مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

2023.. مصير الحرب الروسية الأوكرانية بين التصعيد والمفاوضات

نشر
الأمصار

بات موقف روسيا في أوكرانيا متأرجحاً بين التصعيد العسكري والمفاوضات من أجل حل دبلوماسي، وتشكّل زيارة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى واشنطن في 21 ديسمبر/كانون الأول الماضي، محطة مفصلية.

وحرّكت الزيارة الموقف الروسي، وترتبت عليها تطورات جديدة سريعة، من بين أهمها بروز اختلاف في خطاب المسؤولين الروس.

 وفي الوقت الذي تواصلت فيه عمليات القصف والحشد العسكري والتعبئة على جبهات الشرق، صدرت تصريحات تتحدث عن المفاوضات على لسان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي لم يسبق له أن تفوه بهذه المفردة.

زيارة زيلينسكي إلى واشنطن

وتبقى زيارة زيلينسكي إلى واشنطن شاغل موسكو الأول، ولذا تحركت في اتجاهين من أجل مواجهة النتائج المهمة المترتبة عليها.

 وذهب بوتين إلى مينسك للقاء حليفه الاستراتيجي الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، الذي وافق على استخدام روسيا أراضي بلاده في بداية الهجوم على أوكرانيا، وتشير التقديرات إلى أن دوره سيتجاوز، في الفترة المقبلة، التسهيلات اللوجستية إلى الدعم العسكري المباشر.

وتتحدث وسائل إعلام غربية منذ حوالي شهرين عن احتمال هجوم عسكري روسي بري جديد من بيلاروسيا باتجاه مدينة كييف، تشارك فيه قوات بيلاروسية. وتتحدث بعض وسائل الإعلام عن سيناريوهات تقوم على محاصرة العاصمة الأوكرانية في الطريق للاستيلاء عليها. وحسب التسريبات ستكون هذه العملية مدروسة أكثر من العملية السابقة التي جرت في بداية الحرب، وفشلت في إسقاط كييف.

وبعد اختتام زيارة بوتين إلى مينسك، بدأت التحضيرات الميدانية لعمل عسكري انطلاقاً من بيلاروسيا، وقامت السلطات العسكرية في بيلاروسيا بإغلاق مناطق حدودية واسعة مع أوكرانيا، وأخلتها من السكان وحوّلتها إلى مناطق عسكرية، وبدأت تستقبل قوات عسكرية تقوم بتدريبات قتالية هجومية.

والتحرك الثاني هو قيام نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري ميدفيديف بزيارة مفاجئة إلى بكين، حيث استقبله الرئيس الصيني شي جين بينغ، والذي قال إنه بحث معه الحرب في أوكرانيا على وجه الخصوص، والتعاون الثنائي في إطار الشراكة الاستراتيجية، خصوصاً في الشؤون الاقتصادية والصناعية، كما القضايا الدولية، بما في ذلك، بالطبع، "الصراع في أوكرانيا". وتعد شراكة الصين مع روسيا لا غنى عنها للبلدين، فالصين توفر التكنولوجيا، بينما تقدم روسيا المواد الأولية.

وفي التقارير الصحفية والبحثية التي تم نشرها خلال الأسبوع الأخير عند الحديث عن مستقبل تلك الحرب في العام الجديد 2023، حيث اتفقت تلك التحليلات أنه حتى الآن لا يملك أي طرف من أصحاب التأثير في تلك الحرب، من حسم المعركة لصالحه، أو إجبار الأطراف المتصارعة للجلوس من حيث المبدأ على طاولة المفاوضات.

شروط موسكو

ووفقا لما توافقت عليه كافة التحليلات والموضوعات الصحفية حول العالم عند الحديث عن مستقبل تلك الحرب في 2023، فإن هناك تباعد شديد بين رؤية الأطراف المؤثرة في قرار انهاء الحرب للخروج من تلك المعركة المدمرة لاقتصاد العالم، وليس لروسيا وأوكرانيا فقط، وبالطبع يأتي الحديث عن شروط روسيا في المقدمة، وذلك كونها هي صاحبة قرار البدء في الحرب، ووفق أهداف معلنة، تعتبرها شروط أساسية لوقف النزاع المسلح.

وتتمحور الشروط الروسية لوقف الحرب حول البنود الأساسية التالية:


• تعديل الدستور الأوكراني بحيث يتضمن نبذ الانضمام لأي تكتل عسكري.

• وقف العمليات العسكرية والاعتراف بشبه جزيرة القرم ودونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزاباروجيا كأراضٍ روسية.

• نزع كافة أنواع الأسلحة في أوكرانيا والقضاء على النزعات "النازية والقومية والشوفينية" فيها.

• الاعتراف بسيادة واستقلال المناطق الخمس التي انضمت إلى روسيا في عامي 2014 و2022 كأجزاء مكونة من الاتحاد الروسي، وبالتالي اعتراف كييف بالحدود الجديدة الناشئة نتيجة لذلك بين روسيا وأوكرانيا.

• تخلي أوكرانيا عن حيازة ونشر الأسلحة النووية، ووسائل إيصالها من الدول الأجنبية، والامتناع عن إقامة قواعد أجنبية على أراضيها، وتثبيت ذلك دستوريًّا.

• عدم إطلاق النار على محطات الطاقة النووية أو المنشآت المدنية التي تستخدم مواد مشعة لأغراض علمية، والامتناع عن الحصول على أي أنواع من أنظمة الدفاع الصاروخي الأجنبية أو أي أنظمة تفوق سرعة الصوت.

• حل جميع الجماعات والتشكيلات "النازية الجديدة، والقومية المتطرفة" على أراضي أوكرانيا، والحد من عدد القوات المسلحة لأوكرانيا إلى ما مجموعه 50 ألفا من أفراد القوات البرية والجوية والبحرية.

• حرمان أوكرانيا من إمكانية شن "عدوان أو هجوم واسع النطاق على البلدان المجاورة، على سبيل المثال، روسيا وبيلاروسيا".

• ضمان قيام الجانب الأوكراني بدفع تعويضات "لجميع مواطني الاتحاد الروسي، بما فيها الخمسة أقاليم الجديدة، عن الخسائر في الأرواح، والإصابات، والتدمير الجزئي أو الكامل لمنازلهم، فضلاً عن البنية التحتية الحيوية، بدءًا من نهاية فبراير 2014".

• قيام كييف بتسديد جميع الديون والقروض المالية والتجارية والاقتصادية التي تم اقتراضها من روسيا منذ عام 1991 بعد انهيار الاتحاد السوفياتي.

شروط أوكرانيا 


فيما يروج الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لخطة سلام من 10 نقاط ناقشها مع الرئيس الأميركي جو بايدن من بين آخرين، ويحث زعماء العالم على عقد قمة عالمية للسلام بناء على تلك الخطة، حيث أعلن زيلينسكي للمرة الأولى صيغته للسلام في قمة في نوفمبر لمجموعة العشرين، وتدعو الخطة إلى:

• السلامة الإشعاعية والنووية، بالتركيز على استعادة الأمن حول أكبر محطة نووية في أوروبا وهي محطة زابوريجيا في أوكرانيا التي تخضع حاليا للسيطرة الروسية.

• الأمن الغذائي، بما يشمل حماية وضمان صادرات الحبوب الأوكرانية لأفقر الدول في العالم.

• أمن الطاقة، بالتركيز على قيود الأسعار على موارد الطاقة الروسية إضافة إلى مساعدة أوكرانيا في إصلاح وتأهيل البنية التحتية للكهرباء التي تضرر نحو نصفها من الهجمات الروسية.

• الإفراج عن كل السجناء والمُبعدين بما يشمل أسرى الحرب والأطفال الذين تم ترحيلهم لروسيا.

• إعادة وحدة الأراضي الأوكرانية وتأكيد روسيا عليها بموجب ميثاق الأمم المتحدة في بند قال عنه زيلينسكي إنه "غير قابل للتفاوض".

• سحب القوات الروسية ووقف العمليات القتالية وإعادة الحدود بين أوكرانيا وروسيا لسابق عهدها.

• العدالة، بما يشمل تأسيس محكمة خاصة لمحاسبة مرتكبي جرائم الحرب من روسيا.
• منع إبادة البيئة الطبيعية والحاجة لحماية البيئة بالتركيز على إزالة الألغام وإصلاح منشآت معالجة المياه.

• منع تصعيد الصراع وبناء هيكل أمني في الفضاء اليورو-أطلسي بما يتضمن ضمانات لأوكرانيا.

• تأكيد انتهاء الحرب من خلال توقيع وثيقة من كافة الأطراف المعنية.

ردود الفعل على شروط الأطراف الفاعلة لإنهاء الحرب

 كان هناك رفض متبادل بين روسيا وأوكرانيا لشروط الطرف الآخر، وأخرها رفض روسيا مقترحات السلام التي طرحها زيلينسكي هذا الشهر، حيث أكدت موسكو أنها لن تتخلى عن أي أراض استولت عليها بالقوة، والتي تشكل حاليا نحو خُمس مساحة أوكرانيا، وتقول إنها ضمتها بالفعل، فيما كان موقف أمريكا في العلن تأييد رؤية أوكرانيا، وفي الخفاء دراسة سيناريو واقعي.

ولكن الأكثر وضوحا كان حديث الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، حيث قال إن فرص إجراء أي محادثات سلام في أي وقت قريب ضئيلة في الفترة المقبلة، وأضاف في آخر تصريحاته في عام 2022، "أعتقد أن المواجهة العسكرية ستستمر وأعتقد أننا سنضطر للانتظار أكثر لتوقيت يمكن فيه أن تكون المفاوضات الجادة من أجل السلام ممكنة".

الصين وسيطا للأزمة الأوكرانية

ووفقا لما ترصده تحليلات المواقف ومقاييس المصالح، فإن الصين بالفعل تمتلك القدرة على القيام بدور الوساطة لوقف الحرب، وتمتلك أدوات الضغط على روسيا إذا تطلب الأمر، وفي ذات الوقت لديها مصالح يمكن أن تحققها من هذا الدور، فهي تمتلك أوراق الضغط التي يحتاجها أي مفاوض للإجبار الطرف الروسي "الأقوي" على الاستجابة للتفاوض وما يترتب عليه من نتائج، وكان هناك اجماع عالمي على أن روسيا كان لا يمكنها القيام بتلك الحرب لولا قيام الصين بدور الرئة التي يتغذى عليها الروس.

فقبل الحرب حضر الرئيس بوتين إلى الصين ومعه وفد من 54 شخصية ضمت كبار رجال الأعمال والصناعيين والتجار والمصرفيين والخبراء في شتى القطاعات، وتم التوقيع على عقود الاتفاقيات الاقتصادية اللازمة لتعويض ما يمكن أن تقوم به الدول الأوروبية والولايات المتحدة من عقوبات ومنع للاستيراد من روسيا.