مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

عبدالرحمن جعفر الكناني يكتب: المنعطف الخطير

نشر
عيدالرحمن جعفر الكناني
عيدالرحمن جعفر الكناني

أخطر الأزمات نحاصر الشرق الأوسط،، والعالم العربي يستنشق دخان حرائقها، التي اشتعلت شراراتها الممتدة نحو كل الاتجاهات.

أزمات معقدة، متوارثة، نكاد نفقد القدرة على احتوائها، والتحصن من مخاطرها التي تهدد الأمن القومي العربي، جراء تصاعد الصراع الإقليمي- الدولي الدائر حول الشرق الأوسط، وانفلات فصائل سياسية لاعبة في الساحة العربية أشبه بكائنات آلية يتم التحكم بحركتها عن بعد، فهي ليست إلا واجهة لحاضناتها الخارجية.

النظام الرسمي العربي لا يمتلك مختبرا لتحليل الأزمات

النظام الرسمي العربي لا يمتلك مختبرا لتحليل الأزمات، فهو غير مخول بمعالجتها، واعتاد الترقب لما تكشف عنه دهاليز مجتمع دولي، خاضع لمصالح القوى الكبرى اللاعبة بورقة تهديدات اقليمية، واجباره على القبول بصياغات أجندة حلول غير منطقية عاجزة عن احتواء ألاضطراب الأمني والسياسي والإقتصادي القائم هنا وهناك.

غياب موقف عربي موحد  في خضم أحداث تعصف بمنطقة الشرق الأوسط، فتح المجال واسعا لتدخلات قوى اقليمية خارجية بلعب دور غير مشروع في حيثيات الصراع العربي – الإسرائيلي، وتوظيفه لصالح مخططاتها التوسعية.
فما يجري في بيروت وغزة وبغداد وصنعاء ودمشق وطرابلس، مجرد وقت ضائع لا يحسب بحساب الأرقام الايجابية التي تحقق نتائج النجاح المنتظر من المساعي المستمرة في محاولة لإيجاد حل ابعد من الزمن المستقطع من قبل النظام الرسمي العربي.

فشل النظام الرسمي العربي في العراق وسوريا ولبنان واليمن وليبيا، هو الفشل العربي المعتاد في حسم القضايا الكبرى، فمتى حسم النظام الرسمي العربي أمرا أو حل معضلة تجسد القاسم الأمني العربي المشترك؟

فقد فشل النظام العربي في احتواء الأزمة الفلسطينية، منذ البدء، فتواصل فشله في إيجاد حل للمعضلات الغارقة بفوضى الرغبات السياسية إلى حد التطاحن الذي ينذر بالخطر المحدق بمنطقة الشرق الأوسط.

والنظام الرسمي العربي لم يمتلك أدوات تأثير سياسي أو دبلوماسي أو عسكري لاحتواء أزمات تعصف به، أزمات تحولت إلى مواجهة معلنة بين قوى إقليمية تمركزت عبر واجهات سياسية في سلطة القرار العربي، وقوى دولية تسعى الآن لمحوها من الوجود.

الصراع الإقليمي – الدولي يتصاعد، والأطراف المتصارعة، تجد في العالم العربي، ساحة مفتوحة لصراعاتها، والنظام الرسمي العربي يخفي بـ "حياء" سياسة توزيع الاصطفاف الرسمي، بين أطراف الصراع الراهن، ومازال ممتنعا عن إصدار موقف حاسم إزاء ما يجري.

التزام النظام الرسمي العربي بما يقرره المجتمع الدولي، الخاضع لمصالح القوى الكبرى، دون شرط الحفاظ على قواعد الأمن القومي، سيجعله هدفا مباحا في جولات حسم الصرع الإقليمي – الدولي الذي يقترب من نهايته.

وإذ يمر العالم العربي الآن بهذا المنعطف الخطير، سيجد نفسه في مواجهة الخطر المتوقع تفاقمه بين لحظة وأخرى، وهو خطر نسف أركان الوجود "البروتوكولي" لبقايا النظام الرسمي العربي في قلب القضايا المصيرية الكبرى.