لماذا تعاني الأرض من الزيادة المستمرة لدرجات الحرارة؟
يعاني وجه الكرة الأرضية من الاحترار العالمي، حيث تحولت موجات الحرّ إلى أكثر شدّتها وارتفعت مستويات سطح البحر.
وقد بدأ عام 2024، بأرقام مناخية قياسية جديدة على مدى 12 شهرا متتاليا، تجاوز ارتفاع درجة حرارة الكوكب 1.5 مئوية مقارنة بعصر ما قبل الصناعة.
وتضرب الأرض عواصف وحرائق وموجات جفاف مع مساهمة تغير المناخ، في ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات قياسية ما يجعل 2024 على الأرجح السنة الأكثر حرا منذ 100 ألف عام.
ومع الأخذ في الاعتبار كل من الاحترار العالمي المتوقع والنمو السكاني، وجدت دراسة سابقة نُشرت في مجلة Nature Sustainability، أنه بحلول عام 2030 سيكون حوالي ملياري شخص خارج نطاق المناخ، ويواجهون متوسط درجات حرارة 29 درجة مئوية (84 درجة فهرنهايت) أو أعلى ، مع حوالي 3.7 مليار شخص يعيشون خارج المنطقة المناخية بحلول عام 2090.
وفي الحقيقة فأن عام 2024، جاء حصادًا لما سجله كوكب الأرض العام المنقضي كأعلى متوسط درجة حرارة على الإطلاق، متجاوزا بذلك الرقم القياسي السابق لعام 2016 بهامش كبير. وكانت المرّة الأولى التي يقترب فيها متوسط حرارة الكوكب نحو 1.5 درجة مئوية، وهو مؤشر الخطر كما أعلنت عنه اتفاقية باريس 2015.
وأصبح من المؤكد أنَّ ظاهرة الاحتباس الحراري تجاوزت 1.5 درجة مئوية خلال فترة 12 شهراً بين فبراير 2023 وأيضًخلال العام الجاري 2024، ويأتي ذلك بعد إعلان 2023 العام الأعلى حرارةً في التاريخ.
تغير المناخ هو المتهم الرئيسي لتغير درجات الحراة
وتغير المناخ هو التحول على المدى الطويل في متوسط درجات حرارة الأرض والظروف الجوية.
وتأتي الزيادة في درجات الحرارة بسبب تغير المناخ الناجم عن الأنشطة البشرية، وعززتها ظاهرة النينيو المناخية الطبيعية، وهي ظاهرة مناخية واسعة النطاق تنطوي على تقلب درجات حرارة المحيطات في وسط وشرق المحيط الهادئ الاستوائي، إلى جانب التغيرات التي تطرأ على الغلاف الجوي العلوي
وبحسب العديد من الدراسات فإن هذا التغير في المناخ، طويل المدى، نتج عن النشاط البشري، وبشكل رئيسي بسبب الاستخدام الكبير للوقود الأحفوري - الفحم والنفط والغاز - في المنازل والمصانع ووسائل النقل.
عندما يحترق الوقود الأحفوري، فإنه يطلق غازات الدفيئة، معظمها ثاني أكسيد الكربون (CO2)، ما يحبس طاقة إضافية في الغلاف الجوي بالقرب من سطح الأرض، والذي بدوره يؤدي إلى ارتفاع حرارة الكوكب.
منذ بداية الثورة الصناعية - عندما بدأ البشر في حرق كميات كبيرة من الوقود الأحفوري - ارتفعت كمية ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي بنحو 50%.
ومن أغرب ما تشهده البشرية بسبب تغير المناخ وما له من تأثير كبير على البيئة، يتضح فيما يلي:
-الطقس الحار جداً وما يرافقه من أمطار غزيرة.
-الذوبان السريع للأنهار الجليدية والصفائح الجليدية، مما يساهم في ارتفاع مستوى سطح البحر.
-انخفاض كبير في الجليد البحري في القطب الشمالي.
-ارتفاع درجة حرارة المحيطات.
-حياة الناس تتغير أيضاً.
على سبيل المثال، عانت أجزاء من شرق إفريقيا من أسوأ موجة جفاف منذ أربعين عاماً، حيث عرض ذلك أكثر من 20 مليون شخص لخطر الجوع الشديد.
التحولات المناخية الناتجة عن تغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة هذا العام:
ووفقا لما حققه العام الجاري 2024 من كسر متوسط درجة حرارة الكوكب لحاجز 1.5 درجة مئوية، حيث يعد هذا الحاجز من درجة الحرارة أمرا بالغ الأهمية، لأنه محفّز لوقوع العديد من التحولات المناخية التي ساهمت بشكل مباشر في ارتفاع درجات الحرارة بشكل لا يمكن السيطرة عليه.
وبارتفاع درجة الحرارة عند هذا الحد فإنّ أحد المتضررين الأساسيين الشعاب المرجانية الاستوائية، والتي تحتضن نظما بيئية هامة ذات تنوع بيولوجي كبير، وسيتأثر 99% منها، وهو ما قد يهدد حياة الكثير من الكائنات الحية، وبالتالي يهدد مصدر غذاء ودخل أساسي لنحو مليار إنسان.
وحتى لو استطاعت الجهود الحالية الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري عند 1.5 درجة مئوية، فلا يزال هناك 15% من الكائنات الحية تواجه خطر فقدان ما لا يقل عن ثلث نطاقها الجغرافي الحالي بشكل مفاجئ. وهذا الرقم من الممكن أن يتضاعف حتى 30% إذا بلغ متوسط درجة الحرارة 2.5 درجة مئوية.
وإذا تجاوزت الحرارة حاجز 1.5 درجة مئوية، سيرتفع خطر وقوع موجات حر شديدة تتجاوز قدرة أجسام البشر على التعافي منها، وقد تشهد مناطق جغرافية عدّة مثل الخليج العربي وجنوب آسيا وشمال الصين ارتفاعا املحوظ في مستوى الرطوبة، وهو ما قد يسبب مخاطر صحية خطيرة.
ومن العواقب الوخيمة كذلك زيادة مخاطر انقراض بعض الكائنات الحية، والعواصف المدمّرة، وانهيارات الصفائح الجليدية.
ويرى العلماء أنّ الإجراءات العاجلة لمعالجة هذه المخاطر هو القضاء على انبعاثات الغازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري العالمي، وخاصة تلك الناتجة من عمليات حرق الفحم والنفط والغاز والتي تمثل 80% من الاستهلاك العالمي لإنتاج الطاقة.
عواقب الاحتباس الحراري بمقدار درجتين مئويتين مقارنة بـ 1.5 درجة مئوية يمكن أن تشمل:
-تضاعف الأيام الحارة الشديدة في المتوسط بمقدار 4 درجات مئوية عند خطوط العرض الوسطى (المناطق خارج القطبين والمناطق الاستوائية)، مقابل 3 درجات مئوية عند 1.5 درجة مئوية.
-ارتفاع مستوى سطح البحر للأعلى بمقدار 0.1 متر زيادة عن المستوى عند 1.5 درجة مئوية، مما يعرض نحو 10 ملايين شخص إضافي لأحداث مناخية، قد تشمل المزيد من الفيضانات.
-من المتوقع أن تفقد أكثر من 99% من الشعاب المرجانية، مقارنة بنسبة 70-90% عند درجة حرارة 1.5 درجة مئوية.
-تعرض ضعف عدد النباتات والفقاريات (الحيوانات ذات العمود الفقري) لظروف مناخية غير مناسبة في أكثر من نصف المنطقة الجغرافية التي توجد فيها.
-تعرض مئات الملايين من الأشخاص للمخاطر المرتبطة بالمناخ ويصبحون عرضة للفقر بحلول عام 2050.