مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

التصعيد في لبنان.. لماذا تتأخر إيران في الدفاع عن حزب الله؟

نشر
الأمصار

تواجه منطقة الشرق الأوسط تحولاً دراماتيكياً في موازين القوى، حيث تتزايد التحديات التي يواجهها حزب الله في لبنان، أبرز الجماعات المسلحة المدعومة من إيران. 

وعلى الرغم من كونه يعتبر جزءاً من "محور المقاومة" ضد إسرائيل، فإن الحزب الآن في مواجهة سلسلة من الهجمات غير المسبوقة، ما يضعه في أزمة تعتبر الأشد منذ سنوات. 

وفي هذا السياق، يبرز سؤالٌ محوري: لماذا تتأخر إيران، الداعم الرئيسي لحزب الله، في تقديم الدعم الفوري له؟ هذا التقرير يستعرض التوترات القائمة، ردود الأفعال الإيرانية، والتحولات في الاستراتيجيات الإقليمية.
في الأسبوع الماضي، تعرض حزب الله لسلسلة من الهجمات التي بدأت بتفجير أجهزة الاتصال الخاصة به، وتلتها غارات جوية إسرائيلية استهدفت قياداته.

وهذه الأحداث تُعد الأكثر دموية منذ حرب 2006، مما أثر بشكل كبير على البنية القيادية للحزب. 

وفي حين كان يُعتقد أن هذه الضغوط ستؤدي إلى رد فعل إيراني حاسم، إلا أن التصريحات الصادرة عن المسؤولين الإيرانيين جاءت متناقضة، مما أثار العديد من التساؤلات حول موقف طهران.

إيران، التي لطالما اعتبرت حزب الله "خطها الأحمر"، لم تُظهر حتى الآن أي بوادر لردٍ عسكري أو انتقامي.

وهذا التراجع الواضح عن التهديدات السابقة يعكس تحولاً في الإستراتيجية الإيرانية، حيث أشار الرئيس الإيراني مؤخرًا إلى إمكانية التفكير في نزع السلاح، مشيراً إلى استعداد إيران للتخلي عن أسلحتها إذا قامت إسرائيل بنفس الأمر. 

ويُظهر هذا الخطاب تحولات عميقة في التفكير الإيراني تجاه المواجهة مع إسرائيل.

وأضف إلى ذلك، فإن وسائل الإعلام المؤيدة للحكومة الإيرانية، التي كانت في السابق تنادي بالانتقام، بدأت تُظهر نبرة أكثر تصالحية، مع التركيز على دعوات الوحدة الإسلامية بدلاً من التهديدات العسكرية المباشرة. 

وهذه التحولات في اللهجة السياسية والإعلامية تشير إلى حسابات جديدة تُعيد تقييم التوترات الإقليمية.

ورغم أن هذه التحولات قد تُفسر كـ"وقفة مدروسة"، إلا أن الوضع في الشرق الأوسط دائمًا ما يكون عرضة للتطورات المفاجئة. 

وتشير تقارير دولية، مثل صحيفة تايمز أوف إسرائيل، إلى أن حزب الله يمتلك ما يصل إلى 100 ألف صاروخ، بما في ذلك الصواريخ الدقيقة والطائرات بدون طيار، التي يمكنها استهداف مواقع استراتيجية داخل إسرائيل.

القوة العسكرية لحزب الله

في عام 2021، أعلن زعيم حزب الله حسن نصر الله أن عدد مقاتلي التنظيم يصل إلى 100 ألف مقاتل. 

ويؤكد معهد الدراسات الاستراتيجية في تقديراته لعام 2022 أن الحزب يمتلك حوالي 20 ألف مقاتل نشط، يتمتعون بخبرة قتالية ميدانية بعد مشاركتهم في الحرب السورية إلى جانب قوات الرئيس بشار الأسد.

الدعم الخارجي

ووفقًا لتقديرات الولايات المتحدة، يتلقى حزب الله دعماً مالياً وأسلحة بقيمة مئات الملايين من الدولارات سنوياً، مما يعزز من قدراته العسكرية ويعزز مكانته كلاعب إقليمي قوي.

 ويدّعي الحزب أن بإمكانه ضرب جميع أنحاء إسرائيل، مما يجعله قوة ردع رئيسية في أي مواجهة محتملة.
ومؤخرًا، اندلعت مواجهات بين حزب الله وقوات الاحتلال على الحدود اللبنانية، مما أثار مخاوف من انزلاق الأمور إلى حرب شاملة. 

 

ووسط هذه الأجواء المتوترة، حذر وزير الخارجية البريطاني من أن أي تصعيد إضافي قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة في المنطقة.

الدور الإقليمي لحزب الله

ولا يقتصر دور حزب الله على المواجهات مع إسرائيل فحسب، بل يلعب التنظيم أيضًا دورًا فاعلاً في الساحة الإقليمية، من خلال تدخله في الأزمات والنزاعات المختلفة مثل الحرب في سوريا، حيث دعم قوات النظام السوري.

 بالإضافة إلى ذلك، يظل الحزب لاعبًا مؤثرًا في المشهد السياسي اللبناني، حيث يتمتع بنفوذ واسع على الصعيدين العسكري والسياسي.

مطالب دولية بوقف التصعيد

مطالب دولية عاجلة بوقف القتال والتصعيد، ودعوة لاجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي، وإعلانات صريحة برفض عملية برية إسرائيلية في لبنان، وتحركات عالمية لمنع انزلاق المنطقة لحرب شاملة.

وخلّفت مئات الغارات الإسرائيلية على مناطق عديدة في لبنان، 492 قتيلا، بينهم 35 طفلا، وفق حصيلة جديدة أعلنتها السلطات اللبنانية، في أعنف قصف جوي على الإطلاق يستهدف هذا البلد منذ بدء تبادل إطلاق النار على جانبَي الحدود قبل نحو عام على خلفية الحرب في غزة.

بالمقابل، أعلن حزب الله أنه قصف قاعدة إسرائيلية غرب طبريا ومقرا عسكريا "بعشرات الصواريخ"، موضحا أنه استهدف "المخازن الرئيسية التابعة للمنطقة الشمالية في قاعدة نيمرا" و"مقر الكتيبة الصاروخية والمدفعية في ثكنة يوآف".

حرب شاملة

وفي هذا الإطار، حذّر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، الإثنين، من أنّ "النزاع المستعر بين إسرائيل وحزب الله اللبناني يهدد بإغراق الشرق الأوسط برمّته في حرب شاملة".

وقبيل مشاركته في اجتماع في نيويورك لممثلي دول مجموعة السبع على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، قال بوريل "أستطيع أن أقول إنّنا تقريبا على شفا حرب شاملة".

ويبقى السؤال مفتوحًا: هل تتحضر إيران لردٍ مدروس، أم أن هذه التحولات تعكس خوفًا من تصعيد غير محسوب العواقب؟
بينما تتزايد الضغوط على حزب الله، يظهر دور إيران كداعم أساسي في أزمة يواجهها الحزب.

إن التحولات في الخطاب الإيراني والتغيرات الاستراتيجية تشير إلى إعادة تقييم للموقف في ظل التحديات المتزايدة، مما يعكس تعقيدات الصراع في المنطقة.

وسيبقى المتابعون على أهبة الاستعداد لرصد أي تغييرات مستقبلية قد تؤثر على ميزان القوى في الشرق الأوسط.