في أمريكا.. رسميًا الشركات ملزمة بالإفصاح عن مخاطرها المناخية
صوتت هيئة الأوراق المالية والبورصة في أمريكا، خلال مايو الجاري، لصالح سياسة جديدة تلزم الشركات بالإفصاح عن تأثيرها على المناخ.
هذه السياسة ستجبر الشركات في أمريكا على أن تكون أكثر شفافية بشأن آثارها البيئية، بمشاركة حجم البصمة الكربونية لأعمالها مع المستثمرين والجمهور.
وبموجب هذا القرار، سيتعين على الشركات العامة في أمريكا الإعلان عن حجم انبعاثات الغازات الدفيئة، وتأثيرات المخاطر البيئية، واستراتيجيات إدارة المخاطر الناجمة عن التغير المناخي في سياستها أثناء العمل.
وسيتعين أيضا على الشركات في أمريكا الالتزام بهذه السياسة الجديدة في الفترة بين عامي 2025 و2033، استنادا إلى نوع الشركة وحجمها وما إذا كانت أجنبية أو محلية.
وتأتي هذه السياسة الجديدة، مع ارتفاع التكلفة الاقتصادية التي تتكبدها دول العالم بسبب تغير المناخ، حيث تكلف الأحداث المناخية مثل حرائق الغابات والفيضانات والأعاصير ودرجات الحرارة القصوى، الاقتصاد العالمي، حوالي 16 مليون دولار في الساعة من الأضرار بين عامي 2000 و2019، وفقًا لبيانات من المنتدى الاقتصادي العالمي.
وتجاوزت الأضرار الناجمة عن أكثر من 371 كارثة مناخية وطقس في أمريكا فقط منذ عام 1980، المليار دولار.
وفي عام 2010، وضعت هيئة الأوراق المالية والبورصات في أمريكا، المبادئ التوجيهية لإعداد سياسة كشف التقارير المناخية في صورتها الأولى.
موافقة بعد عامين من التشاور
وتم تقديم سياسة الإفصاح لأول مرة في مارس 2022، وتلقت هيئة الأوراق المالية والبورصات منذ ذلك الحين أكثر من 15000 تعليق من الخبراء وقادة الشركات والجمهور حول السياسة المقترحة.
وقال غاري جينسلر، رئيس هيئة الأوراق المالية والبورصة في أمريكا، في اجتماع السادس من مارس الماضي، "يسعدني أن أدعم هذا التبني لأنه يفيد المستثمرين والمصدرين على حدٍ سواء"، وتابع "الإفصاح عن حجم البصمة الكربونية للشركات سيوفر للمستثمرين معلومات متسقة وقابلة للمقارنة ومفيدة لاتخاذ القرار".
ووفق بيزنس إنسايدر، فإن سياسة الإفصاح عن حجم التأثير المناخي، سيؤدي إلى توفير طريقة موحدة للشركات للإبلاغ عن التأثير البيئي، لا يتم به تمييز شركة عن أخرى.
في السابق، كانت الشركات تكشف فقط عن معلوماتها المتعلقة بتأثيرها على المناخ بشكل طوعي غير ملزم.
ولم تكن هناك طريقة موحدة للإبلاغ عن البيانات المناخية، واستخدمت العديد من الشركات مقاييس مختلفة لقياس البصمة الكربونية، في حين اختار البعض منها عدم الإبلاغ على الإطلاق.
تظهر وثائق لهيئة الأوراق المالية والبورصة في أمريكا، أن الإفصاح سيتطلب من الشركات مشاركة كيفية تأثير الظروف المناخية على استراتيجية أعمالها وعملياتها ووضعها المالي.
ويجب أن تتضمن المعلومات المبلغ عنها، حجم الانبعاثات المباشرة الصادرة عن نشاط الشركات مثل التصنيع، والانبعاثات غير المباشرة مثل استخدام الطاقة.
إعفاءات رغم إلزامية الإفصاح
وصرح أعضاء هيئة الأوراق المالية والبورصات في أمريكا، الأسبوع الماضي وقت إصدار السياسة الجديدة، إن الشركات لن يُطلب منها الإبلاغ عن الانبعاثات الصادرة عن سلاسل التوريد ومستهلكي المنتجات، مع العلم بأن الإفصاحات عن انبعاثات سلسلة التوريد كان مقترحا مطروحا ضمن مشروع السياسة الجديدة، ولكن لم يتم اعتماده.
مع العلم بأن انبعاثات سلاسل التوريد ومستهلكي المنتجات، تمثل بالنسبة للشركات التي تبيع العديد من المنتجات أو تعمل بتمويل البنية التحتية - مثل شركات الأغذية وشركات النفط والغاز الكبرى والبنوك الكبرى - الجزء الأكبر من بصمتها الكربونية الإجمالية.
وصرح ستيفن روثستين، المدير الإداري لـCeres Accelerator لأسواق رأس المال المستدامة - وهى منظمة غير ربحية تعمل على حلول استدامة الشركات والمستثمرين - لموقع "بيزنس إنسايدر" بأنه بدون الكشف عن التأثير المناخي للشركات، من قبل هيئة الأوراق المالية والبورصة، كانت المعلومات البيئية متاحة ولكن لم يتم الإبلاغ عنها باستمرار كما لم يكن من السهل مقارنة الشركات في هذه المسألة.
وأكدت هيئة الأوراق المالية والبورصة في أمريكا، أن الكشف عن التأثير المناخي للشركات، ليس قانونًا لحماية البيئة، ولكنه سياسة ستزيد من الشفافية في الكشف عن حجم البصمة الكربونية للشركات.
كما أوضح ستيفن روثستين، فإن سياسة الكشف عن التأثير المناخي لن تتطلب بالضرورة من الشركات استخدام ممارسات تجارية مستدامة صديقة للبيئة.
جدير بالذكر أنه في الخريف الماضي، وقع حاكم كاليفورنيا غافين نيوسوم على مشروعي قانونين يلزمان الشركات الكبرى بالإبلاغ كل سنتين عن مخاطرها المالية التي تواجهها بسبب تغير المناخ، وحجم انبعاثاتها من ثاني أكسيد الكربون وغيره من الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
كما قدمت ولاية ميشيغان مؤخرًا خطة مناخية صحية وأقرت قانون الطاقة النظيفة والوظائف - وهو تشريع يتضمن مسارات نحو الحياد الكربوني للولاية.