ذكرى النكبة الفلسطينية.. 76 عامًا على سيناريو "سرقة الأرض"
تحيي فلسطين والعالم العربي في 15 مايو من كل عام ذكرى النكبة، وهى الذكرى السنوية لهجرة أكثر من 700 ألف فلسطيني من أراضيهم عام 1948، إثر قيام دولة الاحتلال، وتعد هذه الذكرى رمزًا للنضال الفلسطيني المستمر من أجل العودة إلى ديارهم وتقرير مصيرهم.
تاريخ نكبة الشعب الفلسطيني
بدأت العصابات الصهيونية بفرض سياسة الأمر الواقع على الأرض لإبطال قرار التقسيم حتي إذا أرادت الأمم المتحدة تنفيذ هذا القرار.
نزح أكثر من 700.000 فلسطيني ما يقارب من نصف سكان فلسطين من بيوتهم مما فتح الطريق أمام تشتيت المجتمع الفلسطيني، والاستيلاء على ممتلكاته وإبعاده عن أرضه، كما تم تدمير ما يتراوح من 400 إلى 600 قرية فلسطينية.
ورغم اختلاف الكثيرين على الرقم الدقيق للمُهَجّرِين أو اللاجئين الفلسطينيين، ولكن ما يزيد عن 50% من الفلسطينيين حينها إما غادروا بيوتهم أو طُرِدوا منها، ليستقر الكثير منهم بعدها في مخيمات لاجئين في الدول المجاورة، على أن يعودوا مرة أخرى لبيوتهم.
ويحي الفلسطينيون في يوم الخامس عشر من أيار من كل عام ذكرى نكبة فلسطين التي ألمت بنا في عام 1948، وتمثلت في نجاح الحركة الصهيونية بدعم من الاحتلال (الانتداب) البريطاني في السيطرة بقوة السلاح على القسم الأكبر من فلسطين وإعلان قيام “دولة إسرائيل”. وترافق هذان الأمران مع طرد وتهجير الفلسطينيين من 20 مدينة ونحو 400 قرية.
وخلال تلك الأحداث التي رافقها تدخل عسكري عربي ضد الاحتلال اليهودي لفلسطين- لقي عشرة آلاف فلسطيني على الأقل مصرعهم في سلسلة مجازر وعمليات قتل ما زال معظمها مجهولاً, فنكبة فلسطين هي نكبة احتلال المقدسات وفصل الشعب عن أرضه وطرد أهالي 531 مدينة وقرية من ديارهم عام 1948.
وفصولها بدأت حين خانت بريطانيا وعودها للعرب بمنح الاستقلال لبلادهم بعد إنهاء الحكم العثماني, وأصدرت على لسان وزير خارجيتها وعد بلفور” في 2 تشرين الثاني (نوفمبر) 1917 الذي “ينظر بعين العطف” إلى إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين, أدت نكبة عام 1948 الى عملية اقتلاع كاملة للشعب العربي الفلسطيني لم تقتصر على مجرد فقدان الأرض, بل تعدتها إلى تحطيم الأساس المادي للشعب الفلسطيني.
وتشتت الشعب الفلسطيني في جميع الأقطار وكانت القوى المعادية المتمثلة في الصهيونية العالمية والاستعمار تطمح في ان يذوب هذا الشعب في المجتمعات العربية، لا سيما ان النكبة قد أفرزت عوامل مضعفة لاستمرار الهوية الفلسطينية, أولها: الشتات الفلسطيني وما صاحبه من غياب الرباط الإقليمي بين الفلسطينيين, وثانيها: اختلاط الفلسطينيين في المجتمعات العربية المضيفة، خاصة وأنهم يشاركون هذه المجتمعات في اللغة والعادات والتقاليد والمصير المشترك, فالعرب جميعا شعب كون حضارة واحدة وطريقة حياة واحدة, وثالثها: ولادة أجيال فلسطينية جديدة في المهجر ليس لها أي ارتباط مادي بفلسطين.
و تمادت سلطات الاحتلال في غيها وطغيانها وعدوانها مترافقا مع المزيد من مصادرة الاراضي الفلسطينية وتهويدها لبناء وتوسيع المستعمرات وجدار الفصل العنصري بالاضافة الى سياسة العقاب الجماعي وزيادة الحواجز في الضفة الغربية المحتلة وتشديد الحصار على قطاع غزة لتدمير البنية التحتية وفصل وعزل سكان فلسطين عن حقوقهم وممتلكاتهم الحيوية اليومية وحرمانهم من التواصل مع عمقهم الاجتماعي الفلسطيني والعربي والإسلامي.
كما سبق يوم النكبة سلسلة جرائم بشعة غير آدمية ارتكبتها إسرائيل في حق الفلسطينيين تمهيداً لتهجيرهم من أرضهم، لعل أبرزها:
حادثة دير ياسين
دخلت العصابات الصهيونية قرية دير ياسين الفلسطينية التي تقع غربي القدس، في 9 أبريل 1948م، وأقاموا بها مذبحة تكاد تكون أبشع جريمة إنسانية شهدتها البشرية بقيادة مناحم بيجن، حيث ذبحوا من 107 شخص من أهل القرية من بينهم رجل وامرأة وشيخ وطفل، وقاموا بالتمثيل بجثثهم بشكل بشع.
ارتكبوا أفظع الجرائم حيث قاموا بقطع للآذان وتقطيع للأعضاء وبقر لبطون النساء، كما ألقوا بالأطفال في الأفران المشتعلة ثم ألقوا بالجميع في بئر القرية، ليستوطن اليهود القرية ويعيدوا بنائها عام 1980 فوق أنقاض المباني الأصلية وأسموا الشوارع بأسماء مقاتلي الإرجون الذين نفذوا المذبحة.
ومن تفاصيل المذبحة السيدة التي كانت على وشك الولادة التي دخلوا إليها فشقوا بطنها على هيئة صليب وأخرجوا أحشاءها وطفلها كا قاموا بذبح طفلها، وقطعوا ثدييها ووضعوه في بطنها مع طفلها مرة أخرى.
وكانت العصابات الصهيونية يمثلون بجثث القتلى ويقطعون أعضاءهم ويبقرون بطون الحوامل، ويشقون الضحايا من الرأس إلى القدم، وحملوا معهم مجموعة من الأسرى والنساء عاريات حافيات وطافوا بهم شوارع القدس الغربية ثم عذبوهم حتى الموت.
ويقول بيجن نفسه مرتكب هذه المذبحة: «إن نارهم كانت حامية وقاتلة وقد اضطر اليهود أن يحاربوا العرب من شارع إلى شارع ومن دار إلى دار».
كما قال كريتش جونز، كبير مندوبي الصليب الأحمر: «لقد ذبح 300 شخص بدون مبرر عسكري أو استفزاز من أي نوع، وكانوا رجالاً متقدمين في السن ونساءً وأطفالاً رضع، بل إن شابة أرتني مديتها أي سكينتها ويديها وهما تقطران دمًا كأنها علامة على النصر».
مجزرة صبرا وشاتيلا
لعل مجزرة صبرا وشاتيلا هي أشهر مجازر الاحتلال الإسرائيلي في حق الشعب الفلسطيني وهي مجزرة نفذت في مخيمي صبرا وشاتيلا للاجئين الفلسطينيين في 16 سبتمبر 1982، والتي استمرت لمدة ثلاثة أيام.
يقدر عدد القتلى في المذبحة بين 750 و3500 قتيل من الرجال والأطفال والنساء والشيوخ المدنيين، أغلبيتهم من الفلسطينيين من بينهم لبنانيين أيضًا.
قامت القوات الإسرائيلية بالدخول إلى المخيم وبدأت تنفيذ المجزرة التي هزت العالم استخدمت خلالها الأسلحة البيضاء وغيرها في عمليات قتل سكان المخيم، وأحكمت القوات الإسرائيلية إغلاقَ كل مداخل النجاة إلى المخيم،
ولم يُسمح للصحفيين أو وكالات الأنباء بالدخول إلا بعد انتهاء المجزرة حتى استفاق العالم على مذبحة من أبشع المذابح في تاريخ البشرية، قتل خلالها حوالى 4000 شهيد من الرجال والأطفال والنساء والشيوخ المدنيين العزل من السلاح.
تنظيم فعاليات وتظاهرات في إسرائيل
يقوم الفلسطينيون، بمناسبة هذا اليوم، بتنظيم فعاليات وتظاهرات في إسرائيل والضفة الغربية وقطاع غزة وفي مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الدول العربية وفي كل أنحاء العالم. تحوّلت الاحتجاجات في بعض الأحيان إلى اشتباكات بين الفلسطينيين وقوات الدفاع الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة. في عامي 2003 و2004 اندلعت مظاهرات في لندن ومدينة نيويورك.
الذكرى الـ63 لنكبة فلسطين عام 2011
وفي الذكرى الـ63 لنكبة فلسطين عام 2011 زحف اللاجئون الفلسطينيون من الضفة الغربية وقطاع غزة ولبنان وسوريا باتجاه الحدود مع الأراضي الإسرائيلية. ونتيجة إطلاق نار من قبل جيش الإسرائيلي قتل ما لا يقل عن 12 شخصا فضلا عن عشرات الجرحى. وقد وصفت وكالة فرانس برس المواجهات بأنها من أسوأ حوادث العنف منذ اتفاق الهدنة لعام 1974.
ذكری النكبة عام 2012
وخلال ذكری النكبة عام 2012، احتج آلاف الفلسطينيين في مدن الضفة الغربية وقطاع غزة. وقام المتظاهرون بإلقاء الحجارة على الجنود الإسرائيليين الذين يقومون بحراسة نقاط التفتيش في القدس الشرقية. ورد الجنود عليهم بالرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع.