المغرب تقطع طريق الغاز الواصل بين الجزائر وإسبانيا
أفادت وسائل إعلام إسبانية، بأن المغرب أوقف المفاوضات المتعلقة بتجديد امتياز خط أنابيب الغاز الجزائري إلى إسبانيا عبر التراب المغربي، الذي ينتهي هذا العام.
ومن المفترض أن ينتهي عقد الامتياز الذي تختص به المجموعة الإسبانية “ناتورجي إنرجي” في نوفمبر/نونبر 2021، وقد يترتب على ذلك أن يتكبد الطرفين الجزائري و الإسباني خسائر فادحة.
اعتبر عدد من المتتبعين أن القرار إذا كان صحيحا، فإن المغرب سيوجه صفعة قوية لجنرالات الجزائر و لدولة الاحتلال الإسباني ذلك في الوقت الذي تلتزم فيه الحكومة المغربية الصمت إزاء هذه الأخبار.
الجزائر تأخذ خطوة استباقية
وعلى الجانب الآخر استقبت الجزائر التحرك المغربي وقامت في بداية ماي 2021، بتدشين خط غاز يربط بين الجزائر واسبانيا مباشرة بطول197كم و بتكلفة تقارب 32 مليار دينار لتدعيم قدرة تصدير الغاز الجزائري عبر أنبوب ميدغاز الرابط بين البلدين.
و يأتي هذا الخط الثاني، والذ دشنه وزير الطاقة والمناجم، محمد عرقاب، بعد أنبوب الغاز الذي أوقفت المغرب التفاوض حول تجديده وهو الذي سينتهي العمل به خلال السنة الجارية.
وكان التحرك الاسباني لضمان تزويد بالغاز الجزائري في حال تصاعد التوتر مع المغرب قد انطلق مطلع هذا العام وتوج بتدشين أنبوب ميديا غاز الذي يربط بني صاف بولاية عين تيموشنت مباشرة بألميرية جنوب إسبانيا.
أسباب انخفاض إيرادات الغاز الجزائري
وكانت الجزائر تمول إسبانيا بـ34 بالمائة من احتياجاتها من الغاز الطبيعي المسال قبل 2020، إلا أن الأخيرة قررت مطلع 2021 تخفيض حصة الجزائر إلى 22.6 بالمائة، بعد رفع حصة غاز الولايات المتحدة إلى 27 بالمائة، بسبب انخفاض سعر الغاز الأميركي، وأزاحت بذلك الجزائر عن رأس قائمة مموني إسبانيا بالغاز طوال الـ30 سنة الماضية.
وقلصت جائحة كورونا مبيعات الجزائر من الغاز المار عبر أنبوب المغرب حيث سجلت السلطات المغربية خلال السنة الماضية انخفاضا في عائدات الأنبوب بـ 55 بالمائة .
وأشارت الأرقام الصادرة عن إدارة الجمارك والضرائب المغربية، ضمن التقرير السنوي لـ2020، إلى أن الانخفاض في إيرادات هذا الأنبوب قدرت بنحو 454 مليون درهم (نحو 51 مليون دولار).
وكانت هذه الإيرادات قد سجلت سنة 2018 حوالي 1.5 مليار درهم، وفي سنة 2019 انخفضت إلى 1 مليار درهم، لتنخفض إلى 500 مليون درهم في العام المنصرم.
وانخفضت إيرادات المغرب من هذا الأنبوب بتراجع مبيعات الجزائر من الغاز الطبيعي نتيجة الجائحة، فضلا عن انخفاض الأسعار مقابل وفرة العرض في السوق العالمية لهذه المادة الحيوية.
المغرب يضع يده على أنابيب الغاز الجزائري
ويتجه المغرب لتجديد عقود استيراد الغاز الجزائري عبر أنبوب الغاز “المغرب العربي أوروبا” الذي يمر على إسبانيا، من خلال اتفاق مبدئي مع الجزائر اعتبارا من العام الجاري 2021، وهذا في ظل غياب خيارات أمام الحكومة المغربية بالنظر لعدم توفر إنتاج محلي يلبي الطلب المتزايد للاقتصاد المغربي على الغاز، وبعدما تبين أن بمرور الأشهر أن مشروع أنبوب الغاز نيجيريا- المغرب مجرد تسويق سياسي لا غير.
ومن خلال هذه التطورات الجديدة يتضح أن الجزائر ستفاوض المغرب بأسعار تصدير الغاز من موقع قوة، باعتبار أنه بعد تدشين خط ميد غاز، ستكون إمدادات الغاز الجزائرية إلى اسبانيا مضمونة بشكل شبه كامل عبر الأنبوب الجديد الرابط مباشرة بين بني صاف وألميرية جنوب اسبانيا، ولا داعي لإمداد اسبانيا عبر أنبوب الغاز المار عبر المغرب.وأفاد موقع “إل كونفيدينثيال” الإسباني نقلا عن مصادر بالحكومة، بأن الأزمة بين مدريد والرباط بشأن المهاجرين في مدينة سبتة قد عقدت عملية تجديد عقد استغلال أنبوب الغاز المغاربي “بيدرو فاران دوران”، الذي ينقل الغاز الجزائري إلى إسبانيا مرورا بالمغرب.
صراع المغرب والجزائر القديم على الموارد الطبيعية
استفاد المغرب من إخفاق الجزائر وعدم قدرته على الوفاء بالتزامها لعام 2002 لبناء خط أنابيب عبر الصحراء يربط البلاد بنيجيريا عبر النيجر.
واستعد المغرب لإنشاء مشروع يتماشى مع أجندته لتعزيز التعاون مع شركته الفرعية. ويكشف ذلك عن أحد أهداف المغرب الرئيسية المتمثلة في أن تصبح “مركز الكهرباء لشمال وغرب إفريقيا” من حيث تجارة الكهرباء وبناء القدرات والابتكار.
وتكشف هذه الأجندة أيضًا عن التوترات الكامنة والمنافسة مع الجارة الجزائر، ثاني زعيم أفريقي في صادرات الغاز بعد نيجيريا.
بدأت هذه التوترات خلال نزاع الصحراء الغربية المستمر منذ فترة طويلة، في أعقاب إنهاء الاستعمار الإسباني للمنطقة في عام 1975.
وبينما لدى المغرب السيادة على الصحراء الغربية، فإن الجزائر تدعم بشكل كامل المجموعة الصحراوية الانفصالية جبهة البوليساريو من أجل الاستقلال.
وأصبح هذا الصراع أكثر من مجرد مسألة هوية حيث تتعلق قضية بالوصول إلى الموارد الطبيعية للمنطقة الصحراوية واستغلالها وهي الفوسفات ومصايد الأسماك.