السويداء.. التاريخ والحاضر والمستقبل
تجمهر واحتشد العشرات في وسط في محافظة "السويداء"، ورفعوا شعارات مُطالبة برحيل "الأسد" وإسقاط النظام وشهدت المحافظة إضرابًا عامًا قام على إثره المحتجون بإغلاق الطرقات والدوائر الحكومية بالمحافظة ومنع الموظفين من الوصول إليها، وذلك في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد وانتشار تجارة المُخدرات بشكل واسع في الجنوب السوري.
واحتج الشعب على قرار "الحكومة السورية" الأسبوع الماضي بسبب رفعه للدعم عن الوقود، مما أثار تظاهرات حاشدة في السويداء، وهذا القرار أثر سلبًا على معيشة السكان الذين يُعانون إزاء تدهور الاقتصاد السوري بعد 12 عامًا من النزاع، إذ جاء رفع الدعم عن الوقود في وقت خسرت فيه العملة المحلية أكثر من 99 بالمئة من قيمتها، بينما يُعاني أكثر من 12 مليون سوري انعدام الأمن الغذائي.
ما هي السويداء؟
السويداء مدينة في الجمهورية العربية السورية وهي مركز محافظة السويداء، وتقع على بعد 100 كم جنوب مدينة دمشق، وتتربّع فوق قمم سلسلة جبلية بركانية خامدة يطلق عليها جبل العرب، ويتميز الجبل بجمال الطبيعة والمناخ المعتدل البارد صيفًا والبارد جدًا في الشتاء وتتساقط الثلوج على أغلب المرتفعات الجبلية، وترتبط المحافظة بشبكة من الطرق الرئيسية التي تصل المدن الرئيسية بالقرى والبلدات.
يُشار إلى المدينة من قبل البعض باسم "فنزويلا الصغيرة" بسبب التدفق إلى المدينة من المهاجرين الفنزويليين من أصول سورية من الأثرياء. وسكان المدينة هم بشكل رئيسي من الموحدون الدروز إلى جانب أقلية كبيرة من أتباع الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية.
بلغ عدد سكان محافظة السويداء 313,221 نسمة (تعداد 2004). ووفقًا لتقديرات السفارة الفنزويلية في دمشق، فإن ما يقرب من 60% من سكان السويداء وُلدوا في الأراضي الفنزويلية ويمتلكون جنسية مزدوجة.
السويداء هي أكبر مدن جبل العرب أو محافظة السويداء وتشتهر المدينة والمحافظة بآثار رومانية كثيرة. هناك مناطق أثرية كثيرة يعود تاريخها لعصور قديمة بعضها إلى العصر الحجري الأول بدليل الكهوف والمواقع التي استوطن بها الإنسان القديم وهناك عدد من المواقع والكهوف المكتشفة في المحافظة التي دلّت على استقرار الإنسان الأول في المنطقة، وتشتهر مدينة السويداء بمتحفها الذي يضم العديد من أوابد المحافظة الأثرية.
تعد المنطقة متحفًا مفتوحًا يضم الكثير الكثير من المدن والمواقع الأثرية الرومانية والبيزنطية والنبطية وغيرها، وتنتشر الأوابد الأثرية في كافة أرجاء المحافظة بشكل كبير، وتتمثّل في المعابد والقصور والأعمدة والكنائس والمسارح والحمامات الرومانية والبوابات وخزانات وأقنية المياه الرومانية واليونانية والجسور والمساكن التي تغطي كل مدينة وبلدة وقرية على امتداد مناطق المحافظة.
تاريخ السويداء
محافظة السويداء لها تاريخ حافل بالبطولات ولقد دحر فيها كثير من المحتلين وآخر من هزم المحتل الفرنسي الذي كان من القوى والدول الاستعمارية الكبرى وقد تصدّى أبناء الجبل للمحتل الفرنسي وسطّروا صفحات مشرقة دفاعًا عن بلادهم فقد انطلقت منها الثورة السورية الكبرى، وأهم المعارك الغاية في الأهمية في استمرار الثورة ووحدتها مثل معركة المزرعة ومعركه الكفر وقد عمل قادة الثورة على الحفاظ على الوحدة الوطنية وعدم تقسيم البلاد السورية وكان من أشد المنادين بضرورة بقاء سوريا موحدة وهذا ما حصل وما حققته وحدة الكلمة والثورات التي تكاتفت في كافة أنحاء سوريا وتحت قيادة سلطان الأطرش القائد العام لالثورة السورية الكبرى.
قدمت العديد من أبنائها شهداءً في سبيل الذَود عن أرضهم، فقد قاتلوا العثمانين وكانوا من أوائل من دخلوا دمشق بعد خروج العسكر العثماني. وتزعمهم بعد ذلك سلطان الأطرش في الثورة السورية الكبرى عام 1925 ضد الاحتلال الفرنسي، وقف أبناء السويداء كقلعة في وجه الاحتلال العثماني من خلال المواجهات العسكرية العديدة، وقاتلوهم كالجبل الصامد.
انطلقت الثورة السورية الكبرى ضد الفرنسيين من السويداء بقيادة القائد سلطان الأطرش. وقد قامت أولى المعارك في ربوع السويداء كمعركة المزرعة المعروفة التي خسرت فيها فرنسا معظم قواتها الآتية من جنوب سورية نحو دمشق وكانت هذه المعركة بمثابة تحميل الأذى عن أهل دمشق وحماية لهم وانتصارًا سُجٍّل لثوار الجبل وللثورة السورية.