مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

هاريس وترامب.. «الاستراتيجية النووية» للمرشحين الرئاسيين تكسر الصمت

نشر
الأمصار

رغم التهديدات التي تمثلها الأسلحة النووية، فإن الأسئلة المتعلقة بالاستراتيجية النووية للمرشحين الرئاسيين لا تزال بلا إجابة.

وتعد الأسلحة النووية الأخطر في العالم وتمتلك الولايات المتحدة قدرا منها يفوق أي دولة أخرى باستثناء روسيا.

وتم تقدير تكلفة صيانة وتحديث هذه الترسانة النووية الهائلة بنحو 756 مليار دولار على مدى العقد المقبل، وهو التقدير الذي يتزايد بملايين الدولارات سنويًا.

ودائما ما كان الشعب الأمريكي مهددا في ما يتعلق بالأسلحة النووية وتطويرها وصيانتها واختبارها وتحديثها، وذلك وفقا لما ذكره موقع "ريسبونسيبل ستايت كرافت" في تقرير له.

وعلى مدار التاريخ، ألحقت الأسلحة النووية الأمريكية الضرر بالمجتمعات المحلية وهو ما بدأ من تعدين اليورانيوم في أوائل القرن العشرين حين وقعت العديد من عمليات التعدين على أراضي نافاجو والتي استمرت لعقود تاركة إرثًا سامًا لا يزال يؤثر على صحة المجتمعات الأصلية حتى اليوم.

ولا تزال آلاف مناجم اليورانيوم المهجورة متناثرة في جميع أنحاء الغرب الأمريكي، حيث تتسرب الإشعاعات باستمرار إلى التربة والمياه، وتسبب آثارًا صحية مدمرة مثل السرطان وأمراض الكلى للسكان الذين يعيشون بالقرب منها.

وشهدت الفترة بين عامي 1945 و1962 موجة أخرى من الضرر بسبب التجارب النووية التي بلغ عددها أكثر من 200 تجربة نووية فوق الأرض أجريت بالأساس في نيفادا ونيو مكسيكو قبل نقلها لاحقًا تحت الأرض حتى توقفت في النهاية بسبب زيادة الوعي بأضرارها وفي ضوء التطورات التكنولوجية التي جعلت الانفجارات النووية "اختبارات" عفا عليها الزمن.

وتُظهر الدراسات الحديثة أن تداعيات بعض هذه الاختبارات انتشرت في جميع أنحاء البلاد، مع عواقب مدمرة على الأشخاص الذين يعيشون في اتجاه الرياح حيث أصيب العديد بالسرطان وأمراض المناعة الذاتية وأمراض أخرى.

ترامب وهاريس

صمت 

هذا العام، انتهت صلاحية قانون تعويض التعرض للإشعاع (RECA)، وهو البرنامج الحكومي الوحيد الذي قدم تعويضًا لمرة واحدة لمجموعات متضررة معينة.

ومع ذلك، لم يكشف أي من المرشحين الرئاسيين الديمقراطية كامالا هاريس نائبة الرئيس والجمهوري والرئيس السابق دونالد ترامب عن الوعي بالبرنامج أو الاستعداد لإعادته.

وفي الوقت نفسه، لا تزال صوامع الصواريخ التي تحتوي على صواريخ باليستية عابرة للقارات تقبع تحت الأرض في جميع أنحاء الغرب الأوسط بعدما شردت السكان الأصليين مثلما حدث في محمية فورت بيرثولد في داكوتا الشمالية التي غمرتها المياه أثناء عملية بناء الصوامع النووية.

وبالإضافة إلى ذلك، فقد وقعت حوادث تتعلق بالأسلحة النووية في حين تزداد مخاطر وقوع مثل هذه الحوادث مع تقدم البنية الأساسية في العمر.

ولن تؤدي خطط تحديث هذه الصواريخ إلا إلى تفاقم الوضع في غياب تقييم واضح للتأثير الذي قد تخلفه على السكان.

كما أن الوظيفة الحقيقية للصوامع هي العمل كـ "إسفنجة نووية"، لجذب هجوم العدو عليها وعلى عشرات الآلاف من السكان حولها والذين قد يموتون على الفور ومع ذلك، لا يوجد أي ذكر لهم.

ورغم وقف التجارب، فإن الولايات المتحدة تعمل على تعزيز مخزونها الضخم من الرؤوس الحربية، ولم تتخلص بعد من أكثر من 100 مليون غالون من النفايات السائلة الخطرة، التي تحتوي على مواد كيميائية ومواد مشعة ناجمة عن هذه التجارب.

كما تواصل الولايات المتحدة توليد نفايات نووية عالية المستوى جديدة للحفاظ على برنامجها للأسلحة النووية، وعند تنفيذ خطط لتحديث المخزون النووي.

وقد تكون التكلفة البديلة للحفاظ على الأسلحة النووية وتحديثها باسم الأمن هي السلام والاستقرار الداخلي ولا يعد تأطير الأمن القومي باعتباره "أمناً إنسانياً" مفهوماً جديداً وهو ما يعني أن يعتمد أمن المواطنين على قدرتهم على رعاية أنفسهم، والحصول على الفرصة ليس فقط للبقاء بل أيضا الازدهار.

ويعد دمج مؤشرات الأمن الإنساني ضمن أجندة الأمن القومي أمرا قديما، فمثلا ركزت أجندة الأمن القومي للرئيس دوايت أيزنهاور على تحسين التعليم والنقل، وهما مؤشران للأمن الإنساني.

تداعيات

ينعكس هذا الأمر اليوم، في الطريقة التي تتم بها مناقشة القضايا الاجتماعية والثقافية على منصات الدفاع والأمن ويتم النظر فيها في عملية اعتماد التشريعات الدفاعية السنوية.

ومع ذلك، فإن المناقشة حول تأثير الأسلحة النووية على الجمهور غائبة بشكل واضح عن الحملات الانتخابية للحزبين الرئيسيين فبالكاد يناقش المرشحان الرئاسيان السياسات النووية الأكثر شيوعاً مثل كيفية تجنب سباق التسلح النووي مع روسيا والصين، وكيفية حماية المواطنين من اندلاع الحرب النووية.

وفي حين تتألف وثيقة مؤتمر الحزب الوطني الديمقراطي من 92 صفحة فإن كلمة "نووي" ذُكرت 16 مرة فقط وفي الوقت الذي أكدت فيه على أن "الحرب النووية لا يمكن كسبها ولا ينبغي خوضها أبداً"، فإنها لا تقدم أي خطط لمعالجة الضرر الذي ألحقته الأسلحة النووية بالأمريكيين.

كما لا تناقش كيف يمكن تنفيذ "التزامها بتحديث" الأسلحة باعتباره "أساس الردع"، دون إلحاق المزيد من الضرر بالسكان.

ويدعم الجمهوريون على نطاق واسع ليس فقط التحديث، بل أيضاً توسيع الترسانة النووية "لمواجهة التهديدات من روسيا والصين"، كما أن برنامج الحزب لعام 2024 المخصص لـ"الرجال والنساء المنسيين في أمريكا"، ينسى ذكر سياسات الأسلحة النووية بالكامل.

ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، يستحق الناخبون ما هو أكثر من إشارات غامضة وغير مدروسة حول الأسلحة النووية، فهم يستحقون معرفة كيف يخطط المرشحان الرئاسيان لحماية الأمريكيين من المخاطر التي تشكلها البنية التحتية النووية للولايات المتحدة.

أسئلة

تتفجر الأسئلة الآن مثل هل سيعمل الرئيس القادم على استئناف قانون إعادة استخدام الأسلحة النووية لتعويض الأشخاص الذين ما زالوا يعانون من التجارب النووية؟

وهل سيمول تنظيف مناجم اليورانيوم المهجورة، ومجاري الأنهار الملوثة بالنفايات النووية؟ هل سيعالج المخاطر التي تشكلها صوامع الصواريخ القديمة، أو النفايات النووية، أو خطط التحديث؟ وأخيرا، هل سيعترف بنزع السلاح النووي ويتخذ خطوات حقيقية نحوه؟

ووفق المصدر نفسه، فإن مسؤولية الرئيس تتلخص في حماية الشعب الأمريكي ليس فقط من التهديدات الخارجية، بل على الرئيس القادم أن يضع الأمن الإنساني ضمن أجندة الأمن القومي.

وأخيرا، فإن الأمر يتطلب وضع خطة واضحة لمعالجة النطاق الكامل للتهديدات النووية، حتى لا يظل الشعب الأمريكي عُرضة للخطر من الأسلحة التي من المفترض أنها مصممة لحمايته.