ما هي الأسباب الحقيقية وراء إلغاء زيارة الرئيس السيسي إلى تركيا؟
مع إعلان مصر وتركيا في وقت سابق من الشهر الجاري رفع التمثيل الدبلوماسي بينهما إلى مستوى السفراء، بدأت الأنظار تتجه إلى اللقاء المُرتقب الذي قد يجمع رئيسي البلدين، ويجب أن نعلم أن تركيا هي التي حاولت التقرب إلى مصر وليس العكس وأدخلت وساطات عربية ( قطر -العراق ) من أجل أن تعود المياه لمجاريها بين أنقرة والقاهرة.
ترحيب من القاهرة
- رحبت القاهرة بخطوة المصالحة والتقارب وطلبت شروط ثلاثة :
1- إيقاف التحريض ضد مصر وتسليم عناصر الإخوان الهاربين والمقيمين في تركيا والصادر بحقهم أحكام قضائية نافذة على رأسهم علاء السماحي ويحيى موسى المتورطين في قتل النائب العام المصري الأسبق هشام بركات.
2 – إنهاء التواجد العسكري التركي في ليبيا.
3 – الوصول لصيغة توافق مع اليونان وقبرص كشرط لدخول تركيا عضو في منتدى غاز المتوسط الذي تم تأسيسه في القاهرة في يناير 2019.
مرونة في التفاوض
كما أبدت تركيا بعدها مرونة في التفاوض حول تنفيذ شروط القاهرة الثلاثة ،وتبادل الرؤساء الاتصالات الهاتفية وتبادلت الدولتان السفراء ثم بعدها تم الإعلان عن زيارة مرتقبة للرئيس المصري إلى تركيا تم إلغائها بعد ذلك ولم يتم الإعلان عن الأسباب.
أسباب الغاء زيارة السيسي إلى تركيا
ولكن أن إلغاء زيارة السيسي إلى تركيا بسبب تراجع تركيا عن كل ماتعهدت به، فلم تقم بتسليم عناصر الإخوان المطلوبين إلى مصر ومازالت تحتضن آلاف الإخوان ومنصاتهم على أراضيها، وفي 8 أغسطس الماضي اجتمع أردوغان بوفد من الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي تتزعمه الإخوان وأصدر تعليمات للحكومة التركية بعدم السماح بالإساءة لعناصر الإخوان وخصص خط اتصال مباشر للتواصل معه في حال تعرض الإخوان المقيمين في تركيا لأي مضايقات.
ومن الواضح أن السبب الثاني هو إصرار أنقرة على التواجد العسكري في ليبيا ومنذ أيام أعلنت وسائل إعلام ليبية وتركية أن تركيا استأجرت ميناء الخمس الليبي لمدة 99 عاما وبحسب ما ورد تريد تركيا تحويل الميناء إلى قاعدة عسكرية لقواتها البحرية والجوية وهو ما يشكل خطورة بالغة على الأمن القومي المصري، كما يبدو أن تركيا عادت من جديد لمراوغة مصر والضغط عليها بورقتي الإخوان والنفوذ التركي في ليبيا لتحقيق مكاسب أكثر على الطاولة وهو مايعرقل ويعطل عملية الانفتاح والتقارب مع مصر.
أسباب أخرى لالغاء الزيارة
وأشار مصدر، إلى أن أسباب إلغاء الزيارة تتعلق بثلاثة ملفات رئيسية، أبرزها الدور الذي تسعى تركيا للقيام به في الملف الفلسطيني، وهو ما تعتبره مصر حكرا عليها.
والسبب الثاني يتعلق بمساعي تركيا للاتفاق مع "إسرائيل” على تمرير غاز حقل ليفايثان إلى أوروبا عبر أراضيها. وهو ما يؤثر بشكل مباشر على خطط مصر في هذا الإطار، خاصة في ضوء ما يتردد عن رفض الاحتلال تصدير المزيد من الغاز إلى مصر لعدم قدرتها على السداد.
والسبب الثالث يتعلق أيضا بعدم استجابة تركيا للطلبات المصرية، والتي مهدت لها وسائل الإعلام المؤيدة للسيسي، باتخاذ إجراءات نحو قيادات الإخوان في تركيا.
وكان قد أفاد دبلوماسي مصري، بأن اللقاء المرتقب الذي قد يجمع، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، قد أرجئ إلى موعد لاحق.
ونقل عن المصدر الدبلوماسي، قوله إن "تأجيل زيارة الرئيس المصري لتركيا والتي كانت مقررة، يوم 27 يوليو (تموز) الجاري، جاء بسبب سفره إلى مدينة سان بطرسبورغ للمشاركة في قمة روسيا - أفريقيا".
وأكد الدبلوماسي المصري على أهمية اللقاء المرتقب لمصلحة البلدين والمنطقة، خاصة بعد الجولة الخليجية للرئيس التركي والتي أنهاها قبل أيام.
وأعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تأجيل زيارته المقررة إلى أنقرة، والتي يفترض أن تكون اليوم بسبب حضوره للقمة الروسية الأفريقية في سانت بطرسبرغ.
واتجهت الأنظار نحو اللقاء المرتقب بين الرئيسين، لتعزيز العلاقات بين البلدين.
وتعتبر هذه الزيارة بمثابة محطة رئيسية في تطور العلاقات الثنائية بين البلدين، ومن المتوقع ان يبحث الرئيس السيسي ونظيره التركي المسائل المشتركة والتعاون في مجالات متعددة.
كما يتوقع أن يتم تبادل وجهات النظر حول التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية التي تؤثر على المنطقة، بما في ذلك التعاون في مكافحة الإرهاب وتعزيز الأمن الإقليمي.
عودة العلاقات
وسط الأزمات الصعبة والأوضاع الأمنية والسياسية المضطربة في العديد من دول المنطقة يأتي الخبر السار بإعلان مصر وتركيا رفع التمثيل الدبلوماسي إلى مستوى السفراء، في خطوة مهمة لعودة العلاقات الطبيعية بين أكبر قوتين في المنطقة.
أعلنت أنقرة تعيين صالح موتلو شن سفيرا لها في مصر، والقاهرة عينت عمرو الحمامي سفيرا لها في تركيا.
والعودة إلى العلاقات الطبيعية بين البلدين الصديقين جاءت بعد تبريد حدة التوترات بين القاهرة وأنقرة طوال السنوات العشر الماضية، وتغليب لغة العقل والمصالح المشتركة بين الجانبين، وبأن السياسة والعلاقات بين الدول لا تحكمها فقط الصداقات أو العداوات الدائمة وإنما المصالح المشتركة الدائمة.
من هنا وخلال السنوات الثلاثة الماضية تبادل الجانبان رسائل دبلوماسية معلنة وغير معلنة، كانت فحواها بأن استمرار التوتر في العلاقات ليس في مصلحة أحد، ويضر بالمصالح الوطنية لكلا الجانبين في المنطقة، في ظل تشابك العديد من الملفات وتماسها بين القاهرة وأنقرة في شرق المتوسط وفي ليبيا وسوريا وفلسطين ومنطقة الخليج، علاوة على ملف العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين والمرشح بعد التقارب وعودة العلاقات الدبلوماسية إلى النمو وزيادة حجم الاستثمارات والتبادل التجاري المشترك.
رسائل عدة تلقتها القاهرة وأنقرة ساهمت في تخفيف التوتر الذي استمر خلال العقد الماضي وأسفرت عن لقاءات جمعت وزيري خارجية البلدين، وسبقها اللقاء الودي الشهير بين الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره التركي رجيب طيب أردوغان في نوفمبر الماضي، على هامش افتتاح بطولة كأس العالم في قطر، وبحضور أمير قطر الشيخ تميم بن حمد.
وخلال اتصال تليفوني في مايو الماضي اتفق الرئيسان على عمق الروابط التاريخية التي تربط البلدين والشعبين المصري والتركي، والبدء في اتخاذ خطوات إيجابية لعودة العلاقات الدبلوماسية، وتأسيس علاقات طبيعية بين البلدين من جديد، وعزمهما المشترك على العمل نحو تعزيز علاقاتهما الثنائية لمصلحة الشعبين المصري والتركي.
واتفق الرئيس السيسي والرئيس أردوغان على تدعيم أواصر العلاقات والتعاون بين الجانبين، وقررا البدء الفوري في رفع العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين وتبادل السفراء.
وخلال مؤتمر صحفي مع نظيره التركي مولود تشاووش أوغلو، في أنقرة في أبريل الماضي، قال وزير الخارجية سامح شكري: "اتفقنا على إطار زمني محدد بشأن الارتقاء بمستوى العلاقات الدبلوماسية والتحضير لقمة على مستوى رئيسي البلدين". والإشارة الى أن قمة مشتركة بين الرئيسين المصري والتركي يجري التحضير لها.
عودة العلاقات الدبلوماسية يتواكب مع مسارات التصالح والتقارب بين تركيا ودول المنطقة، وتأتي في سياق عام في المنطقة، حكمته المصالحة الخليجية بعد قمة العلا، وتطور العلاقات المصرية القطرية وعودة العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإيران، والتقارب المصري الإيراني، وظروف الصراع الروسي الأوكراني.
ملفات كثيرة تنتظر خلال الفترة المقبلة تحريكها والوصول إلى حلول بشأنها مع العودة الحميدة بين البلدين وتحقق المصلحة المشتركة، ربما أهمها التفاوض المباشر من أجل التوصل إلى اتفاق لترسيم الحدود البحرية معها في شرق المتوسط الغني بالنفط. وإمكانية انضمام تركيا إلى "منتدى غاز شرق المتوسط" الذي تم إعلانه والتوقيع عليه بدون تركيا في عام 2019، وهو ما يمكن أن يكون مدخلا لحل الأزمات السياسية بين تركيا واليونان في ظل الحضور المصري الفاعل، والملف الليبي الذي يرواح مكانه وينتظر الدعم والزخم من عودة العلاقات بين القاهرة وأنقرة، والتوصل إلى الحل السياسي بين كافة الأطراف والاتفاق على عدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول الجوار والالتزام بمبادئ حسن الجوار.
وأعلنت مصر وتركيا، في 4 يوليو/تموز الماضي، رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي بينهما إلى مستوى السفراء، في خطوة تنهي 10 أعوام من القطيعة.
وفيما رشحت وزارة الخارجية المصرية عمرو الحمامي ليكون سفيراً لها لدى أنقرة، عيّنت تركيا صالح موتلو سفيراً لها في القاهرة، في خطوة قال عنها البيانان المصري والتركي، إنها تهدف إلى تأسيس علاقات طبيعية بين البلدين من جديد.
وتسارعت وتيرة عودة العلاقات بين البلدين، بعد مصافحة المونديال بين رئيسي مصر وتركيا في العاصمة الدوحة، في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2022.