دراسات وأبحاث

التداعيات المحتملة حول رفض الرئيس السوري طلب نظيره الجزائري إطلاق سراح معتقلين

الإثنين 17 فبراير 2025 - 12:13 م
ابراهيم ياسر
الأمصار

أكد الرئيس السوري، أحمد الشرع، رفض طلباً رسمياً تقدمت به الجزائر خلال الزيارة الرسمية التي قام بها وزير خارجية الجزائر، إلى العاصمة السورية دمشق، للإفراج عن عدد من المعتقلين الجزائريين وعناصر من قوات البوليساريو، الذين تم القبض عليهم في سوريا خلال عمليات عسكرية.

التقى الرئيس السوري نهاية الأسبوع المنصرم، وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، في زيارة عمل رسمية هي الأولى من نوعها لمسؤول جزائري منذ سقوط نظام بشار الأسد.

وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان لها أن عطاف حل بدمشق في زيارة رسمية بصفته مبعوثا خاصا لرئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون. الذي حمله رسالة خطية إلى الرئيس السوري.

سلمها وزير الخارجية الجزائرى.. رسالة من رئيس الجزائر لأحمد الشرع - اليوم  السابع

 بيان الخارجية الجزائرية

وأضاف بيان الخارجية الجزائرية أن هذه الزيارة “تندرج في إطار العلاقات التاريخية التي تربط بين البلدين والشعبين الشقيقين بهدف استعراض السبل الكفيلة بتعزيزها والانتقال بها إلى أسمى المراتب المتاحة. 

كما تهدف إلى تجديد التعبير عن تضامن الجزائر ووقوفها إلى جانب سوريا خلال هذه المرحلة الدقيقة من تاريخها المعاصر”

وبحسب مصادر سورية مطلعة، فإن وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، نقل إلى الرئيس السوري رسالة من نظيره الجزائري، عبد المجيد تبون، يطلب فيها إطلاق سراح المعتقلين الذين وقعوا في قبضة هيئة تحرير الشام أثناء وجودهم ضمن قوات النظام السوري في محيط حلب. إلا أن الرئيس الشرع رفض الطلب بشكل قاطع، وأكد أن المعتقلين سيحاكمون إلى جانب العناصر التابعة للنظام السوري الذين تم أسرهم خلال المواجهات.

وأضافت المصادر أن الرئيس الشرع أوضح للوزير عطاف أن المعتقلين، ومن بينهم عنصر برتبة لواء وأكثر من 500 جندي من الجيش الجزائري وعناصر من ميليشيات البوليساريو، يخضعون للمعاملة وفق القوانين الدولية التي تنظم أسرى الحرب، ولن يتم الإفراج عنهم خارج الأطر القانونية المتبعة في سوريا.

وزير الخارجية الجزائري يؤكد استعداد بلاده تطوير التعاون مع سوريا

أكّد وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، بعدما استقبله الرئيس السوري أحمد الشرع، استعداد بلاده لتطوير تعاونها الثنائي مع سوريا، لا سيما في ميدان الطاقة والتعاون التجاري والاستثمار وإعادة الإعمار، وهي النغمة نفسها التي سمعناها من وزراء عرب زاروا دمشق في الفترة الأخيرة.

المقاتلين الجزائريين

يوجد عدد من المقاتلين الجزائريين الذين وقفوا إلى جانب الثوار، لكن النظام الجزائري لم يتحدّث عنهم، ولا يريد عودتهم إلى البلاد، حتى وإن كان الهدف من عودتهم محاكمتهم، ذلك أنه يريد التخلّص منهم، إلا أنه في المقابل أرسل مبعوثاً خاصاً للحديث عن المقاتلين في صفوف نظام الأسد.

ومع سقوط نظام بشار الأسد بداية كانون الأول/ ديسمبر الماضي، برزت إلى الساحة مجدداً مسألة المقاتلين الأجانب في صفوف قواته، ومنهم المقاتلون الجزائريون، إذ أشارت تقارير صحافية إلى محاصرة قوى الثورة نحو 500 مقاتل جزائري، ومقاتلين من جبهة “البوليساريو” الانفصالية في مدينة حلب.

الشرع يرفض الطلب الجزائري بتسليم المقاتلين الجزائريين في صفوف الأسد  وسيحاكمهم ... فكم يبلغ عددهم؟

سيطرة قوى المعارضة المسلّحة 

وعقب سيطرة قوى المعارضة المسلّحة على المدينة، تمكّنت مجموعات من القبض على هؤلاء المقاتلين، واقتادتهم إلى السجون لمحاسبتهم ومحاكمتهم في وقت لاحق، إلى جانب مقاتلين أجانب آخرين. 

ولم تعقّب السلطات الجزائرية حينها على هذه الأخبار، واختارت الصمت، هي التي كانت تردّ على أي اتّهام موجّه إليها.

وقدتحدّث الموفد الجزائري إلى دمشق عن طبيعة العلاقات المستقبلية بين البلدين، لكنه ركّز على مسألة المقاتلين وفق ما أكّدته التقارير الإعلامية، وطالب بتسليمهم إلى بلادهم، إلا أن الإدارة السورية الجديدة بقيادة الشرع رفضت الطلب.

وبالعودة إلى تقارير إعلامية سابقة، نرى أن مسألة المقاتلين الجزائريين في صفوف قوات الأسد، برزت إلى الساحة سنة 2015 مع احتدام القتال في البلاد، وفي أيار/ مايو 2016، أعلن الجيش السوري مقتل أول جزائري كان يحارب في صفوف قوات بشار الأسد.

آنذاك، نقلت مصادر،  أن مقتل الجزائري حسين بن عيسى المكنّى بـ”أبي عدي” في معارك داريا في ريف دمشق، التي سجّلت حضوراً مبكراً وقوياً في الثورة السورية ضد النظام الحاكم.

هل رفض الشرع طلب الجزائر الافراج عن عناصر للبوليساريو؟

الحرس القومي العربي

ونشط الجزائري بن عيسى ضمن “الحرس القومي العربي”، الذي يتزعّمه اللبناني أسعد حمود، الملقب بـ”الحاج ذو الفقار”، وهي مجموعة تقاتل إلى جانب قوات النظام، وشارك القائد الميداني الجزائري في معارك كثيرة ضد فصائل المعارضة السورية.

ولم يكن بن عيسى الجزائري الوحيد في تلك المعارك، بل كان إلى جانبه جزائريون آخرون يقاتلون في صفوف قوات الأسد، وقد تورّط عدد منهم في المجازر التي ارتُكبت بحقّ المدنيين العزّل في داريا وغيرها من المدن السورية.

 مساندة نظام بشار 

وتحوّل عدد من الجزائريين من مساندة نظام بشار في الفضاء الافتراضي ووسائل الإعلام، إلى حمل السلاح والتوجّه إلى سوريا وقتال المدنيين المطالبين بالتغيير والتحوّل السياسي الديمقراطي، بعدما استطاع زبانية النظام إغراءهم لينضمّوا إلى ميليشيات ترفع شعارات القومية العربية.

ويضم “الحرس القومي العربي” الذي يتكوّن من 4 مجموعات: “كتيبة محمد البراهمي” المنسوبة إلى رئيس “التيار الشعبي” في تونس الذي اغتيل سنة 2013، و”كتيبة وديع حداد” المنسوبة إلى قائد العمليات الخارجية في “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين”، و”كتيبة حيدر العاملي” المنسوبة إلى حسين أسعد حمود عضو “تجمّع اللجان والروابط الشعبية”، و”كتيبة جول جمال” المنسوبة إلى الضابط السوري الذي قُتل في مصر خلال العدوان الثلاثي، إضافة إلى مئات المقاتلين العرب من جنسيات مختلفة.

وعلى رغم حديث وسائل إعلام سورية ودولية عن رفض القيادة السورية تسليم المقاتلين الجزائريين إلى بلادهم، اختار النظام مواصلة الصمت تجاه هذه القضية وعدم الخوض فيها، وهو ما يزيد من تأكيد صحة هذه التقارير.

البنتاغون يحذر الأسد من مهاجمة حلفائه في سوريا

كيف  نُقل المقاتلون الجزائريون إلى سوريا

ووفقاً لما تم رصده، فقد نُقل المقاتلون الجزائريون إلى سوريا بمساعدة إيران، التي تمتلك علاقات قوية مع النظام الجزائري، وعناصر “البوليساريو” التي تنشط قرب الصحراء الغربية المتنازع عليها بين المغرب وجبهة “البوليساريو”. وساهمت المخابرات الإيرانية في إقناع عدد مهم من الجزائريين، بخاصة من عناصر “البوليساريو”، بالالتحاق بقوات النظام لمساندة الأسد في حربه ضد المدنيين السوريين.

وعلى رغم عمل هؤلاء تحت قيادة جيش النظام، فإنهم يتلقّون الدعم والتمويل المباشر من قيادات في “الحرس الثوري” الإيراني، وقيادات في “حزب الله” اللبناني، ويخضعون للتدريب تحت إشرافهم، ما جعلهم أداة في يد طهران لتنفيذ أجنداتها في سوريا والمنطقة.

كان أن النظام الجزائري يعلم انضمام عدد من الجزائريين للقتال في صفوف قوات الأسد، إلا أنه لم يمانع ذلك، فنظام تبون ومن قبله الراحل بوتفليقة كانا حريصين على استمرار حكم عائلة الأسد، على رغم المجازر الكثيرة التي ارتُكبت في حق الشعب السوري.

ويُذكر أن العلاقات الجزائرية-السورية تشهد توتراً متزايداً، خاصة مع تباين مواقف البلدين تجاه الأزمة السورية، حيث تدعم الجزائر النظام السوري، في حين تشهد دمشق تغييرات سياسية غير مسبوقة بعد وصول الرئيس أحمد الشرع إلى السلطة.