مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

أكبر موازنة في تاريخ ليبيا.. خطوة نحو الاستقرار أم استمرار للانقسام؟

نشر
الأمصار

في خطوة تاريخية تتسم بالجرأة والتحدي، صوت مجلس النواب في ليبيا، يوم الأربعاء الماضي، على اعتماد أكبر موازنة في تاريخ ليبيا، بلغت قيمتها 179 مليار دينار ليبي، بعد إضافة مخصصات بقيمة 98 مليار دينار.

جاءت هذه الموازنة في وقت تعيش فيه ليبيا حالة من الانقسام السياسي بين الحكومة الليبية برئاسة أسامة حماد، والحكومة منتهية الولاية برئاسة عبدالحميد الدبيبة.

وتثير هذه الخطوة العديد من التساؤلات حول قدرتها على تحقيق الاستقرار المنشود أم أنها ستزيد من حدة الانقسام والتوترات.

خلفية القرار وتفاصيله

اعتماد هذه الموازنة جاء في جلسة مجلس النواب التي حضرها رئيس المجلس عقيلة صالح ونائبيه فوزي النويري ومصباح دومة، وسط غياب بعض الأعضاء المعترضين على حجم الإنفاق. وأعلن الناطق باسم مجلس النواب، عبد الله بليحق، أن المجلس صوت بالإجماع على اعتماد المخصص الإضافي للموازنة العامة لعام 2024، والتي قدمتها الحكومة الليبية برئاسة أسامة حماد، دون الإفصاح عن تفاصيل عدد الأعضاء الحاضرين أو قيمة الاعتماد النهائي.

دوافع ودلالات الموازنة

تهدف هذه الموازنة الضخمة إلى توحيد مؤسسات الدولة، وتحسين الخدمات العامة، وتعزيز التنمية الاقتصادية في مختلف المناطق. تعتبر هذه الخطوة محاولة من مجلس النواب لتعزيز دوره في المشهد السياسي الليبي، خاصة في ظل الخلافات المستمرة مع حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة. وبالنظر إلى حجم الموازنة، فإنها تمثل رؤية طموحة للتغلب على التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بالبلاد.

الآراء المؤيدة للموازنة

الحكومة الليبية برئاسة أسامة حماد رأت في هذه الموازنة خطوة ضرورية لتوحيد مؤسسات الدولة وتعزيز الشفافية في الإنفاق العام. وأكدت أن هذه الموازنة تهدف إلى تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين وتعزيز التنمية الاقتصادية في مختلف المناطق.

صالح افحيمة، عضو مجلس النواب، أكد أن البرلمان غير ملزم بإحالة الموازنة إلى مجلس الدولة الاستشاري، معتبرًا أن الميزانية عصب الحياة للدولة ولا يجب إقحامها في الخلافات السياسية. وأشار إلى أن اعتماد الموازنة سيعزز من قدرات الحكومة المكلفة على تنفيذ مشاريعها وتحقيق الاستقرار في البلاد.

عبد المنعم العرفي، عضو مجلس النواب، أعرب عن دعمه القوي للموازنة، مؤكدًا أن الهدف الرئيسي منها هو تحسين الخدمات الأساسية للمواطنين وتعزيز البنية التحتية. واعتبر أن هذه الخطوة تمثل بداية جديدة نحو تحقيق التنمية المستدامة في ليبيا.

عيسي العريبي، عضو مجلس النواب، أشار إلى أن هذه الموازنة تأتي في وقت حرج تحتاج فيه ليبيا إلى توحيد الجهود والتكاتف من أجل تجاوز الأزمات الاقتصادية والسياسية. وأكد أن الموازنة تعكس التزام مجلس النواب بتحقيق الاستقرار وتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين.

الآراء المعارضة للموازنة

أمينة المحجوب، عضو مجلس الدولة الاستشاري، اعتبرت أن تجاهل البرلمان لمجلس الدولة سيؤثر سلبًا على مستقبل المباحثات السياسية، مما يزيد من حدة الانقسام. وأكدت أن اعتماد الموازنة يجب أن يتم بالتوافق مع جميع الأطراف لضمان تحقيق الاستقرار والتنمية.

سالم قنيدي، عضو مجلس النواب، انتقد بشدة ما يحدث واصفًا إياه بالفساد والتلاعب بالليبيين. وأشار إلى أن اعتماد الموازنة يحتاج إلى 120 صوتًا، وهو ما لم يتحقق بسبب مقاطعة العديد من الأعضاء للجلسة، مما يعكس حجم الانقسام داخل المجلس.

عبد السلام نصية، عضو مجلس النواب، أكد أن هذه الموازنة تفتقر إلى الشفافية والتخطيط الجيد، مما يجعلها غير قادرة على تحقيق الأهداف المرجوة. ودعا إلى إعادة النظر في تفاصيل الموازنة والعمل على إعداد خطة اقتصادية شاملة تتناسب مع احتياجات البلاد.

محمد معزب، عضو مجلس الدولة الاستشاري، أشار إلى أن الموازنة تمثل انتهاكًا للاتفاق السياسي وتجاوزًا لصلاحيات مجلس الدولة. وأكد أن تجاهل البرلمان لمجلس الدولة في هذه القضية يضع مستقبل المباحثات السياسية في خطر ويزيد من حدة التوترات.

حزب صوت الشعب، برئاسة فتحي الشبلي، أعرب عن قلقه البالغ من اعتماد هذه الموازنة بدون توافق وطني. واعتبر أن هذه الخطوة تعكس استمرارية الانقسام السياسي وتزيد من تعقيد الأزمة الليبية.

سعد بن شرادة، عضو مجلس الدولة الاستشاري، أكد أن هذه الموازنة تفتقر إلى الشفافية والتخطيط الجيد، مما يجعلها غير قادرة على تحقيق الأهداف المرجوة. ودعا إلى إعادة النظر في تفاصيل الموازنة والعمل على إعداد خطة اقتصادية شاملة تتناسب مع احتياجات البلاد.

جاب الله الشيباني، عضو مجلس النواب، وصف اعتماد الموازنة بأنه خطوة غير مدروسة وتفتقر إلى الشفافية. وأكد أن الإنفاق الحكومي يجب أن يكون موجهًا بشكل دقيق لتحقيق التنمية المستدامة وتحسين الخدمات الأساسية للمواطنين.

محمد تكالة، رئيس مجلس الدولة الاستشاري، أكد في خطاب موجه إلى عقيلة صالح أن اعتماد الموازنة يخالف الاتفاق السياسي ولن يُطرح هذا الملف خلال اللقاء الثلاثي في القاهرة، حيث سيتم اللجوء إلى القضاء للطعن في قانونية هذه الموازنة. وأشار إلى أن تجاهل مجلس الدولة في هذا القرار يضع مستقبل المباحثات السياسية في خطر ويزيد من حدة التوترات.

خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة السابق، أكد أن اعتماد هذه الموازنة يمثل انتهاكًا للاتفاق السياسي وتجاوزًا لصلاحيات مجلس الدولة. ودعا إلى ضرورة التوافق الوطني قبل اتخاذ أي قرارات تتعلق بالإنفاق العام.

ضو المنصوري، عضو مجلس الدولة الاستشاري، أشار إلى أن الموازنة تعكس استمرارية الانقسام السياسي وتزيد من تعقيد الأزمة الليبية. ودعا إلى التوافق الوطني والعمل المشترك لتحقيق الاستقرار والتنمية.

محمد لاغا، عضو مجلس النواب، أبدى اعتراضه على حجم الإنفاق في الموازنة، مؤكدًا أن هناك حاجة ماسة لإعادة النظر في توزيع المخصصات بما يتناسب مع احتياجات البلاد الفعلية.

مدحت الغدامسي، محلل اقتصادي، أشار إلى أن الموازنة تفتقر إلى الشفافية وتحتاج إلى تخطيط أكثر دقة لتحقيق الأهداف المرجوة. وأكد أن الإنفاق الحكومي يجب أن يكون موجهًا بشكل دقيق لتحقيق التنمية المستدامة وتحسين الخدمات الأساسية للمواطنين.

فيصل الشريف، محلل سياسي، أكد أن اعتماد هذه الموازنة بدون توافق وطني يعكس استمرارية الانقسام السياسي ويزيد من تعقيد الأزمة الليبية. ودعا إلى ضرورة التوافق الوطني قبل اتخاذ أي قرارات تتعلق بالإنفاق العام.

تأثير الموازنة على الاقتصاد الليبي

تسعى الموازنة الجديدة إلى تحقيق توازن بين الإنفاق الحكومي وتعزيز التنمية الاقتصادية. ركزت على قطاعات حيوية مثل الصحة والتعليم والبنية التحتية، وهدفت إلى تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين من خلال زيادة مخصصات الضمان الاجتماعي وتحسين الخدمات الأساسية. مع ذلك، تبقى التحديات الأكبر في كيفية تنفيذ هذه الموازنة في ظل الانقسام السياسي الحالي.

التحديات المستقبلية

تواجه ليبيا تحديات اقتصادية كبيرة، في ظل الانقسام السياسي واستمرار الصراع على السلطة. تعتمد البلاد بشكل كبير على الإيرادات النفطية، مما يجعلها عرضة للتقلبات في أسعار النفط العالمية. لذلك، فإن تنفيذ الموازنة الجديدة يتطلب تنسيقًا فعالًا بين جميع الأطراف المعنية، لضمان تحقيق الأهداف المرجوة.

نحو توحيد الجهود

في ظل هذه التحديات، تبرز الحاجة الملحة لتوحيد الجهود بين جميع الأطراف الليبية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والسياسي. يتطلب ذلك تجاوز الخلافات السياسية والعمل بروح من التعاون والشفافية لضمان تنفيذ الموازنة بفعالية وتحقيق التنمية المستدامة.

يبقى السؤال مفتوحًا حول ما إذا كانت هذه الموازنة ستحقق الاستقرار الاقتصادي المنشود أم ستزيد من حدة الانقسام السياسي. يتعين على القادة الليبيين العمل معًا لتجاوز هذه التحديات وتحقيق مستقبل أفضل للشعب الليبي. فالطريق نحو الاستقرار والتنمية يبدأ من خلال التوافق والتعاون بين جميع الأطراف، لتحقيق مصلحة الوطن والمواطنين.