مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

رغبة حقيقية أم مناورة؟.. "البرهان" يلوح بالتنحي

نشر
الأمصار

في خطوة مفاجئة، أبدى قائد الجيش في السودان، عبدالفتاح البرهان، رغبة عابرة في التنحي باعتباره "وصل الحد"، لكن هذه الخطوة تحمل العديد من المعاني بميزان خبراء.

إذ قال مساعد القائد العام للجيش في السودان، ياسر العطا، في تصريح مفاجئ، إنه أثنى قبل أيام قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة الانتقالي عبدالفتاح البرهان، عن التنحي.

وأوضح مساعد القائد العام للجيش في السودان، ياسر العطا، في مقابلة مؤخرا مع تلفزيون السودان الرسمي، أن "البرهان" الذي يقيم حاليا في العاصمة البديلة بورتسودان شرقي السودان، أبلغه عبر الهاتف قبل أيام برغبته في التنحي لأنه "وصل الحد"، على أن يتفق كل من العطا ونائب قائد الجيش شمس الدين كباشي على نقل السلطة للأخير.

وتابع العطا، وهو عضو مجلس السيادة أيضا، أنه تمكن من إثناء البرهان عن رغبته في التنحي والاستمرار إلى حين انتهاء الحرب مع قوات "الدعم السريع"، ومن ثم الدخول في فترة انتقالية قصيرة لترتيب أوضاع السودان وتنظيم انتخابات وبعدها يغادر العسكريون السلطة.

وأكد مساعد القائد العام للجيش في السودان، ياسر العطا، تماسك المؤسسة العسكرية وقادتها، قائلا: "لا نرغب في الاستمرار في الحكم، لكن الواجب يحتم علينا بحكم قانون القوات المسلحة العمل على استقرار السودان وترتيب أوضاعه بالقضاء على التمرد ووضع تدابير الدستور والانتخابات في أقل مدة"، متابعًا "لا أنا ولا البرهان ولا كباشي نريد أن نحكم".

قائد الجيش عبدالفتاح البرهان
قائد الجيش في السودان عبدالفتاح البرهان

مجرد مناورة؟

هنا تقول رئيسة تحرير صحيفة "التغيير"، رشا عوض: “عموما أعتقد جازمة أن "البرهان" لا رغبة له في التنحي، وما زال طامعا في سلطة عسكرية بقيادته هو شخصيا وهذا هو سبب إفشاله لاتفاق المنامة."

وخلال الفترة من (6 -8) يناير الماضي، أجرى كل من نائب القائد العام للجيش، الفريق أول شمس الدين كباشي، والقائد الثاني لقوات "الدعم السريع"، الفريق عبد الرحيم دقلو، مفاوضات في العاصمة البحرينية (المنامة)، انتهت بتوقيع اتفاق من 22 بندا.

ونص الاتفاق الذي تضمن 22 بندا، على تكوين جيش وطني مع "الدعم السريع"، والقبض على المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية، وتفكيك نظام الإسلاميين الذي حكم البلاد في العقود الثلاثة الماضية.

وأضافت عوض، قائلة: "أي حديث عن زهد البرهان أو الكباشي أو ياسر العطا في السلطة مجرد مناورات وخداع للرأي العام".

وتابعت: "هؤلاء الجنرالات جميعهم يتطلعون لمنصب الرجل الأول في سلطة عسكرية بقيادة الجيش، وهذا مصدر الخطر الأساسي على أي مشروع سلام في السودان".

"ذر للرماد في العيون"

من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي، محمد الأسباط، إن "إعلان رئيس مجلس السيادة السوداني، قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، عن رغبته في التنحي عبر تصريحات مساعده ياسر العطا، هي واحدة من مناوراته المكشوفة التي عرفها السودانيون منذ أن تصدر المشهد السياسي في أبريل (نيسان) 2019."

وأضاف الأسباط، "البرهان رجل مشهور بالمناورة وإظهار عكس ما يبطن، وهذا الأمر تكشف في العديد من المحطات في مسيرته التي يعرفها السودانيون جيدا، بداية من الغدر بالمتظاهرين السلميين الذين لولاهم لما تصدر المشهد السياسي، لكنه غدر بهم في 3 يونيو 2019 من خلال الفض العنيف للاعتصام في القيادة العامة للجيش".

وتابع قائلا: "ثم أن البرهان واجه المتظاهرين السلميين وهو في أعلى سلطة عسكرية وأمنية في البلاد، بالقتل منذ اليوم الأول لتصدره المشهد وحتى حرب 15 أبريل 2023، إضافة إلى نقضه لكل العهود والمواثيق التي عقدها مع القوى المدنية التي تولت التفاوض نيابة عن قوى الثورة مع المجلس العسكري الذي كان يترأسه، بالتالي حديثه عن رغبته في التحي لا يعدو أن يكون ذرا للرماد في العيون."

حسابات سياسية؟

من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي، الهضيبي يس، "طبعا هذه المسألة لها عدة دوافع أبرزها شعور الرجل أنه قد اكتفى بدوره الآني وليس بمقدوره تقديم مزيد من العطاء بشكل يؤهله مستقبلا لقيادة دولة مثل السودان".

وأوضح يس، أنه "كذلك تشكيل رأي عام حول البرهان بأنه ليس بالشخص الجدير بقيادة الدولة والجيش في الظرف الآني خاصة عقب سقوط عدة ولايات في يد قوات الدعم السريع دون تقديم أي مصوغات ومبررات مقنعة للشعب السوداني والمجتمع الإقليمي والدولي".

وأضاف، "هذا ما ولد رأي عام بضرورة استبداله، فكان المرجح الخروج من كابينة القيادة بأعجل ما تيسر، بينما الفرضيات الأخرى اقتراب موعد إنهاء الحرب وإدراك البرهان أنه لن يكون جزءا من أي معادلة مستقبلية على مستوى الدولة سواء بصورة سياسية أو عسكرية ففضل التنحي قبل تطبيق هذه الفرضية".

وتابع، "المهم في الأمر أن ما يظهر الآن لا يكاد يعدو مناورة سياسية عسكرية هدفها اختبار الرأي العام السوداني باعتبار أن شخصية البرهان باتت مرتبطة بفعل الحرب نفسه".

ومنذ منتصف أبريل 2023، يخوض الجيش السوداني و"الدعم السريع" حربا خلّفت نحو 15 ألف قتيل وأكثر من 8 ملايين نازح ولاجئ حتى الآن.