تصعيد مستمر من حركة الشباب الإرهابية في الصومال فهل تحقق أهدافها؟
حركة الشباب الإسلامية أو حزب الشباب في الصومال، هي حركة إسلام سياسي قتالية صومالية تنشط في الصومال، تتبع فكرياً لتنظيم القاعدة وتهدف حسب زعمها لتطبيق الشريعة الإسلامية، وتتهم من عدة أطراف بالإرهاب بينها الولايات المتحدة الأمريكية، النرويج والسويد.
تأسيس الجماعة الإرهابية
الحركة التي تأسست في أوائل 2004 كانت الذراع العسكري لاتحاد المحاكم الإسلامية التي انهزمت أمام القوات التابعة للحكومة الصومالية المؤقتة غير أنها انشقت عن المحاكم بعد انضمامه إلى ما يُعرف بـ«تحالف المعارضة الصومالية».
لا يعرف تحديدًا العدد الدقيق لأفراد هذه الحركة إلا أنه عند انهيار اتحاد المحاكم الإسلامية التي خلفتها حركات إسلامية من قبيل حركة الشباب قدر عدد الأولى بين 3000 إلى 7000 عضو تقريبًا.
ويعتقد أن المنتمين إلى الحركة يتلقون تدريبات في إريتريا حيث يقيمون لستة أسابيع في دورة يكتسبون خلالها مهارات حرب العصابات واستخدام القنابل والمتفجرات.
تمويل الجماعة
كما أن هناك من يقول بأن تلك الحركة تمول نشاطاتها من خلال القرصنة قبالة سواحل الصومال.
كما يتواجد مقاتلون أجانب مسلمون داخل الحركة كانوا قد دعوا للمشاركة في (جهاد) ضد الحكومة الصومالية وحلفائها الصليبيين الإثيوبيين. كذلك تقوم عناصر تابعة للحركة بالقيام بالتفجيرات الانتحارية، من بينها اغتيال وزير الداخلية الصومالي.
أبرز عمليات التصعيد الأخيرة
وقع انفجار دامٍ باستخدام قنبلة انتحارية استهدف مطعمًا في فندق بيتش فيو على شاطئ ليدو، الواقع على مقربة من المدخل الرئيسي لمجمع فيلا صوماليا المحصّن الذي يضم مقر الرئاسة الصومالية ومكاتب رئاسة الوزراء ومباني بعض الوزارات، مساء الجمعة 2 أغسطس 2024.
حيث تعد مطاعم شاطئ ليدو من الوجهات الشعبية لدى رواد الشاطئ الشباب في مقديشو، ووفق تصريح لوزير الصحة الصومالي، أسفر عن الانفجار مقتل ما لا يقل عن 37 مدنيًا وإصابة 212 آخرين، وأكد متحدث باسم الشرطة أن جنديًا قُتل وأن بقية القتلى والجرحى من المدنيين.
وفي صباح السبت 3 أغسطس 2024، انفجرت قنبلة على جانب الطريق على بُعد 25 ميلًا من مقديشو، ما أسفر عن مقتل 7 أشخاص وإصابة 4 آخرين.
وأعلنت حركة شباب المجاهدين الصومالية مسؤوليتها عن الهجوم الدامي، الجمعة الماضي، وعقد الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود اجتماعًا؛ للنظر في أمن القرن الإفريقي ووضع استراتيجيات تحد من هجمات حركة الشباب الإرهابية التي تنتعش يومًا بعد يوم في الآونة الأخيرة.
تفاصيل التصعيد من قبل حركة الشباب
- الانشقاقات الداخلية : يعاني الداخل الصومالي من التفكك العشائري والانقسامات، فنلاحظ في الشمال الصومالي، إعلان قيام حكومة تحت اسم "بونت لاند" عاصمتها "جروي"، أما في الجنوب الصومالي، فهناك محاولات لإقامة حكومة أخرى تحت اسم "جوبا لاند"، ناهيك عن انتظار إقليم أرض الصومال (صوماليلاند) إتمام الاتفاق مع إثيوبيا الرامي إلى الاعتراف باستقلال صوماليلاند عن جمهورية الصومال، واحتفل صوماليلاند، 15 مايو الماضي، بذكرى إعلان استقلالها من جهة واحدة. فتلك الانشقاقات والمساعي للانفصال عن الحكومة الفيدرالية الصومالية، بمثابة محفز قوي لحركة الشباب تساعدها على الانتعاش وبسط النفوذ، ومن ثم استغلال الثغرات ونقاط الضعف بالداخل الصومالي للتمدد والظهور.
- إقامة إمارة إسلامية في الصومال: تواجه حركة الشباب تحديات جمة أبرزها محاولات الحكومة الصومالية للقضاء الحركة ومن ثم تجفيف كل منابع التمويل، وللمرة الأولى في 8 يناير 2024، طلبت حركة الشباب فتح مفاوضات وسط هجوم عسكري وصفته الحكومة الصومالية بأنه حرب شاملة، لكن هذا لم يُجدِ نفعًا، بل سعت الحركة لتنفيذ الكثير من الهجمات بهدف توسيع نفوذها من جديد تحديدًا في منطقة الخط الساحلي التي تمتد من مدينة مومباسا الكينية إلى مقديشيو، ومن ثم إقامة إمارة إسلامية في الصومال تحت شعار توحيد المسلمين في منطقة القرن الإفريقي عامة والصومال خاصة، فإنشاء إمارة إسلامية هو الهدف الأسمى للحركة منذ صعودها.
- مصادر التمويل: يُعد اعتماد حركة الشباب على مصادر تمويل متعددة من أهم العوامل التي تقوي جبهاتها وتساعدها على تنفيذ عدد أكبر من العمليات الإرهابية، إذ تعتمد الحركة على فرض الضرائب بالداخل الصومالي وخارجه، إلى جانب الاستحواذ على النفط والغاز في بعض المناطق المجاورة، وكذلك اللجوء إلى تجارة وتهريب المخدرات والأسلحة، ناهيك عن عمليات القرصنة، وغيرها من الوسائل التي تساعد حركة الشباب على تجديد نشاطها ومن ثم تصاعد عمليات تجنيدها للأفراد، فالتمويل عصب استمرار نشاط حركة شباب المجاهدين الصومالية، وتعد حركة الشباب من أغنى التنظيمات الإرهابية في العالم، إذ تجني ما يقرب من 100 إلى 150 مليون دولار سنويًا.
- انسحاب بعثة الاتحاد الإفريقي الانتقالية في الصومال يونيو 2023، أتمت أتميس (بعثة الاتحاد الإفريقي الانتقالية في الصومال) المرحلة الأولى من انسحابها التي شملت مغادرة نحو 2000 جندي. وفي فبراير 2024، أتمت المرحلة الثانية من الانسحاب، التي شملت 3000 جندي. ووفق الخطة المعلنة، انطلقت المرحلة الثالثة من الانسحاب بمغادرة 4000 جندي. وبموجب جدول زمني، يتبقى من أتميس نحو 10 آلاف و600 جندي سيتم سحبهم تدريجيًا حتى نهاية 2024، فيبدو أن الانسحاب التدريجي لأتميس، يشجع حركة الشباب لملء الفراغ، ومن ثم تحقيق أهدافهم التي حاول الاتحاد الإفريقي عرقلتها.
تحركات متوقعة الحدوث: -
تكثيف التعاون الأمني بين الولايات المتحدة الأمريكية والصومال: تسعى واشنطن منذ تشكيل فرقة "داناب" العسكرية (المغاوير) وتمويلها وتدريبها من خلال شركة Bankroft Global، للتدريب العسكري عام 2017 إلى دعم الحكومة الصومالية؛ للقضاء على الإرهاب، وفي 15 فبراير الماضي، أعلنت الرئاسة الصومالية، اتفاقًا عسكريًا بين الصومال والولايات المتحدة الأمريكية يقضي بزيادة الدعم الأمريكي العسكري للجيش الصومالي؛ لمواجهة تنظيم حركة الشباب الإرهابية، ومن المرجح أن تشهد الفترة المقبلة تصعيدًا للتدريب العسكري الأمريكي للقوات الصومالية، من خلال إنشاء قواعد عسكرية أمريكية في الصومال؛ لضرب حركة الشباب الصومالية، ومن ثم التعاون مع المجموعات المختلفة التي تقترب من بؤر تمركز حركة الشباب الإرهابية؛ من أجل صد هجماتها ومن ثم التقليل من الخسائر المادية والمعنوية بالداخل.
إعادة النظر في الاستراتيجية التي تبنتها الحكومة الصومالية، مايو 2022: مع انتعاش حركة شباب المجاهدين من المرجح أن يعيد الرئيس حسن شيخ محمود، النظر في الاستراتيجية التي وضعها للقضاء على حركة الشباب، إذ شملت الاستراتيجية ثلاثة محاور تتمثل في المحور العسكري والمالي والإعلامي.
من جانبها أدانت الأمم المتحدة في الصومال الهجوم الإرهابي، ووصف القائم بأعمال الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في الصومال جيمس سوان، الاستهداف بأنه "عمل بغيض يستحق أشد الإدانة"، وفي خضم جملة الهجمات الانتحارية التي تنفذها حركة الشباب الإرهابية، لا بد أن يتم التنسيق بين الحكومة الصومالية والأطراف الدولية والإقليمية؛ للحد من تلك التوترات بالداخل الصومالي والمنطقة برمتها.
وتظل الحكومة الصومالية تعمل على تعزيز قدراتها العسكرية والأمنية، من أجل التصدي لحركة الشباب لاسيما التحركات الأخيرة، والتي شهدت توقيع إتفاق تعاون عسكري مع مصر وتركيا، فضلاً عن إرسال تركيا ومصر معدات عسكرية للصومال ، فهل تنجح حركة الشباب وسط تلك التعزيزات الأمنية والإجراءات التي إتخذها الصومال من تحقيق أهدافها؟