د.عبد الحفيظ محبوب يكتب :السعودية تدافع عن أمن شعبها من ارهاب حزب الله
مرت المنطقة العربية بصراع عربي عربي، بل صراع بين محورين من البعثيين أحدهما سوري والآخر عراقي، ما جعل لبنان تحت سيطرة المسلحين الفلسطينيين حتى تدخلت إسرائيل، وأخرجت الفلسطينيين من لبنان.
ما جعل القادة الفلسطينيين ينقلون مقراتهم إلى تونس، فكانت فرصة لإيران في التسلل إلى لبنان لملئ هذا الفراغ تحت بند محور الممانعة والمقاومة لتعويض المقاومة الفلسطينية التي كانت تنطلق من لبنان، لم يستوعب العرب هذا المشروع ولم يقفوا أمامه، لأنه اتخذ رمز هذا المحور، هو تحرير القدس.
فأصبح لدى إيران موطئ قدم على البحر المتوسط، وجبهة مع إسرائيل من أجل تغرير العرب والمسلمين ولكنه كان في حقيقته ضمن تنافسها الإقليمي مع العرب، وبشكل خاص مع السعودية، على غرار روسيا التي كانت تبحث عن المياه الدافئة، فأتتهاالفرصة الذهبيةعلى يد إيران، بعدما استعانت إيران بروسيا في سوريا، عندما كادت تفقد إيران تواجدها في سوريا.
فوجدت روسيا متنفسها في المحافظة على وجود موطئ قدم لها على البحر المتوسط، وتحاول إيران أن تكون لها قاعدة على البحر المتوسط كما أقامت روسيا قاعدة لها في طرطوس، لكن الضغط العربي الإسرائيلي يمنع طهران من إقامة قاعدة على البحر المتوسط.
كذلك إيران تطل على الخليج العربي، لكن يمكن التحكم في ممرها البحري، إذا أقفلت القوى الكبرى مضيق هرمز، فتصبح دولة حبيسة، خصوصا وأنها تطل على بحر قزوين في الشمال وهو بحر مغلق، وأيضا تتحكم فيه روسيا، وحاولت إيران إيجاد طريق بري من العراق عبر سوريا إلى لبنان ليطل على البحر المتوسط، لكن يحاول العراق استعادة سيادته وإبعاده عن المحاور الإقليمية والدولية، والعودة إلى الجوار العربي، مما أزعج إيران من أن العراق يستعيد سيادته وتخسر كل مكتسباتها بل كان العراق مصدر تمويل وحسب نتنياهو في أحد تصريحاته ذكر من أن نوري المالكي كان لديه 750 مليار دولار إيرادات نفطية سلمها لإيران التي منها شكلت جبهة داعش أكيد بالتعاون مع أمريكا في ذلك الوقت زمن أوباما الذي ليده مشروع الفوضى الخلاقة في منطقة الشرق الوسط عبر محوري الممانعة والمقاومة ومحور العدالة والتنمية الإخواني بقيادة تركيا،وعندما أراد العراق تحجيم الهيمنة الإيرانية على العراق، فعاقبته إيران بحرب المياه.
وقد اتهم المتحدث باسم وزارة الموارد العراقية إيران بتحويل المياه إلى بحيراتها، وتعمدت خفض منسوب مياه عراقية، خصوصا في نهري سيروانوالزاب من الجانب الإيراني بنسبة وصلت إلى 2 متر مكعب في الثانية، وحدث نقص كبير في نهر سيروانمن 47 مترا مكعبا في الثانية إلى سبعة أمتار مكعبة في الثانية، وفي نهر الزاب السفل وصلت إلى 2 متر مكعب في الثانية، وهذا يعني تقريبا القطع الكامل للمياه، ما أثر بشكل كبير في التخزين المائي لسدي دوكان ودربنديخان.
اليوم هناك ترنج لإيران وتركيا وبزوغ نجم الرباعي العربي بقيادة السعودية، رغم محاولات امريكا تحجيم هذا الرباعي بقيادة السعودية، لكن أيضا الولايات المتحدة تعاني تحجيما، بالطبع لا أقصد أن الرباعي العربي يوازي قوة الولايات المتحدة، لكن أقصد أن خيارات الرباعي أصبحت واسعة جدا، وهذا لا يعني أنه يريد الارتماء في أحضان الصين أو روسيا على العكس، بل هو يريد تنويع شراكاته بما يعزز مزيدا من قدراته، وهو في نفس الوقت يعزز شراكاته مع الولايات المتحدة.
وقد صرح نتنياهو في أحد تصريحاته من أن الشيعة واليهود يد واحدة، وفي تصريح مدوي ذكر من أن حرب 2006 مع حزب الله كانت مجرد تمثيلية ليحصل حسن نصر الله على زعامة مزعومة، حتى عندما صرح زعيم الدبلوماسية العربية الأمير سعود الفيصل من أن حسن نصر الله ورط العرب، كان أول من تهجم على الأمير سعود الفيصل زعماء الصحوة في السعودية، وهذه الزعامة المزعومة لحسن نصر الله التي عول عليها كثير من الرعاع وغير الرعاع بل عول عليها حتى من قبل المثقفين والأكاديميين من أنه سينقذ العرب من كبوتهم.
لكن هذه الزعامة أزعجت إيران قبل إسرائيل، فأمرت إيران حسن نصر الله بالمشاركة في قتل السوريين العزل،ما جعلهيفقد حسن نصر الله زعامته المزعومة لمحور الممانعة والمقاومة التي هي ضمن ثلاثة ركائز، الثانية تشكيل الجيوش خارج إيران تحت زعامة قاسم سليماني باسم قائد فيلق القدس، فيما الركيزة الثالثة مؤتمر الأمة الواحدة بهدف نزع رعاية الحرمين الشريفين من السعودية، وتمدد الجمهورية الإسلامية الخمينية الوليدة لمنافسة المملكة العربية السعودية التي تحتضن الحرمين الشريفين، ويؤلمها أن المملكة العربية السعودية تكتسب محبة العالم الإسلامي، بل أيضا استطاعت السعودية نتيجة سياساتها الحكيمة الحصول على احترام دولي ولا يستغني عنها العالم في حل كثير من القضايا.
حزب الله ضمن الجيوش الستة التي تتبجح بها إيران خارج إيران بل يعتبر أحد أهم قادة هذه الجيوش، وبدأ حزب الله في الهيمنة على لبنان، حتى أن صندوق النقد الدولي يفاوض حزب الله على إقراض لبنان، بسبب أن حزب الله هو المهيمن على مفاصل الدولة، ولكن حزب الله يحارب السعودية بجانب إيران بجميع السبل، رغم أنه يستفيد من التمويل السعودي والإعانات السخية المقدمة للبنان مقابل ذلك يقاتل إلى جانب الجيش الإيراني الخارجي الحوثي وهناك عدد من اللبنانيين قتلوا في اليمن، لم يكتف حزب الله بالقتال في صفوف الحوثيين ضد التحالف بقيادة السعودية، بل يتولى تهريب الحبوب المخدرة الكابتغون، وقد استطاع تهريب نحو اكثر من 650 مليون حبة إلى السعودية خلال خمسة سنوات، فهل يطلب من السعودية أن تقف متفرجة وأمنها الوطني يهدده حزب الله، وأيضا يهدد أمنها الاجتماعي، والحكومة اللبنانية غير قادرة على منع حزب الله أو ردعه، فليس هناك خيار آخر أمام السعودية سوى الدفاع عن أمنها بكل السبل المتاحة.
وما قامت به السعودية نتيجة أزمة طويلة جدا،وصبرت على لبنان وعلى الشعب اللبناني صبر أيوب، حتى أن حزب الله أصبح يشكك في أن تتخذ السعودية أية إجراءات صارمة تجاه لبنان، بعدما فشلت العقوبات الدولية المفروضة على حزب الله، وبشكل خاص عقوبات من وزارتي الخزانة والخارجية الأمريكية بقانون قيصر وكذلك ماغنتسكي وقوانين محاربة الإرهاب التي استطاع حزب الله التهرب منها، وامتهن التهريب ضد العالم، وبشكل خاص ضد السعودية، وضد دول الخليج، وامتهن تهريب المحروقات إلى سوريا لبيعها في السوق السوداء، وهي محروقات مدعومة، والشعب اللبناني يعيش في الظلام نتيجة انقطاع الكهرباء، وكان حزب الله ينتظر من السعودية كعادتها أن تقدم الطاقة لتوليد الكهرباءمجانا كعادتها، وعندما رفضت السعودية أن تقدم للبنان الطاقة وحزب الله يهربها إلى سوريا، فافتعل حزب الله أن إيران تقدم دعمها للبنان بعدد من ناقلات النفط ليس مجانا، مثلما تصدر إيران الغاز للعراق بسعر يفوق سعر السوق العالمي، رغم ذلك أوقفت إيران تصدير الغاز إلى العراق بنحو 70 في المائة، لإحراج الحكومة العراقية أمام شعبها، ما جعل الحكومة العراقية تلجأ لمحيطها الخليجي لمعالجة هذه الأزمة عبر الربط الكهربائي.
ما يعني أن حزب الله نهب أموال الشعب اللبناني، بل حول حزب الله لبنان إلى منصة استخباراتية تدير عمليات عسكرية نيابة عن إيران في المنطقة، فحولت لبنان سويسرا الشرق إلى لبنان مركز لإدارة معارك إيران الإقليمية والدولية، وحول الضاحية الجنوبية إلى مركز تدريب للحوثيين وللمليشيات العراقية، وقاعدة للحرب في سوريا.
وانفجار ميناء بيروت يؤكد أن لبنان تحول لمركز لإدارة الحروب في المنطقة، وهي نترات تستخدم في الحروب، بل حول حزب الله الضاحية إلى مركز إعلامي مثل قناة المسيرة، بجانب أن لبنان تحول إلى مزرعة كبرى في المنطقة لزراعة المخدرات وتصنيعها، ومركز تصديري إلى جميع أنحاء العالم، وبشكل خاص تصدر المخدرات إلى دول الخليج لإغراق مجتمعاته بالمخدرات من أجل وقف تنميته، وبشكل خاص السعودية التي تقود رؤية تنموية بهرت العالم، وقبلها دولة الإمارات وهما يسيطران على نصف الاقتصاد العربي.
حتى أصبح حزب الله هو من يقرر ويختار رئيس الجمهورية يتمثل في انتخاب ميشال عون الماروني في 31 أكتوبر 2016، حتى أصبح صهر الرئيس ميشال عون جبران باسيل يقدم القرابين لحزب الله لينال رضاه، حتى أصبح أحد اللبنانيين المفروضة عليهم عقوبات من قبل أمريكا لكنه مستمرا في تضحياته لحزب الله، ومنذ عام 2006 استطاع حزب الله تشكل دولة عميقة، وأصبح لديه حاضنة واسعة من جميع الكيانات، خصوصا بعدما وقع وثيقة مار مخايل في 6 فبراير 2006، وتصاعد دوره منذ 2015، حتى أن حزب الله استطاع تفريق الكتلة المسيحية وجعل من باسيل يهاجم سمير جعجع وشيطنته لأنه يرفض سلاح حزب الله وهيمنته على الدولة وعلى الحكومة، ويتهمه من أنه يريد إعادة الحرب الأهلية عند سقوط ضحايا في عين الرمانة في 14 أكتوبر 2021، بينما ما حدث في حي الرمانة ممارسات حزب الله الذي يمتلك فائضا من القوة، وسلاحا مليشياويا في خدمة مشروع مذهبي يعتبر لبنان مجرد مركز قيادة لمشروعه، ويشحذ الغرائز الطائفية، ولا يود أن تكون هناك دولة تحافظ على مواطنيها وتدافع عنهم، بل حتى الجيش اللبناني أصبح حلقة من حلقات حزب الله، فعندما حلق الضابط الطيار في الجيش اللبناني سامر حنا بطائرة هليكوبتر فوق منطقة تابعة لحزب الله تم اغتياله، وأيضا تفجير مرفأ بيروت في 4 أغسطس 2020 لم يتمكن ميشال عون كرئيس من دعم التحقيق الدولي، بل رفضه ولم يتمكن الجيشالتدخل، ليس هذا فحسب بل لم يتمكن الجيش من وقف الاغتيالات في لبنان مثل اغتيال وسام الحسن وكثير من الاغتيالات المتوالية في لبنان التي بدأت باغتيال رفيق الحريري في 14 فبراير عام 2005.
بينما تصريحات جورج قرداحي لا قيمة لها، وكانت هناك تصريحات قبله مثل تصريح وزير الخارجية شربل، وتصريحات سابقة لباسيل، فلم تقدم السعودية من قبل على اتخاذ إجراءات صارمة مثل سحب السفراء ووقف استيراد البضائع اللبنانية في الوقت الحاضر، لكن هذه المرة السعودية الشرعية اليمنية التي تدعمها بضربات جوية تتعرض لهزائم بسبب دعم حزب الله وإيران للحوثيين، فلابد من وقف هذه المهزلة،فيما السعودية رفضت المساس بالمقيمين على أراضيها، وتعتبرهم جزء أساسي من النسيج الوطني.
لم تتخذ السعودية هذا الاجراء الصارم إلا بعدما كانت إيران تراوغ في الحوار الإيراني السعودي الذي وصف بالبطئ،بعدما وصف من قبل بالجيد من قبل إيران، ولا زالت الجبهات في مأرب ساخنة، حرصا من إيران على أن تكتسب جبهات بحرية جديدة بجانب البحر المتوسط التي تحاول أيضا إسرائيل إبعادها عن البحر المتوسط، كذلك السعودية تحاول إبعاد إيران عن بحر العرب والبحر الأحمر، وإذا لم تقبل الجلوس على طاولة المفاوضات فستتلقى إيران ضربات لأن أمريكا تلتقي مع إسرائيل من أنهما يقفان أمام توصل إيران لعتبة صناعة قنبلة نووية.
وقد صرح وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان من أن السعودية مع لبنان إذا كان هناك إصلاح، وقد ميزت السعودية بين الحكومة التي يسيطر عليها حزب الله وبين الشعب اللبناني، والسعودية تقيم علاقات جيدة مع كثير من الكيانات اللبنانية، لكنها تتعامل مع دولة لبنان وليس دولة حزب الله، وترفض أن تتعامل مع أي كيان في مواجهة حزب الله، ما يعني خلق حرب أهليه، وهو ما ترفضه السعودية، لكن ما تعمله السعودية محاصرة أنشطة حزب الله الإجرامية والإرهابية.