عن منصب رئيس مجلس الوزراء طواعية ابدا، وأ هناك أربعة طلبات قدمها للجيش تمثلت فيما يلي:
– إعادة هيكلة المجلس السيادي .
– إطلاق سراح كل الوزراء والسياسيين الذين تم اعتقالهم في الفترة الماضية كنقطة انطلاق .
– منح رئيس الوزراء السلطة والاستقلالية الكاملة لتشكيل حكومة كفاءات من اختياره.
– توسيع المشاركة السياسية من أجل تمثيل أكبر.
وأكدت المصادر أنه “بدون هذه الإجراءات والالتزام بالعودة إلى ما كانت عليه الأمور لن يتفاوض رئيس الوزراء ويرفض التنحي طوعا عن رئاسة مجلس الوزراء”.
في نفس الوقت يشير القائد العام للجيش السوداني إلى أن التطورات الأخيرة في السودان ليست انقلابا، ويقول إنهم موجودون في السلطة بالفعل وما حدث ليس انقلابا ولكن تصحيح لمسار الانتقال السياسي في السودان.
المبادرات المطروحة
ومن أبرز المبادرات هي التي تقودها رموز سياسية سودانية وطنية معروفة على رأسها الصحفي محجوب محمد صالح و د. إبراهيم مضوي وأحمد المهدي أحد زعماء الأنصار البارزين ورئيس حركة جيش تحرير السودان مني اركو مناوي ومجموعة من رجال الأعمال، فضلا عن وساطات تقوم بها دولة جنوب السودان الشقيقة تم طرحها على الأطراف في الساعات الماضية بعد وصول وفد رفيع يقوده توت قلواك المستشار الأمني للرئيس سلفاكير، بالإضافة لوساطة يقودها رئيس بعثة الأمم المتحدة بالسودان فولكر، فضلا عن وساطة من الاتحاد الإفريقي وصل أصحابها امس الخرطوم.
من جانبه أكد وزير خارجية دولة جنوب السودان مييك أيي دينق على ضرورة استقرار الأوضاع في السودان لانعكاس ذلك على دول الإقليم.
وأضاف أنه يحمل رسالة من الرئيس سلفاكير ميارديت لدعوة القيادة السودانية للدخول في حوار شامل مع مختلف القوى السياسية عدا حزب المؤتمر الوطني لتجاوز كافة التحديات وإيجاد حل عاجل لكل القضايا الخلافية التي تواجه السودان، مشيرا إلى متابعة رئيس دولة جنوب السودان بقلق بالغ للازمة السياسية التي نشبت بين شركاء الفترة الانتقالية في السودان.
من جانبه ذكر فولكر بيرتس رئيس البعثة الأممية في السودان أنه ناقش مع رئيس الوزراء السوداني المقال عبد الله حمدوك من منزله خيارات الوساطة للخروج من الأزمة، موكدا سعيه مع كل الأطراف الأخرى لذات الغرض.
يشار أيضا إلى أن هناك وفد إسرائيلي وصل الخرطوم بالأمس وعقد مباحثات مع عبد الله حمدوك والفريق أول ركن البرهان.
قرارات من القائد العام للجيش
وفي ظل الأزمة أصدر القائد العام للقوات المسلحة قرارات البيان الأول التي شملت حل الحكومة المركزية والولائية قام بإعفاء بعض الموظفين في بعض القطاعات المهمة شملت النائب العام المكلف ووكلاء نيابة ونائب مدير بنك السودان ومدير الطيران المدني ومدير الهيئة العامة للتلفزيون.
كما تم إطلاق سراح رئيس حزب المؤتمر الوطني المحلول البروفيسور إبراهيم غندور قبل أن يتم إلغاء القرار وإعادة اعتقاله مجددا بعد عدم رضا واسع من مكونات الثورة، كما انتقدت قيادات الحرية والتغيير الخطوة واعتبرتها تعبر عن توجه المجلس العسكري إزاء قوى النظام البائد .
الاحتمالات المتوقعة
يصعب التكهن بما ستسفر عنه الأحداث السياسية الآن بعودة العسكريين لثكانتهم، كما ينادي عدد من القوى السياسية، وإعلان حكم مدني كامل الصلاحيات يعتبر في ظل المعطيات التي صاحبت عملية الشراكة وعزم العسكريين من قطع المشوار مبكرا مع القوى المدنية منذ بواكير ثورة ديسمبر ٢٠١٩م.
كما أن إقناع قوى الثورة الشبابية وقوى الحرية والتغيير الأكثر راديكالية يبدو أمر شبه مستحيل فيما يتعلق باستئناف الشراكة مجددا بين المكونيين دون إحداث تغيير في الوثيقة القانونية تتيح للمدنيين الإشراف الكامل على الأجهزة الأمنية والنص بوضوح على صلاحيات مجلس السيادة وعودة لجنة إزالة التمكين بكامل صلاحياتها.
مع ذلك هناك ثمة أمل في حل الأزمة المعقدة ربما يتمثل في موافقة البرهان على إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين بعد الخطوة الأخيرة وعودة الحكومة المدنية بذات تشكيلها مع التأكيد على تكوين حكومة كفاءات في أقرب وقت ممكن مع الاتفاق على توسيع منظومة الحرية والتغيير بمعيار ثوري.
يأتي ذلك وسط توقعات بإحداث تغيير في كوادر لجنة إزالة التمكين والاحتفاظ بكامل صلاحياتها مع التأكيد على تشكيل لجنة قانونية لمراجعة أدائها المالي والإداري وتشكيل لجنة استئنافات عاجلة للنظر في كافة قراراتها السابقة، وكذلك الإسراع في تكوين المجلس التشريعي بتحرك كافة الأطراف المعنية بترشيح مرشحيها مع إتاحة الفرصة لمكونات الحرية والتغيير (الميثاق الوطني)من ضمن كوتة الحرية والتغيير بما لا يؤثر في ميزان المعايير الثورية .
مع ذلك فإن تلك الخطوات ربما لا تجد القبول الكافي من بعض القوى السياسية (الراديكالية) لكنها قد تمثل مفتاح الحل للازمة والحفاظ على مستقبل الفترة الانتقالية بسلام حتى نهايتها.
الخيارات العسكرية
اذا لم يتم حل الأزمة الشائكة الآن فربما يتمسك المكون العسكري بالطريق الذي أعلن السير فيه حتى نهاية المشوار مع تحمل كافة تبعات الحصار الدولي والرفض الشعبي حتى نهاية الفترة الانتقالية بعد حوالي هام ونصف، وهذا قد يدفعه لعقد تحالفات غير معلنة مع بعض قيادات النظام السابق للاستفادة من قدراتهم السياسية المتمثلة في كيفية التعامل مع فترة الحصار الدولي على نظامهم المحلول وخبرتهم التنظيمية والسياسية والإعلامية.
وربما يفسر هذا استعجال تلك الخطوة باطلاق سراح بعض رموز النظام السابق السياسية والأمنية ثم تقض القرار بعد التفكير في تبعاته السالبة في ظل الظروف الحالية.
على كل في حال نجاح العسكريون بالعبور بالفترة الانتقالية بعون حلفائهم في القوى السياسية القديمة أو التي كانت متحالفة في أوقات سابقة مع النظام القديم ومتوافقة مع العسكريين، ربما تكون أولى مهامها هي اعتمادها على جناح منظومة قوى اعلان الحرية والتغيير (الميثاق الوطني) مع سند غير مرئي لقوى النظام القديم بعد إطلاق سراح كافة معتقليهم وإعادة أموالهم وأصولهم المصادرة وهو ما يفتح الباب لحدوث تحالف موسع يشمل هذه الطوائف في الانتخابات القادمة.
كما قد يتم إرجاع كافة الصلاحيات لجهاز المخابرات العامة التي ظهرت بوادر تدل على ذلك بالدعوة إلى إعادة عناصر هيئة العمليات التي تم حلها .