د. عبد الحفيظ محبوب يكتب: أين تتجه أسواق النفط في عام 2023
على الرغم من انخفاض أسعار النفط في الأشهر الأخيرة من 2022، لكن توقعات البنوك الاستثمارية، ومنتجي النفط تميل نحو صعود أسعار النفط في 2023 على الرغم من العقوبات التي فرضها الغرب على روسيا، ومحاولات تحجيم تحالف أوبك بلس، رغم ذلك يظل النفط في دائرة المستثمرين وأباطرة المال الأمريكيين أنفسهم، على الرغم من التقارير العالمية التي تشير إلى احتمال تبطؤ الطلب العالمي بفعل رفع أسعار الفائدة بشكل خاص في الولايات المتحدة لمواجهة التضخم.
ما يجعل كثير من المستثمرين يتجهون نحو الاستثمار في شركات الطاقة وكثير منهم حولوا بوصلتهم الاستثمارية خلال العاملين الماضيين نحو شركات الطاقة، لأن نشاط الإقراض في البنوك تضرر بالتضخم المرتفع الذي يؤدي حتما بالتراجع بالنشاط الاستثماري مقارنة بالأرباح التي تجنيها شركات الطاقة، فأرباح شركة إكسون موبيل تفوقت على شركات الطاقة الأوروبية العملاقة أمثال شل وتوتال انرجي خلال الأشهر ال3 المنتهية في سبتمبر 2022 إذ حققت 19.66 مليار دولار خلال الربع الثالث مقارنة ب6.75 مليار دولار في الربع نفسه من عام 2021، أي حققت شركة أكسون موبيل 43 مليار دولار خلال ال9 أشهر من 2022 بارتفاع قدره 19 في المائة عن الفترة نفسها من عام 2005 وهي المدة التي شهدت تداول أسعار النفط مستوى قياسي بلغ 140 دولارا للبرميل.
ووفقا لتقرير حديث صادر عن مؤسسة موديز للتصنيف الائتماني العالمية ستستقر أرباح صناعة النفط بشكل عام في 2023، بسبب أن الولايات المتحدة ستتجه نحو إعادة بناء احتياطي البترول الاستراتيجي، ما يرفع الطلب على الخام في الأشهر المقبلة، كما تعهدت الصين بإعادة تنشيط الاستهلاك بتخفيف قيود مواجهة كورونا، ما يزيد من انتعاش الطلب ويرفع الأسعار، فضلا أن تأتي خطوة الغرب فرض سقف على سعر الخام الروسي بنتائج عكسية، وبالفعل هبطت صادرات الخام الروسي 11 في المائة مطلع ديسمبر وحتى 20 مقارنة بشهر نوفمبر بحسب صحيفة كوميرسات الروسية في 21/11/2022، وهو ما يساهم في الحفاظ على الأسعار عند مستويات مرتفعة.
ووفقا لربيكا بابين متعاملة في الطاقة في شركة سي أي بي سي لإدارة الثروات الخاصة في الولايات المتحدة لوكالة بلومبيرغ إن السوق تميل نحو الشراء بعد أنباء إعادة فتح الاقتصاد في الصين، وكما نقلت وول ستريت الأميركية عن أمريتا سين مديرة الأبحاث في إنرجي اسبكتس إن الطلب المرتفع الذي ستشهده الصين قد يؤدي إلى تأرجح الطلب وكذلك الأسعار لتدور في حدود 85 و130 دولارا للبرميل، كما توقع بنك غولدمان ساكس الأميركي أن ترتفع أسعار النفط إلى 115 دولارا للبرميل.
كما توقعت أوبك أن الطلب على النفط في 2023 سينمو 2.25 مليون برميل يوميا على مدار العام ليسجل أكثر من 101 مليون برميل يوميا، كما رفعت وكالة الطاقة الدولية تقديراتها للطلب في 2023 بمقدار 1.7 مليون برميل يوميا، وجاءت تلك التقديرات على أساس تنبؤ بأن الطلب الصيني على النفط سيتعافى بعد انكماش بنحو 400 مليون برميل يوميا.
العقوبات الغربية على روسيا
العقوبات الغربية على روسيا، وخصوصا في مجال إنتاجها النفطي، والحاجة إلى تعزيز الخزن الاستراتيجي للولايات المتحدة بعد ضخ ما يقرب من 200 مليون برميل في 2022 لمواجهة تضخم أسعار الوقود، كذلك من غير المتوقع أن يسجل إنتاج النفط الأمريكي معدلات زيادة سنوية في الإنتاج تبلغ مليون برميل يوميا أو أكثر، كما حدث في الماضي القريب، كلها إشارات لا تقبل الشك في أن عصر النفط الرخيص انتهى وإلى الأبد، لأن الطلب لن ينخفض قريبا، على الرغم من استهدافه بجهود الانتقال في مجال الطاقة، وكانت وكالة الطاقة الدولية من أكثر الأعضاء نشاطا في حركة انتقال الطاقة، قد عدلت توقعاتها للطلب العالمي على النفط الخام، بسبب غياب بدائل قابلة للتطبيق للمنتجات النفطية، وسيكون العرض والطلب في حالة توازن غير مستقر في المستقبل على حافة النقص بل النقص العميق.
قد يكون الوضع أكثر خطورة فيما يتعلق بالإمدادات، هناك تعليق من مات سالي المسؤول في شركة الاستثمار في الطاقة نورتواز إيكوفين من أن مخزون النفط العالمي عند أدنى مستوى له منذ عام 2004، خصوصا أن أوبك لا زالت تكافح من أجل إنتاج حصتها المعلنة، والمنتجون الأمريكيون لا يستطيعون إنتاج المزيد من الإنتاج، لأن الإنتاج لا يزال الإنتاج الفعلي ضعيفا لأسباب مثل النضوب الطبيعي في الحقول والاستثمار غير الكافي.