رئيس هيئة الشئون الإسلامية بالإمارات: المرأة هي السد المنيع ضد التيارات الجارفة
قال رئيس الهيئة العامة للشئون الإسلامية والأوقاف والزكاة بالإمارات عمر حبتور الدرعي، إن المرأة هي السد المنيع ضد التيارات الجارفة، مؤكدا أن دور المرأة أساسي ويجب تفعيله لتكون جسرا للفكر على مر التاريخ فهي راعية الاعتدال والتسامح والتعليم وتنقل الهوية الوطنية للأجيال.
وأضاف - في كلمته خلال المؤتمر الدولي الـ 35 لمجلس الشئون الإسلامية، الذي يعقد بالقاهرة على مدى يومين - أن المرأة لها التميز الأكبر في كثير من المجالات، مشيرا إلى الآمال الكبيرة المعقودة على المرأة فهي الأمان والقوة والحصن الحصين للمجتمعات.
وأوضح حبتور، أن الجماعات المتطرفة تستهدف المرأة ليس لأنها الطرف الأضعف ولكن لأن عزيمتها صلبة وإرادتها قوية ولتحقيق المقصد من هذا الوعي يجب علينا أن نستحضر عالمات رائدات في شتى الميادين لتكون تلك النماذج ملهمة ومشاريع كبيرة للوعي بالهوية الوطنية.
وأكد ضرورة مساندة المرأة و قضاياها ومجابهة العادات والتقاليد التي تنقص من قيمتها، لافتا إلى أهمية العوالم الرقمية والتي أضحت واقعا معقدا تستهدف أسرنا وأهلنا بمحتويات فكرية ودينية غير صالحة.
وشدد حبتور، على أهمية الوعي بالمخاطر التي تواجه المرأة، وأن نكون خير معين لها ونقدم لها كل ما يذلل العقبات حتى تكون أنموذجا ملهما وتخدم دينها ووطنها .
وعلى صعيد اخر، قال الدكتور نظير عياد مفتي جمهورية مصر، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم: إن المرأة تلعب دورًا محوريًّا في تعزيز الوعي الديني والوطني، مشيدًا بجهودها في بناء الحضارة والعمران.
جاء ذلك خلال كلمته الرئيسية التي ألقاها في افتتاح أعمال المؤتمر الدولي الأول للواعظات، الذي يُعقد ضمن فعاليات المؤتمر الخامس والثلاثين للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، تحت عنوان "دور المرأة في بناء الوعي".
وفي مستهل كلمته، وجَّه المفتي خالص الشكر والتقدير للرئيس عبد الفتاح السيسي، على تكليفه بمنصب الإفتاء، معتبرًا هذا التكليف شرفًا عظيمًا ومسؤولية جسيمة تتطلَّب الدعاء والعون من الله عزَّ وجلَّ. كما أعرب عن عظيم امتنانه للإمام الأكبر شيخ الأزهر، في الدكتور أحمد الطيب، الذي وصفه بأنه "غرَّة شيوخ الإسلام"، مشيرًا إلى دَوره الكبير في تعزيز القيم الدينية والوطنية في المجتمع، كما وجّه التحية للمرأة الفلسطينية نظرًا لما قدمته من تضحيات كبيرة.
وتناول مفتي الجمهورية في كلمته أهمية الوعي في الإسلام، مشددًا على أن الوعي الصحيح والإدراك السليم يشكلان أساس البناء الحضاري والعمراني. واستشهد بعدد من الآيات القرآنية التي تؤكد أهمية الوعي والإدراك، منها قوله تعالى: {هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} [هود: 61]، وقوله: {لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ} [الحاقة: 12]. وأوضح أن ذمَّ القرآن للتقليد الأعمى يرتبط بغياب الوعي والفهم؛ مما يعطِّل حركة الحضارة.
وأشار فضيلته إلى حرص النبي سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم على بناء الوعي الحضاري والعمراني، من خلال تصحيح المفاهيم الخاطئة ونشر الوعي الصحيح للشريعة الإسلامية. واستشهد بمواقف للنبي تؤكد أهمية الوعي، مثل قوله: «إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة، فإن استطاع ألا يقوم حتى يغرسها فليفعل»، ودَوره في تعزيز الوعي الوطني من خلال قوله عن مكة: «والله إنك لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله عز وجل».
وأكد المفتي أن الإسلام نظر إلى المرأة باعتبارها راعية ومسؤولة عن رعيَّتها، وهو ما يتطلب منها بناء وعي رشيد وتوجيه صحيح. واستشهد بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «كلّكم راعٍ فمسئولٌ عن رعيَّته ... والمرأة راعيةٌ على بيت بعلها وولده وهي مسئولةٌ عنهم». وأشار إلى أنَّ دَور المرأة في بناء الوعي لا يقتصر على البيت والأسرة، بل يتعدى ذلك إلى الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
كما أشار مفتي الجمهورية إلى موقف الإمام الأكبر شيخ الأزهر، الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، الذي أكد فيه أن شريعة الإسلام كانت السباقة في تحرير المرأة ومنحها حقوقها، معتبرًا أن القرآن الكريم هو أول كتاب إلهي ردَّ إلى المرأة كرامتها. وأضاف أن الإسلام منح المرأة دورًا محوريًّا في صناعة المجتمعات وصياغة الرجال.
دَور المرأة المصرية الريفية
وأشاد بدَور المرأة المصرية الريفية، التي وصفها بأنها "أنموذج حضاري دائم للمرأة الوطنية المشاركة في بناء الوعي". وأكد أن المرأة الريفية كانت -ولا تزال- تقوم بدَور فطري رشيد في بناء أجيال عصامية واعية، مشيرًا إلى أن هذا الدَّور يستحق الاحتفاء والتخليد كقدوة للأجيال الناشئة.
وتناول المفتي في كلمته دَور دار الإفتاء المصرية في بناء الوعي الديني والوطني منذ نشأتها حتى الآن، جنبًا إلى جنب مع الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف، مشيرًا إلى أن الدار قد بذلت جهودًا حثيثة في تعزيز المفاهيم الصحيحة للقضايا الدينية والوطنية، مؤكدًا أنها تمثل أنموذجًا فريدًا يُحتذى به في هذا المجال.
ومن بين الجهود التي قامت بها الدار: إصدار الفتاوى المنضبطة التي تعبِّر عن صحيح الدين، تدشين البرامج التوعوية في قضايا الأسرة والمجتمع، التأليف والنشر لأهم القضايا الجدلية والشائكة، إصدار البيانات الدينية والوطنية التي حسمت مسائل التطرف والإرهاب، التكيف مع مستجدات العصر الحديث بما لا يخالف الثوابت الدينية، تقديم خطاب إفتائي معاصر وسطي ومعتدل قادر على مواجهة التطرف والإرهاب، التعاون مع مؤسسات المجتمع المدني لصياغة خطاب توعوي رشيد للشباب والمجتمع، وإعداد الدورات التدريبية والتأهيلية لتعزيز الوعي المعرفي والثقافي للمفتين والمفتيات.
وتوجَّه المفتي بخالص الشكر والتقدير لفضيلة العلَّامة الجليل الدكتور علي جمعة، والمفتي السابق الدكتور شوقي علام، على دَورهما البارز خلال توليهما منصب الإفتاء في صناعة الوعي عند المتصدرين للفتيا في الواقع المعاصر، متمنيًا لهما دوام التوفيق والسداد.
تحذر من مخاطر الوعى المزيف ومحاولة التشكيك في الثوابت الدينية والوطنية
وحذَّر المفتي من مخاطر الوعي المزيف، الذي يحاول التشكيك في الثوابت الدينية والوطنية، مشيرًا إلى أن هذا الوعي المزيف قد أدى إلى ظهور بعض الأفكار والمذاهب الإلحادية واللادينية التي تستهدف الشباب والفتيات. كما شدد على أهمية الوعي المؤسسي، الذي يظهر في التكامل بين المؤسسات الدينية والمجتمعية، مشيرًا إلى أنَّ دار الإفتاء المصرية تمدُّ يدها لجميع المؤسسات الدينية والمجتمعية للمشاركة في بناء وتعزيز الوعي.
وفي ختام كلمته، أوصى فضيلة المفتي الواعظات والمتصدرات للفُتيا بأن يأخذن الأمر بجِديَّة، وأن يحرصن على المشاركة الفعَّالة في بناء الوعي الوطني والديني، وأن يستفرغن جهودهن في تقديم خطاب ديني رشيد يسهم في المحافظة على الوطن وازدهاره.
وشدَّد فضيلته على ضرورة تعزيز الدراسات الأكاديمية التي تؤطر دَور المرأة في بناء الوعي، مؤكدًا أن الجامعات والأقسام العلمية لها دَور كبير في هذا المجال. ودعا إلى الاستفادة من تجربة الدولة المصرية في بناء الوعي، مشيرًا إلى أن تمكين المرأة وتعزيز دورها في المجتمع يمثلان جزءًا أساسيًّا من هذه التجربة الناجحة.
وفي ختام كلمته، أعرب فضيلة المفتي عن تطلع دار الإفتاء المصرية إلى التفاعل مع جميع المبادرات الدينية والوطنية التي ستنبثق عن هذا المؤتمر، مؤكدًا التزام الدار بتفعيل جميع مخرجاته وتوصياته العلمية والمجتمعية، بما يسهم في تعزيز الوعي الوطني والديني وتقديم خطاب ديني معتدل يسهم في الحفاظ على الوطن واستقراره.