هل تقضي أسعار الفائدة على شركات الزومبي الياباني؟
شركات الزومبي هي شركات غير رابحة تستمر في مزاولة أعمالها وتصمد من خلال تحمل ديون جديدة، وهي ليس لديهم رأس مال فائض للاستثمار وتنمية الأعمال التجارية، لكنها قد تكون قادرة على دفع تكاليف التشغيل مثل الأجور أو الإيجارات أو سداد دفعات الفائدة على الديون، وتقوم البنوك بإقراض هذه الشركات الضعيفة على أمل أن تتمكن من تغيير مسارها السلبي وإنعاش مبيعاتها.
وشهدت أسواق الأسهم اليابانية أداء جيداً منذ بداية عام 2023 حيث حققت ارتفاعات ملحوظة، مستفيدة من السياسات النقدية التوسعية، بل نجحت في تسجيل مستويات لم تصل لها في أكثر من 33 عاماً.
وبلغ عدد شركات "الزومبي" في عام 2023 قرابة 250 ألف شركة، وزاد عددها على مدى الـ 11 عاماً الماضية 30 بالمئة.
وخلال توجه مسؤولي بنك اليابان المركزي المتوقع للتخلي عن أسعار الفائدة السلبية، ورفعها للمرة الأولى منذ عام 2007، بدأت المخاوف بشأن ما يسمى بشركات "الزومبي" تطفو على السطح، لجهة تعرضها لخطر الإفلاس، وهو ما قد يكون له تأثير واسع النطاق على اقتصاد البلاد في حال فقدان الوظائف، فضلاً عن ترجيح خبراء بتهديدها سوق الأسهم بالانهيار.
وصرح الكاتب ويليام بيسيك لـ CNBC: " إن مشكلة شركات الزومبي في اليابان تعود لفترة طويلة، لكنها برزت الآن إلى الواجهة مع توقعات قيام بنك المركزي برفع أسعار الفائدة ومن شأن ذلك أن يرفع التكلفة ويعرض هذه الشركات لخطر الإفلاس، وإن جائحة كوفيد-19 أدت إلى تسريع مشكلة (الزومبي) حيث قفز عدد الشركات في اليابان بنحو الثلث بين عامي 2021 و2022.
أبحاث السوق Teikoku Databank
ويدعم وجهة نظر بيسيك شركة أبحاث السوق Teikoku Databank، التي قالت في تقرير صدر في نوفمبر إن شركات الزومبي آخذة في الارتفاع منذ تفشي فيروس كورونا، حيث ارتفع عدد "الشركات إلى 30 ضعف عدد حالات إفلاس الشركات المسجلة في اليابان في عام 2023، ويرجع ذلك أساساً إلى القروض الخالية من الفوائد، في حين أظهر بحث آخر أنه في سبتمبر 2022، تم صرف ما يقرب من 2.45 مليون قرض، بقيمة تصل إلى حوالي 43 تريليون ين لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة.
صندوق النقد الدولي
من جانبه، حث صندوق النقد الدولي بنك اليابان على إنهاء السيطرة على عائدات السندات، وشراء الأصول الضخمة وقال في بيان أمس الجمعة: "على المدى القريب، يجب أن يتحول التركيز إلى تشديد السياسة المالية وتقليص السياسة النقدية غير التقليدية، مع الحفاظ على الاستقرار المالي".
وقال صندوق النقد الدولي: "يجب على بنك اليابان أن يفكر في إنهاء برنامج التيسير الكمي الآن مع رفع أسعار الفائدة قصيرة الأجل تدريجياً بعد ذلك".
وأضاف البيان أنه عند الخروج من السياسة فائقة التيسير، يجب على المركزي الياباني أن يقدم تفسيراً "واضحاً وفعالاً" بأن أي رفع لأسعار الفائدة سيكون تدريجياً وفي توقيت حذر.
معدلات الضخم
في حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" قال الدكتور نضال الشعار، كبير الاقتصاديين في شركة "ACY" بأستراليا: "الاقتصاد الياباني له خصوصية تختلف عن كل اقتصادات العالم بما فيها الدول المتقدمة، هذه الخصوصية تتعلق بالإرث الثقافي والاجتماعي والعادات التجارية، بالإضافة إلى أن أسعار الفائدة ومعدلات الضخم منخفضة تاريخياً وكذلك الأجور لا ترتفع مثل ارتفاعها في الدول الأخرى، باستثناء عامي 1973 و1974 اللذين شهدا ارتفاع أسعار الفائدة إلى 9 بالمئة والتضخم إلى ما يقرب من 30 بالمئة بسبب ما يعرف بحظر النفط في تلك الفترة، إذ كانت اليابان حينها دولة ناشئة وتعتمد على الطاقة، بينما تاريخ اليابان في العموم يتميز بانخفاض معدلات الفائدة والتضخم".
ويتابع الدكتور الشعار بشرحه لخصوصية الاقتصاد الياباني: ومن الأدوات التي يتميز بها الاقتصادي الياباني استخدامه للفائدة السالبة المستمرة منذ عام 2016 وبشكل خاص على السندات قصيرة الأجل، كما أن اليابان تعد الدولة الأولى في العالم التي قدمت ما يسمى بالتيسير الكمي وهو شراء السندات من الأسواق بما فيها سندات الشركات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة بالإضافة إلى الدين العام".
تكلفة الإقراض وأثارها على الشركات
ورداً على سؤال حول توقعات رفع أسعار الفائدة ومدى تأثير ذلك على شركات "الزومبي" أجاب كبير الاقتصاديين في شركة "ACY" بأستراليا: "نعم، سيتم رفع أسعار الفائدة تماشياً مع الارتفاع البسيط في المستوى العام للأسعار والمستوى العام للأجور الذي بدأنا نلاحظه في الاقتصاد الياباني حديثاً، ولكن المركزي الياباني يربط هذا الرفع باقتراب معدل التضخم من 2 بالمئة وكذلك ارتفاع معدلات الأجور بمعنى أن اليابان تسعى لأن يكون اقتصادها شبه تقليدي".
أما فيما يخص شركات "الزومبي" فأشار الدكتور الشعار إلى أنها شركات صغيرة ومتوسطة ربحيتها ضعيفة ونشأت في اليابان بسبب المنافسة الشديدة مع الصين، ولكنها ليست ظاهرة خاصة باليابان فقط بل هي موجودة في العديد من الدول، موضحاً أنها ستتأثر جراء رفع الفائدة المتوقع لأن تكلفة الإقراض سوف ترتفع ما يؤثر على ربحيتها التي تعد منخفضة أساساً.