شهر رمضان في بريطانيا، هو ضيف ارتبط اسمه بالكثير من الروحانيات وذكريات الطفولة، وهو فرصة سنوية للمغتربين والمهاجرين لتذكير أنفسهم وأبنائهم بعاداتهم وثقافاتهم، ومع ذلك، ليس المسلمون وحدهم من ينتظرون الشهر الكريم، فكرم رمضان يمتد أبعد من ذلك، حيث بات موسمًا اقتصاديًا يستفيد منه المسلمون وغير المسلمين على حد سواء.
وقال أحد مربي المواشي: "نربي الكثير من الخراف بغرض بيعها للمجتمع المسلم في موسم رمضان، وهذا شيء جيد للجميع، وأن إنتاج اللحوم خلال الشهر الفضيل يعد فرصة ينتظرها أصحاب المطاعم الذين يحرصون على تقديم أشهى المأكولات للصائمين، من بينها محشي الكوسا، الكبة اللبنية، الملوخية، والمقلوبة، وكل الأطعمة التي تُطبخ في البيوت بأيدي الأمهات.
رمضان أصبح حاضرًا بقوة في بريطانيا إلى الحد الذي دفع ملك البلاد وعقيلته إلى نشر مقطع مصور لهما وهما يشاركان في تعبئة أكياس التمر للصائمين، تعبيرًا عن احترام العائلة المالكة لمكون مهم وأصيل من تركيبة البلاد.
أما المساجد، فهي الوجهة الأولى للصائمين بعد إنهاء احتياجاتهم اليومية، حيث يسجل رمضان حضورًا متزايدًا لرواد جدد، أغلبهم من الأطفال والشباب، الذين يفرح بهم من سبقهم إليها، إذ يقول أحد المصلين: “من الجميل أن تراهم يأتون إلى المسجد ويستمتعون، لا سيما بصلاة التراويح”.
حتى مع وجود اختبارات مدرسية، يحرص الصغار على المجيء مع ذويهم، مما يعكس تمسك الأجيال الجديدة بهويتهم الدينية.
يعيش في بريطانيا أكثر من 4 ملايين مسلم، يشكلون حوالي 6% من السكان، مما يجعلها ثالث أكبر دولة أوروبية من حيث عدد المسلمين.
معظم رواد المساجد هم من الجيل الثالث أو الرابع من المهاجرين المسلمين، بينما بعضهم حديث عهد بالبلاد، ولكل منهم حكايته الخاصة. أما حكاية الجميع الآن، فعنوانها شهر رمضان، بلذيذ إفطاره، ولطيف سحوره، وما بينهما من عبادات وطقوس.
تشير الإحصاءات الأخيرة إلى أن عدد المسلمين في بريطانيا يقدر بحوالي 3.5 مليون نسمة، مما يجعل الإسلام ثاني أكبر ديانة في البلاد بعد المسيحية. يعيش المسلمون في جميع أنحاء المملكة المتحدة، ولكنهم يتركزون بشكل خاص في المدن الكبرى مثل لندن، برمنغهام، مانشستر، وبرادفورد.
رمضان في بريطانيا ليس فقط شهرًا للصيام، بل هو أيضًا وقت للتجمعات العائلية، الأعمال الخيرية، والأنشطة المجتمعية. فيما يلي بعض العادات والتقاليد التي يمارسها المسلمون في بريطانيا خلال الشهر الكريم:
صلاة التراويح، حيث تقام صلاة التراويح في المساجد الكبرى مثل مسجد شرق لندن ومسجد برمنغهام المركزي. هذه الصلاة تجمع المئات بل الآلاف من المصلين كل ليلة، وايضًا قراءة القرآن، حيث يشجع المسلمون على قراءة القرآن الكريم خلال رمضان، وتنظم العديد من المساجد دورات لختم القرآن.
الزكاة والصدقات، يعتبر رمضان شهر العطاء، حيث يقدم المسلمون الزكاة والصدقات للمحتاجين. تقوم العديد من المنظمات الخيرية الإسلامية بجمع التبرعات وتوزيعها على الفقراء في بريطانيا وحول العالم، وموائد الإفطار الجماعية، حيث تقام في المساجد والمراكز الإسلامية، حيث يتم تقديم وجبات مجانية للصائمين.
الإفطار العائلي، يعتبر الإفطار وقتًا خاصًا للعائلات، حيث يجتمعون لتناول وجبة الإفطار معًا، وايضًا الزيارات الاجتماعية، يزيد المسلمون من زياراتهم للأقارب والأصدقاء خلال رمضان، مما يعزز الروابط الاجتماعية.