أفق مبشر لاستراتيجية المغرب للتحول إلى مركز إقليمي للغاز
يبدو أن قرار الجزائر بتعليق العمل بأنبوب الغاز المار من المغرب قد انقلب إيجابا على مملكة المغرب، حيث بدأت ملامح الاستراتيجية المغربية لتحويل مملكة المغرب لمركز إقليمي للغاز في التشكل، بينما تتكامل خطة تطوير البنية التحتية للغاز مع مخطط تعزيز السيادة الطاقية، ما شجع من حجم الاستثمارات الأجنبية في القطاع، والتي تراهن يوما عن يوم على وجود تقديرات ضخمة من احتياطيات الغاز بعدد من الحقول المكتشفة.
وبالرغم من رفض المسؤولين في المغرب التعليق على عدد من التقارير التي تتحدث عن اكتشاف احتياطيات ضخمة من الغاز بعدد من الحقول، إلا أن انخراط شركات عملاقة في المزيد من عمليات التنقيب يوحي بإمكانية التوصل لنتائج مشجعة في مجال اكتشافات الغاز.
وفي هذا السياق حلت، الأسبوع الماضي بسواحل مملكة المغرب، سفينة حفر عملاقة بغرض تطوير مشروع حقل أنشوا بالعرائش، حيث باشرت فيه شركة إينرجين البريطانية عمليات الحفر التي تراهن عليها من أجل تحقيق توقعاتها باحتياطات مؤكدة تبلغ 18 مليار متر مكعب.
ووفق ما ذكرته منصة متخصصة في الطاقة بمملكة المغرب، فإن سفينة الحفر ستينا فورث، التي باشرت عمليات الحفر بالحقل، توصف بأنها سفينة حفر ذات وضع ديناميكي مزدوج، وقادرة على الحفر حتى أعماق مياه تصل إلى 10 آلاف قدم، وتتميز بالعديد من التحديثات التي تجعلها من بين أفضل السفن في مجالها.
وتتوقع الشركة البريطانية التي تتوفر على رخص تنقيب عن الغاز في المغرب، أن تستمر عمليات التنقيب في حقل أنشوا 3 حوالي شهرين، حيث كشف بيان للشركة صادر في 20 أغسطس الماضي، أن هناك إمكانيات كبيرة للنمو في تحقيق أهداف الحفرة التجريبية وكذا الحفرة الرئيسية، والتي يمكن أن تزيد من قاعدة الموارد إلى أكثر من تريليون قدم مكعب، حسب بيان الشركة.
ومن شأن التحقق من هذه الاحتياطات، أن يعزز من قرار الشركة في اتجاه اتخاذ قرارها في الاستثمار النهائي، وأيضا في تعزيز استراتيجية المملكة، والتي قطعت عدة أشواط في اتجاه التحقق على أرض الواقع، بالنظر إلى رهان المغرب لتقليص وارداته من الطاقة، وأيضا التحول محو منصة إقليمية في القطاع.
وفي هذا السياق كان إعلان مملكة المغرب البدء في بناء محطة عائمة للغاز الطبيعي المسال في ميناء الناظور، في سياق خطوة استراتيجية تهدف لتعزيز قدرة المغرب على توليد الطاقة وتلبية حاجياته المتزايدة، حيث ينتظر أن تطرح وزارة الطاقة قريبا، مناقصة لتلقي الطلبات للمشروع.
وقد صرح المسؤول عن النفط والغاز بوزارة الطاقة في مملكة المغرب عبد الغفور الحجوي، في يونيو الماضي، لوكالة رويترز، أن الوزارة تتوقع تحقيق الإغلاق المالي للمشروع في العام المقبل، وبدء مرحلة الإنشاءات والتشغيل والعمليات التجارية في 2026.
استيراد 500 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال سنويا
ومن المتوقع أن يتم ربط المحطة الجديدة بخط أنابيب موجود يساعد المغرب على استيراد 500 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال سنويا، من محطات إسبانية، وهو ما يكفي لتشغيل محطتين لإنتاج الكهرباء، حيث يخطط المغرب أيضا لربط المحطة المذكورة بحقول الغاز التي يجري تطويرها في عدد من المناطق.
وقد كشفت وزيرة الانتقال الطاقي بمملكة المغرب ليلى بنعلي، قبل فترة، رغبة المملكة في زيادة إنتاج الغاز إلى 400 مليون متر مكعب سنويا في الأعوام القليلة المقبلة، من 100 مليون متر مكعب حاليا، ما يغطي 40 في المئة من الاستهلاك المحلي.
وأشارت وزيرة الانتقال الطاقي بمملكة المغرب ليلى بنعلي، على هامش منتدى بلومبيرغ للاقتصاد الجديد في إفريقيا المنعقد بمراكش يونيو الماضي، إلى أن هناك اكتشافات جديدة تخضع للتطوير في منطقتي تندرارة والعرائش بقدرة إنتاجية تناهز 300 مليون متر مكعب على الأقل. وأوضحت أن تلك الاكتشافات ستغطي احتياجات إنتاج الطاقة الكهربائية لمدة تصل إلى عقدين من الزمن.
يذكر أن وزارة الانتقال الطاقي بمملكة المغرب، سبق أن قامت في يونيو 2023، بتوقيع شراكة مع مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي، بغرض تنظيم شراكة بين القطاعين العام والخاص لتطوير بنية تحتية مستدامة لقطاع الغاز في إطار خارطة طريق الحكومة لتنمية هذا المورد، وذلك ضمن خطة التحول الأخضر التي تتمحور حول جعل الطاقة النظيفة تمثل أكثر من نصف القدرة الإنتاجية للكهرباء في المغرب بحلول نهاية العقد الحالي.