رئيس الوزراء الأردني ونظيره الفلسطيني يترأسان اجتماعات اللجنة العليا المشتركة
عقدت في عمَّان اليوم الإثنين، اجتماعات اللَّجنة العُليا الأردنيَّة - الفلسطينيَّة المشتركة في دورتها السَّابعة، برئاسة رئيس الوزراء الأردني الدكتور بشر الخصاونة ونظيره الفلسطيني الدكتور محمَّد مصطفى.
ووقَّع الجانبان الأردني والفلسطيني في ختام اجتماعات اللَّجنة 14 اتّفاقيَّة ومذكَّرة تفاهم تُغطّي مختلف أوجه التَّعاون الثُّنائي المشترك بين البلدين الشَّقيقين، كما اتَّفقا على تشكيل لجنة متابعة فنيَّة لمتابعة وضمان تنفيذ هذه الاتّفاقات.
وأكَّد رئيس الوزراء الأردني الدكتور بشر الخصاونة ورئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجيَّة والمغتربين الفلسطيني الدكتور محمَّد مصطفى، خلال ترؤُّسهما لاجتماع اللَّجنة وفي تصريحات صحفيَّة أعقبتها، عُمق العلاقات الأخويَّة الرَّاسخة بين البلدين الشَّقيقين، والحرص على تعزيزها وتمتينها على مختلف المستويات.
وقال الخصاونة إنَّ انعقاد اجتماعات هذه الدَّورة من اجتماعات اللَّجنة يأتي في ظلّ استمرار العدوان الإسرائيلي الهمجي الغاشمِ والذي يجب أن يتوقَّف فوراً على أهلنا في قطاع غزَّة، والمصحوب بتصعيد إسرائيلي مُمنهج وغير مسبوق في الضفَّة الغربيَّة لجهة عنف المستوطنين ومصادرة الأراضي، ومحاولة تكريس إجراءات أُحاديَّة تستهدف تغيير الواقع، مؤكّداً ضرورة أن لا ينصرف النَّظر عن هذه الممارسات، فضلاً عن آلة التَّقتيل والتَّدمير المُمنهج التي تخالف كلَّ الأعراف والقوانين الدَّوليَّة، ومنظومة القانون الدَّولي الإنساني وحقوق الإنسان والمعايير الأخلاقيَّة بإزاء هذا العدوان الغاشم والهمجي على أهلنا في غزَّة، والذي أفضى حتَّى الآن إلى ارتقاء نحو 36 ألف شهيد، وتدمير واسع في البنى التَّحتيَّة والقطاع الصحّي.
ولفت رئيس الوزراء إلى الجهود التي يقودها الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثَّاني منذ اللَّحظة الأولى وبالشَّراكة والتَّنسيق مع أشقَّائه الفلسطينيين والعرب وأصدقائه في العالم لتكريس موقف يدفع باتِّجاه ضرورة الوقف الفوري للعدوان الإسرائيلي الممنهج على قطاع غزَّة، والإجراءات الإسرائيليَّة غير الشَّرعيَّة وغير القانونيَّة التي تستهدف الضفَّة الغربيَّة.
وأضاف، أنَّ الجهودُ الدّبلوماسيَّةُ المكثَّفة التي يَبذلها الأردن بقيادة جلالته لوقف هذا العدوان الغاشم اقترنت بتقديم ما هو واجبٌ علينا تجاه أهلنا وأشقَّائنا من مساعدات مباشرة، اتخذت شكل الإنزالات الجويَّة المتتابعة، وطائرات المساعدات العاجلة عبر مطار العريش، وتسيير قوافل من الشَّاحنات المحمَّلة بالمساعدات الإنسانيَّة والطبيَّة للتَّخفيف من معاناتهم، إلى جانب الخدمات الطبيَّة المستمرَّة التي يُقدّمُها المستشفيان الميدانيَّان الأردنيَّان في شمال القطاع وجنوبه؛ للمساهمة في التَّخفيف من معاناة الأشقَّاء، بالإضافة إلى ما قدَّمه الأردن لأهلنا في الضفَّة الغربيَّة من دعم وإسناد وإقامة مستشفى ميداني في نابلس.
وأكَّد أنَّ على الجميع أن يُدركوا هَول ما يلحق بالإنسان الفلسطيني من تقتيل وتهجير وتجويع، وما أصاب الاقتصاد الفلسطينيَّ من أضرار؛ ما يستوجب توفير الدَّعم للأشقَّاء الفلسطينيين؛ لتثبيتهم على أرضهم، مِن خلال إمدادهم بالمواد الإغاثيَّة من غذاء ودواء، ومن ثمَّ مساعدتهم في عمليَّات إعادة إعمار ما أتت عليه آلة الدَّمار الإسرائيليَّة الغاشمة.
كما أكَّد أنَّ جلالة الملك يسعى إلى تأطير جهد إنساني يهدف إلى تنسيق وصول المساعدات الإنسانيَّة الدَّوليَّة إلى أهلنا في قطاع غزَّة وإسناد أهلنا في الضفَّة الغربيَّة، مشيراً إلى المؤتمر الدَّولي الذي سيستضيفه جلالته بشكل مشترك مع الرَّئيس المصري عبدالفتَّاح السيسي والأمين العام للأمم المتَّحدة أنتونيو غوتيريش في الحادي عشر من الشَّهر الحالي في عمَّان؛ لغايات تنسيق المساعدات الإنسانيَّة وضمان أن تصل بشكل شامل ومستدام إلى أهلنا في قطاع غزَّة، مؤكّداً أن لا بديل عن فتح جميع المعابر لإيصال هذه المساعدات.
وأشار إلى أنَّ هذه الجهود مصاحبة ومواكبة لمساعي جلالته لتحقيق وقف مستدام لإطلاق النَّار والانتقال إلى مسار وأفق سياسي غير قابل للعكس ضمن مواقيت زمنيَّة واضحة ومحدَّدة تفضي إلى تجسيد حلّ الدَّولتين الذي تقوم بمقتضاه الدَّولة الفلسطينيَّة المستقلَّة، ذات السيادة الكاملة والنَّاجزة، على خطوط الرَّابع من حزيران لعام 1967، وعاصمتها القدس الشَّرقيَّة.
وشدَّد الخصاونة في هذا الصَّدد على أنَّ الوحدة الجغرافيَّة بين الضفَّة الغربيَّة المحتلَّة وقطاع غزَّة هي القاعدة الأساسيَّة للدَّولة الفلسطينيَّة المستقلَّة ذات السّيادة الكاملة والنَّاجزة، باعتبارهما وحدة متكاملة تشكِّل الأساس الجغرافي لهذه الدَّولة، وفق حلّ الدَّولتين الذي لا بديل عنه، والذي نبَّه جلالة الملك عبدالله الثَّاني عبر سنوات ممتدَّة بأنَّ غياب تجسيد هذا الحل من شأنه أن يقود إلى أوضاع تؤدّي إلى زعزعة الاستقرار الإقليمي والدَّولي، وهو الحل الوحيد لكي تنعم المنطقة بالاستقرار وتحقّق الآفاق المرجوَّة وتطلق الطَّاقات لتعيش دولنا ومنطقتنا بأمن وسلام واستقرار وتعاون وتكامل اقتصادي تحقّق فيه مصالح شعوبها.
كما أكَّد على استمرار الدَّور المهمِّ الذي يضطلعُ به جلالة الملك عبدالله الثَّاني بمقتضى الوصاية الهاشميَّة التَّاريخيَّة على المقدَّسات الإسلاميَّة والمسيحيَّة في القدس والحفاظ على الوضع التَّاريخي والقانوني القائم في القدس ومقدَّساتها، والتي ينهض بها جلالته بكلّ مسؤوليَّة واقتدار.
وأكَّد على أنَّ رؤى الأردن وفلسطين تتلاقى وتتطابق حيال الوقف الفوري للعدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزَّة، وتطوير خطَّة للاستجابة والإغاثة لتتعامل مع الآثار الكارثيَّة المدمّرة لهذا العدوان، والإعاقات والإجراءات الإسرائيليَّة بحقّ أهلنا في الضفَّة الغربيَّة التي أفضت إلى فقدان حوالي نصف مليون فلسطيني لأعمالهم، مؤكّداً أنَّ هذا تحدّ كبير يجب الوقوف عنده.
وحول البرنامج الإصلاحي الذي تباشره الحكومة الفلسطينيَّة، أكَّد الخصاونة أنَّ الأردن يدعم ضرورة المضيّ قُدُماً في تنفيذ خارطة الإصلاحات التي وضعتها الحكومة الفلسطينيَّة، والتي يتوقَّف الجانب الأكبر من نجاحها على عدم إعاقتها من الجانب الإسرائيلي، مشيراً إلى أنَّ رئيس مجلس الوزراء الفلسطيني استعرض في مؤتمر دولي للدُّول الدَّاعمة والمانحة في بروكسل عناصر هذا البرنامج الإصلاحي ورؤية حكومته والتي ندعم تنفيذها بشكل كامل.
وأكَّد رئيس الوزراء أنَّنا نسعى إلى انتظام عقد اجتماعات اللَّجنة العُليا الأردنيَّة - الفلسطينيَّة المشتركة، مشيراً إلى أنَّه تمخَّض عنها توقيع 14 اتّفاقيَّة ومذكَّرة تفاهم تهدف إلى تعزيز التَّعاون في مجالات الطَّاقة والتَّعاون الشَّبابي والاقتصاد الرَّقمي وتكنولوجيا المعلومات والتَّبادل التّجاري والدَّعم اللوجستي وتسهيل انسيابيَّة حركة البضائع والأشخاص عبر المنافذ.
وأشار إلى أنَّ اجتماعات اللَّجنة استعرضت الخطط الرَّامية لتطوير منطقة جسر الملك حسين لتستطيع أن تستوعب بشكل أكبر تنامي التَّبادل التّجاري الذي ارتفع بنسبة 20 بالمئة خلال العام الماضي ، إلَّا أنَّه ما زال يدور في إطار رقم متواضع لا يتناسب مع متانة وعُمق العلاقات التي تجمع البلدين والشَّعبين الشَّقيقين، حيث وصل إلى 425 مليون دولار؛ لافتاً إلى وجود إعاقات تقوم بها سُلطات الاحتلال الإسرائيلي تحول دون تعزيز التَّعاون والتَّكامل الاقتصادي والتّجاري وأوجه التَّعاون الفنّي.
كما أشار إلى أنَّ اجتماعات اللَّجنة ضمَّت ممثّلين عن القطاع الخاص الأردني والفلسطيني، مؤكّداً أنَّهما يشكّلان مدماكاً أساسيَّاً في تنمية وتعزيز أوجه التَّعاون الاقتصادي والتَّبادل التّجاري والاستثمار بين البلدين الشَّقيقين، مشيراً إلى اتّفاق الجانبين على استئناف إقامة المعارض الأردنيَّة في المدن الفلسطينيَّة والتَّأسيس لمنتدى اقتصادي يضمُّ رجال الأعمال في الجانبين، والاتّفاق على تشكيل لجنة متابعة لتراقب تنفيذ الاتّفاقيَّات التي وصلنا إليها اليوم، والتي نتطلَّع أن نراجع أوجه تنفيذها في الدَّورة القادمة التي تستضيفها فلسطين، والتي نأمل أن تكون ظروف استضافتها أفضل من الظُّروف الحاليَّة وقد زالت المعاناة التي يتعرَّض لها أهلنا في قطاع غزَّة بفعل العدوان الإسرائيلي الغاشم والمستمر.
وجدَّد رئيس الوزراء الأردني، التَّأكيد على استمرار الأردن في منهجيَّته القائمة على إسناد الكلّ الفلسطيني الموحَّد، والحقوق المشروعة للشَّعب الفلسطيني الشَّقيق، الذي تمثّل منظَّمة التَّحرير الفلسطيني عنواناً وحيداً لشرعيَّته، وننأى دائماً بأنفسنا عن أيّ مقاربات أو اعتبارات خارج إطار هذه الشَّرعيَّة ولا تمثّلُ الكلَّ الفلسطيني، مؤكّداً أنَّ الأردن وفلسطين تجمعهما أواصر وعلاقات استثنائيَّة ونبني على العلاقة المميَّزة التي تجمع البلدين الشَّقيقين وقيادتيهما ممثَّلتين بجلالة الملك عبد الله الثَّاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس.
من جهته نقل رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية والمغتربين الفلسطيني الدكتور محمد مصطفى تحيات الرئيس الفلسطيني محمود عباس الى جلالة الملك عبدالله الثاني مثمنا جهود جلالته وسمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني وليِ العهد والحكومة الاردنية في توفير كافة اشكال الدعم السياسي والدبلوماسي والاقتصادي والاغاثي والانساني للشعب الفلسطيني وقيادته وقضيته العادلة والعمل على وقف العدوان على قطاع غزة، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية.
وقال "باسم الشعب الفلسطيني وقيادته نقدر عاليا المواقف الاردنية السياسية الداعمة للقضية الفلسطينية والجهود الاغاثية كاول دولة تقدم مساعدات اغاثية عبر الانزالات الجوية باشراف ومشاركة من جلالة الملك وسمو ولي العهد إضافة الى إقامة مستشفيات ميدانية في الضفة الغربية وغزة وارسال شحنات من القمح والحبوب لدعم المخزون والمزارعين الفلسطينيين".
كما أكد رئيس مجلس الوزراء الفلسطيني أهمية الوصاية الهاشمية التاريخية التي ينهض بها جلالة الملك عبدالله الثاني في الحفاظ على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.
ورحب باستضافة الأردن للمؤتمر الدولي للاستجابة الانسانية الطارئة في غزة في الحادي عشر من الشهر الحالي.
ولفت إلى أن هذه الزيارة ليست الأولى التي يقوم بها الى المملكة منذ تشكيله الحكومة الفلسطينية نهاية آذار الماضي فقد كان الأردن الوجهة الأولى التي يزورها في السابع من نيسان الماضي في رسالة تأكيد على وحدة الموقفين الأردني والفلسطيني.
وعرض رئيس مجلس الوزراء الفلسطيني أولويات عمل الحكومة الفلسطينية التي تركز على وقف العدوان على أبناء الشعب الفلسطيني في غزة والضفة وتطوير خطة إنعاش مبكر لأكثر من 2ر2 مليون فلسطيني.
كما تتضمن تحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي للتعامل مع البطالة المرتفعة وتعزيز الحماية الاجتماعية وإعادة الإعمار والتنمية الشاملة في حين تتمثل الأولوية الثالثةفي تنفيذ برنامج إصلاحي لتطوير أداء المؤسسات الوطنية.
ولفت الدكتور مصطفى إلى أن الحكومة ستعزز توجهها نحو العمق العربي وبوابته المملكة الأردنية الهاشمية، مؤكدا أهمية العمل المشترك لتسهيل حركة التجارة والمسافرين وتمديد ساعات العمل على المعابر، مضيفا أننا نتطلع لدور أردني أساسي للضغط على الجانب الإسرائيلي لفتح المعابر التجارية مع غزة لضمان وصول المساعدات والتواصل الإنساني والجغرافي بين الضفة الغربية وقطاع غزة.
وأكد أن ما يجري في الضفة الغربية وغزة من الناحية السياسية والأمنية يؤثر على حياة الناس والاقتصاد، حيث فقد نحو نصف مليون فلسطيني فرص عملهم منذ " السابع من اكتوبر الماضي"، مثلما يؤثر على الاستقرار والأمن في المنطقة.