«الطرق الوعرة» تدفع إيران لحجب منصات صواريخها عن روسيا
في خطوة لافتة، حجبت إيران منصات إطلاق صواريخ باليستية عن روسيا، إثر تهديد ووعيد غربي لإيران.
وقالت ثلاثة مصادر مطلعة لـ"رويترز"، إن إيران لم ترسل إلى روسيا منصات الإطلاق المتنقلة مع الصواريخ الباليستية قصيرة المدى، التي قالت واشنطن الأسبوع الماضي إن طهران سلمتها لموسكو لاستخدامها ضد أوكرانيا.
نفي إيراني وغموض روسي
وتنفي طهران تزويد موسكو بالصواريخ أو المسيرات التي تقول أوكرانيا وحلفاؤها الغربيون إن روسيا تستخدمها ضد أهداف عسكرية ولتدمير البنية التحتية المدنية، بما في ذلك شبكة الكهرباء في أوكرانيا.
واتهم وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، في 10 سبتمبر الجاري، إيران بتسليم روسيا صواريخ لاستخدامها ضد أوكرانيا.
وقال بلينكن، إن "صواريخ فتح-360 التي سلمتها إيران لروسيا ستستخدم في غضون أسابيع، وستشكل تهديدا للأمن الأوروبي، إذ سيتم إطلاقها ضد أهداف قصيرة المدى، ما يسمح لروسيا بتخصيص المزيد من ترسانتها الأبعد مدى لأهداف وراء خطوط المواجهة"، ولم يحدد بلينكن عدد الصواريخ أو موعد إرسالها.
لكن "رويترز" رجحت من خلال بيانات الشحن أن تكون تلك الصواريخ نُقلت على متن سفينة الشحن الروسية الخاضعة لعقوبات واشنطن، بورت أوليا 3، التي أبحرت بين ميناء أمير أباد الإيراني على بحر قزوين وميناء أوليا الروسي عدة مرات بين مايو و12 سبتمبر.
ويصل مدى صاروخ فتح-360 إلى 121 كيلومترا، وينطلق بسرعة تعادل أربعة أمثال سرعة الصوت عند الاقتراب من الأهداف، بحسب "وكالة فارس" شبه الرسمية الإيرانية للأنباء.
وفيما يرفض الكرملين تأكيد تسلم الصواريخ، يُقر بأن تعاونه مع إيران يشمل "المجالات الأكثر حساسية".
وأكد دبلوماسي أوروبي ومسؤول مخابرات أوروبي ومسؤول أمريكي أن إيران لم ترسل منصات الإطلاق مع تلك الصواريخ، لكنهم لم يحددوا على وجه الدقة سبب الخطوة الإيرانية، ما أثار تساؤلات حول موعد استخدام تلك الصواريخ.
وقال المسؤول الأمريكي إن إيران لم تسلم منصات الإطلاق في وقت إعلان الولايات المتحدة عن تسليم طهران الصواريخ، وتوقع مسؤول المخابرات الأوروبي ألا تسلم إيران تلك المنصات لروسيا.
ورفضت وزارة الدفاع الروسية، ومجلس الأمن القومي الأمريكي، ووزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، وبعثة إيران لدى الأمم المتحدة، التعليق على تلك التقارير.
سببان مُرجحان لقرار إيران
وقال خبيران إن هناك عدة أسباب محتملة وراء عدم إرسال منصات الإطلاق، أحدها أن روسيا ربما تخطط لتعديل شاحنات حمل الصواريخ كما فعلت إيران، أو ربما تريد إيران من خلال حجب المنصات أن تتيح مساحة لإجراء محادثات جديدة مع القوى الغربية حول ملفها النووي لتخفيف التوترات.
وتأتي الأنباء عن حجب المنصات وسط إشارات إيرانية لـ"تمهيد الطرق الوعرة" أمام الانفتاح على اتفاق نووي جديد مقابل تخفيف العقوبات.
وبدت الإشارات الإيرانية واضحة في المؤتمر الصحفي الأول للرئيس الإيراني، الذي أكد انفتاح بلاده على اتفاق نووي جديد، شريطة أن تلتزم به الولايات المتحدة.
وفرضت الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا وفرنسا عقوبات جديدة على إيران، وقال الاتحاد الأوروبي إنه يدرس اتخاذ إجراءات جديدة تستهدف قطاع الطيران في إيران.
وقال ديفيد ألبرايت المفتش النووي السابق لدى الأمم المتحدة، الذي يرأس معهد العلوم والأمن الدولي، إن الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان ومسؤولين إيرانيين آخرين سيلتقون مسؤولين أوروبيين على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الأسبوع في نيويورك، لاختبار الحلول الدبلوماسية بشأن البرنامج النووي الإيراني والتوترات الإقليمية والنزاعات الأخرى.
وأضاف "ربما يكون السبب هو أنهم (الإيرانيون) يؤخرون إرسال منصات إطلاق الصواريخ لإتاحة مجال صغير لهذه المحادثات، يمكننا أن نتخيل أنه إذا سقطت صواريخ إيرانية (على أوكرانيا) فسوف يكون هناك تنديد في الجمعية العامة".
لكنه أبدى تشككه في إمكانية إحراز أي تقدم، قائلا إنه يشك في أن إيران ستقدم التنازلات اللازمة.
أما السبب الثاني المُرجح وراء القرار الإيراني، حسب فابيان هينز الخبير في شؤون الصواريخ الإيرانية بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، فإن "الشاحنات المدنية التي عدلتها إيران لإطلاق هذه الصواريخ وغيرها ليست قوية بما يكفي للعمل في التضاريس الوعرة خلال الشتاء القارس في أوكرانيا".
وأضح أن إيران تعدل الشاحنات التي تصنعها شركة مرسيدس وغيرها وتحولها إلى منصات لإطلاق الصواريخ ويمكن إخفاؤها بسهولة، معتبرا أن "القرار الإيراني ربما يشير إلى أن روسيا قد تتمكن من تعديل مركباتها العسكرية".
وأضاف "شاحنة مرسيدس التجارية العادية ليست قادرة على السير على الطرق الوعرة".