الإمارات وإندونيسيا.. سنوات من التعاون المشترك
تجدد الزيارة الحالية للرئيس الإندونسي، جوكو ويدودو، العلاقات المتبادلة بين الإمارات وجمهورية إندونيسيا، في عدة مجالات حيث تساهم في تعزيز السلام الإقليمي والعالمي، ومواجهة التحديات التي تهدد الأمن والسلم الدوليين، وتنشيط التعاون التجاري والاقتصادي بينهم.
العلاقات الاقتصادية
وتعد الزيارة التي بدأها الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو، لدولة الإمارات العربية المتحدة، الثلاثاء، خطوة جديدة نحو استكمال مسار العلاقات الشاملة بين البلدين.
وتدعم الزيارة شراكتهما في عدة قطاعات كالطاقة النووية، والاستثمار، والقطاع المالي، وغيرها من القطاعات الحيوية.
وخلال 10 سنوات، بلغ التبادل التجاري بين الإمارات وإندونيسيا حاجز الـ100 مليار درهم ، فقد بلغ التبادل التجاري غير النفطي بين الإمارات وإندونيسيا بين 2014 و2023 حوالي 101.91 مليار درهم وشهدت التجارة البينية ارتفاعاً تصاعدياً خلال السنوات الماضية.
واتفاقية التجارة الشاملة بين البلدين محفزاً استثنائياً لحجم العلاقات الاقتصادية والتبادل التجاري بين البلدين، وهو ما عبرت عنه قيمة التبادل التجاري بين الدولتين خلال العام الماضي والتي تخطت الـ 16 مليار درهم، بنمو وصلت نسبته إلى 7.2 بالمئة مقارنة بعام 2022.
وفي يوليو من عام 2022، وقعت دولة الإمارات وإندونيسيا على اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بينهما ودخلت حيز التنفيذ في سبتمبر من 2023 لتدشن بذلك حقبة جديدة من الشراكة وتحفز نمو التجارة البينية غير النفطية، وصولاً إلى 10 مليارات دولار سنوياً في غضون 5 أعوام وذلك من مستواها عند نحو 3 مليارات دولار عام 2021، وذلك من خلال خفض أو إزالة الرسوم الجمركية على مجموعة واسعة من السلع والخدمات ما يخلق فرصاً جديدة للمصدرين والشركات من الجانبين.
ومن ضمن السلع المتبادلة، تتصدر الحلي والمجوهرات وأجزاؤها من معادن ثمينة أو معادن عادية مكسوة بقشرة من معادن ثمينة التبادل التجاري، تتبعها السيارات، ثم الذهب بما فيه المطلي بالبلاتين والخام، ثم زيت النخيل وجزئياته، ثم أجهزة الهاتف بما في ذلك أجهزة الهاتف للشبكات الخلوية أو غيرها من الشبكات اللاسلكية.
العلاقات الاستراتيجية
تتمتع الإمارات وإندونيسيا بعلاقات استراتيجية راسخة، تضرب بجذورها في جميع المجالات.
وأكد الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية خلال ترؤس سموه للجنة المشتركة بين دولة الإمارات وجمهورية إندونيسيا التي عقدت في أبوظبي في العام 2023 أن البلدين نجحا خلال الـ47 عاماً الماضية، في تعزيز التعاون والتنسيق في مختلف المجالات، ومن أهمها الطاقة والطاقة المتجددة، والسياحة، والطيران، والزراعة والأمن الغذائي، والبنية التحتية، والنقل، والسياحة، والصحة، والذكاء الاصطناعي، والتعليم والثقافة.
هناك العديد من القواسم المشتركة التي تجمع بين الإمارات وإندونيسيا، إذ يتبنى البلدان سياسة خارجية متوازنة، ويحرصان على إقامة شراكات وتحالفات مع مختلف القوى الدولية المؤثرة، وهو ما ساعد البلدين على تنسيق مواقفهما المشتركة في المنظمات الدولية والإقليمية المختلفة، سواء الأمم المتحدة أو منظمة التعاون الإسلامي أو المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب الذي يضم 29 دولة بجانب الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى شراكتهما الفاعلة داخل ندوة المحيط الهندي البحرية التي تستهدف تعزيز التعاون البحري، وأيضاً رابطة حافة المحيط الهندي.
التعاون بين الإمارات وإندونيسيا في مجال التعليم
وعلى مدار السنوات القليلة الماضية، شهدت العلاقات في مجال التعليم بين الإمارات وإندونيسيا تطورا ملحوظا
-برنامج لتحسين جودة المدارس
في يوليو 2019، أعلنت الإمارات إطلاق برنامج تعليمي في إندونيسيا لمدة سنتين، يركز على تدريب قادة المدارس ضمن المجتمعات المهمشة التي تعاني مدارسها من الأداء المتدني.
وبلغت قيمة البرنامج 650 ألف دولار، وحمل عنوان "تحسين جودة التعليم من خلال تدريب قادة المدارس"، وتعزيز أداء كل من المعلمين والطلاب، وتطوير حلول قابلة للتنفيذ على نطاق واسع.
واستفاد من البرنامج أكثر من 10 آلاف طالب و250 معلما، من خلال توفير التدريب على القيادة التنظيمية والإرشادية لـ75 من قادة المدارس، وجرى تنفيذه بالشراكة مع مؤسسة "جلوبال سكول ليدرز".
وجاء البرنامج برعاية مؤسسة "دبي العطاء" ضمن مبادرات الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، في وقت كافحت فيه إندونيسيا لتحسين جودة التعليم بعدما فاقمت الكوارث الطبيعية من صعوبة هذا الوضع.
-كلية محمد بن زايد للدراسات المستقبلية
وفي خطوة أخرى لتعزيز العلاقات الإماراتية - الإندونيسية، جرى وضع حجر الأساس لكلية محمد بن زايد للدراسات المستقبلية في يوجياكارت بجزيرة جاوا، في فبراير الماضي.
جاء ذلك بالتعاون بين جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية وجامعة نهضة العلماء في إندونيسيا، وضمن جهود جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية لتعزيز فرص التعليم العالي في شتى العلوم.
العلاقات التاريخية والسياسية
تبرز الزيارة التي قام بها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، لإندونيسيا في مايو 1990، والتي شكلت نقطة تحول مهم في مسار العلاقات بين البلدين.
تحظى دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية إندونيسيا بعلاقات سياسية وتاريخية وثقافية قوية ومتنامية، وبدأت العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين البلدين في عام 1976، وتم افتتاح السفارة الإندونيسية في أبوظبي في 28 أكتوبر 1978 على مستوى القائم بالأعمال حتى تاريخ 29 مارس 1993، حيث عينت إندونيسيا أول سفير لها لدى الدولة، كما لدى إندونيسيا قنصلية عامة في دبي منذ فبراير 2003، ولديها مكتب لترويج التجارة والذي تم تفعيله في فبراير 2003، وذلك بالإضافة إلى مكتب لترويج الاستثمار تم افتتاحه في 2010.
فيما فُتحت سفارة الإمارات في جاكرتا في 10 يونيو 1991، ومن أجل دعم ومساعدة الشعب الإندونيسي، افتتحت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي مكتباً لها بجاكرتا في 1997، وهو يقدم خدمات كبيرة خصوصاً في المناطق التي تتضرر من الكوارث الطبيعية.
وأسست الإمارات مكتباً للخدمات القنصلية في جاكرتا في أغسطس 2014، وتم افتتاحه رسمياً في 30 أكتوبر 2014، وذلك بهدف تقديم خدمات قنصلية إلكترونية متميزة وسريعة، خصوصاً في مجال إرسال العمالة الإندونيسية للدولة.
وتلتزم دولة الإمارات وجمهورية إندونيسيا بالعمل جنباً إلى جنب على تعزيز الوسطية ونشر رسالة السلام والتسامح.
وبدعوة من رئيس جمهورية إندونيسيا جوكو ويدودو، قام صاحب الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، بزيارة إلى إندونيسيا في 24 يوليو 2019، وشكّلت الزيارة مرحلة تاريخية هامة في علاقات الصداقة الأخوية الراسخة والتعاون الثنائي بين البلدين، وهي علاقات قامت على الروابط التاريخية الوثيقة والمبادئ المشتركة والمصالح المتبادلة واحترام سيادة وسلامة أراضي كلتا الدولتين، إلى جانب الطموح المشترك للسلام والاستقرار والازدهار الدولي.
وخلال الزيارة، أجرى سموه والرئيس جوكو ويدودو محادثات ودية ومثمرة وبناءة، كما تبادلا الآراء بصورة متعمقة، ما أفضى إلى توافق مهم في وجهات النظر وعزم على مواصلة تعزيز التعاون الثنائي.
ويتفق البلدان على أهمية نشر مفهوم التسامح منذ وقت مبكر، حيث أصدرا في 2015 بياناً مشتركاً في اختتام زيارة للرئيس الإندونيسي لدولة الإمارات، أكدا خلاله أن تحقيق السلام والأمن والاستقرار في العالم يتطلب نشر الصورة الصحيحة عن الإسلام، وتشجيع الحوار بين الأديان لجمع الشعوب المختلفة الأعراق والثقافات والأديان.
الإمارات وإندونسيا، الدولتان الصديقتان ، هما قوة مؤثرة على الساحة العربية والعالمية وفي المشهد الاقتصادي الإقليمي والعالمي؛ بفضل ما تتمتعان به من مقومات واعدة وفرص مشتركة.