مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

حسن الخلق والسلوك الرشيد.. خطبة عرفة تتناول قيم الإسلام وتدعو للتراحم

نشر
الأمصار

ألقى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى، خطبة عرفة من مسجد نمرة بمشعر عرفات.

وتعد هذه المرة الأولى للعيسى عضو هيئة كبار العلماء الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، في إلقاء خطبة عرفة، بعد أن صدرت موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود.

وقال الشيخ محمد حمد بن عبد الكريم العيسى في مستهل الخطبة: "يا أيها المسلمون في كل مكان اتقوا الله تنالوا الفوز والنجاة والسعادة دنيا وآخرة".

وأضاف: "حسن الخلق قيمة مشتركة بين الناس كافة وسلوك رشيد للمجتمع، وإن قيم الإسلام البعد عن كل ما هو متنافر ويحث على الفرقة، ويجب التصدي للمفاهيم المغلوطة عن الإسلام، فالإسلام روح جامعة، ونبيه الكريم هو القائد".

وأوصى "حجاج بيت الله الحرام بتقوى الله عز وجل، وأن نكون مستجيبين لما دعا الله إليه من التوحيد بإفراده بالعبادة وعدم صرف شيء من العبادات لغيره".

خطبة عرفة 

وقال في نص الخطبة: "الحمد لله العليم الخبير (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) ، (وهو الله في السماوات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون) (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين).

وأشهد أن لا إله إلا الله يعلم السر وأخفى لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء (إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شيء علما) ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفه الله بقوله (وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما ) صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد فيا حجاج بيت الله، ويا أيها المسلمون في كل مكـان اتقوا الله تعالى تنالوا الفوز والنجاة والسعادة دنيا وآخـرة، وكيف لا نتقي الله ولا نفرده بالعبادة وهو النافع الضار، وإن من تقوى الله أن نكون مستجيبين لما دعا الله إليه من التوحيد بإفراده بالعبادة وعدم صرف شيء من العبادات لغيره كائناً من كان.


وهذه هي دعوة جميع الأنبياء كما قال إبراهيم عليه السلام لقومه : ( اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ) ولقد أنزل الله الكتب وبعث الأنبياء والرسل معلمين لأممهم داعين إلى التوحيد وإفراد الله بالعبادة.

فكانت شهادة التوحيد لله مع شهادة الرسالة لمحمد صلى الله عليه وسلم هي سبب تحصيل رضا الله وسبب النجاة يوم المعاد ومن مدلول شهادة الرسالة تصديق محمد صلى الله عليه وسلم في أخباره وطاعته في أوامره وعبادة الله بما جاء به.

وكانت الشهادتان أول أركان الإسلام كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( بني الإسلام على خمس ، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً )).

وكان الركن الثاني إقامة الصلاة قال الله تعالى والزكاة قرينة الصلاة في كتاب الله وهي الركن الثالث وتكون بإعطاء الغني جزءاً من ماله لمصارف الزكاة مما يظهر شيئاً من محاسن الدين في التكافل الاجتماعي، والمساهمة في المنافع العامة.

 

ومن الأركان صيام شهر رمضان، وحج بيت الله الحرام، وقد تفضل الله عليكم أيها الحجاج بتيسير السبل لأداء هذه الفريضة فكونوا فيها متبعين لهدي نبيكم صلى الله عليه وسلم، كما بين النبي صلى الله عليه وسلم مراتب الدين الأخرى فالإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، وأركان الإيمان أن تؤمن بالله وملاكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره.

 

وصيايا للمسلمين في يوم عرفة 

فيا حجاج بيت الله، ويا أيها المسلمون في كل مكان، أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى فإنها خير الزاد.

كما أوصيكم ونفسي بالمسارعة في فعل الخير، واعلموا عباد الله أن من المسارعة في الخير الحرص على امتثال قيم الإسلام التي صاغت سلوك المسلم فهذبته خير تهذيب، وكان بها نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم على ما وصفه ربه جل وعلا: ( وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ) وهو عليه الصلاة والسلام القائل: (( إن من أحبكم إليَّ وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً)).

وحسن الخلق في "الوصف العام" قيمة مشتركة بين الناس كافة، يقدّرها المسلم وغيره؛ إذ هي سلوك رشيد في القول والعمل.


 

والمسلم "براسخ قيمه" لا يلتفت لجاهل ولا لمغرض ولا لعائق،  كما يعلم المسلم أن منازلة أولئك تسهم في إعلاء ذكرهم، ونجاح مشروعهم، وهو ما يسعدون به، بل إن الكثير منهم يعول عليه، غير أن مخاطر التدليس يتم كشفها، مثلما يتم التصدي للإساءة البينة، وكل ذلك يساق بحكمة الإسلام.

حجاج بيت الله أيها المسلمون:

إن من قيم الإسلام البعد عن كل ما يؤدي إلى التنافر والبغضاء والفرقة وأن يسود تعاملاتنا التواد والتراحم.

وهذه القيم محسوبة في طليعة معاني الاعتصام بحبل الله حيث يقول جل وعلا: ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ) والوحدة والأخوة والتعاون تمثل السياج الآمن في حفظ كيان الأمة وتماسكه، وحسن التعامل مع الآخرين.

وهو ما يشهد على أن الإسلام روح جامعة، يشمل بخيره الإنسانية جمعاء، ونبيه الكريم صلى الله عليه وسلم وهو القائل: "خير الناس أنفعهم للناس".

لذا سما التشريع الإسلامي بإنسانيته التي لا تزدوج معاييرها، ولا تتبدل مبادئها فأحب الخير للجميع وألف قلوبهم.

 

ومن تلك القيم انتشر نور الإسلام، فبلغ العالمين في أرجاء المعمورة، حيث تتابع على تبليغ هذا الخير رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فأثمر هذا الهدي الرشيد أتباعاً مهديين، سلكوا جادة الإسلام.

كما كان لأهل العلم الراسخين أثر مبارك في الاضطلاع بمسؤولية البيان، ومن ذلك التصدي للمفاهيم الخاطئة والمغلوطة عن الإسلام.

مناسك الحج بعد الوقوف بعرفة

إن من مواطن إجابة الدعاء موقفكم هذا أيها الحجيج فقد وقف النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة يدعو الله ويذكره بعد أن خطب خطبة عرفة وصلى الظهر والعصر جمعاً وقصراً بركعتين وأذان وإقامتين، واستمر في وقوفه إلى غروب الشمس، ثم ذهب إلى مزدلفة يسير بهدوء وطمأنينة ويوصي أصحابه بالسكينة والوقار وصلى في مزدلفة المغرب ثلاثاً والعشاء ركعتين وبات هناك وصلى الفجر بها وجلس للذكر حتى أسفر جداً ثم ذهب إلى منى فرمى جمرة العقبة بسبع حصيات ثم ذبح هديه صلى الله عليه وسلم وحلق فتحلل التحلل الأول ثم ذهب لمكة فطاف وعاد لمنى فبات بها ليالي أيام التشريق.

وكان الرسول في منى يكثر صلى الله عليه وسلم من ذكر الله ويرمي يومياً الجمرات فرمى الصغرى بسبع ثم الوسطى بسبع ويدعو الله بعدها ثم يرمي جمرة العقبة بسبع ورخص لأهل الأعذار في ترك المبيت بمنى وبقي صلى الله عليه وسلم إلى اليوم الثالث عشر وأجاز التعجل في اليوم الثاني عشر وبعد فراغه من الأنساك طاف للوداع قبل سفره.