الإمارات وإندونيسيا.. علاقات استراتيجية وصداقة راسخة
تربط دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية إندونيسيا شراكة راسخة تطورت عبر السنوات، جذورها تمتد إلى سنواتٍ مقبلةٍ، وتأتي الزيارة في إطار حرص البلدين على تطوير العلاقات الاستراتيجية بينهما، كما تتوج العلاقات التاريخية والشراكة الاستراتيجية التي تربط البلدين.
وقد أظهر استقبال الإمارات، للرئيس الأنونيسي، برابوو سوبيانتو، مدى الحب والترابط الذي تكنه دولة الإمارات العربية المتحدة إلى إندونيسيا .
وقد استقبلت الإمارات ، برابوو سوبيانتو، بسرب من الطائرات العسكرية؛ حيث استأذنه قائد السرب بمرافقته إلى مطار الرئاسة مرحباً به في بلده الثاني، وكان في استقبال الرئيس الإندونيسي في مطار الرئاسة، سهيل بن محمد فرج فارس المزروعي، وزير الطاقة والبنية التحتية، رئيس بعثة الشرف المرافقة للرئيس الضيف.
ويحمل تبادُل البلدين لهذا النوع من الزيارات رسائل ودلالات حول قوة ومتانة العلاقات التاريخية بينهما.
العلاقات التاريخيةبين الإمارات وإندونيسيا
ترتبط دولة الإمارات وإندونيسيا بعلاقات ممتدة تسبق تاريخ التدشين الرسمي للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين عام 1976.
وفي 28 أكتوبر/تشرين الأول 1978، افتتحت السفارة الإندونيسية بأبوظبي، على مستوى القائم بالأعمال حتى تاريخ 29 مارس/آذار 1993، حيث عينت إندونيسيا أول سفير لها لدى الدولة.
في عام 2003، افتتحت قنصلية عامة في دبي، ومكتبا لترويج التجارة في الإمارات في العام نفسه، إضافة إلى مكتب لترويج الاستثمار تم افتتاحه في 2010.
في يونيو/حزيران سنة 1991، جرى افتتاح سفارة دولة الإمارات بجاكرتا، بعد نحو عام من الزيارة التاريخية التي قام بها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان إلى إندونيسيا مايو/أيار عام 1990.
في 1997، افتتحت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي مكتباً لها بجاكرتا، لتقديم الدعم في المناطق التي تتضرر من الكوارث الطبيعية.
وفي أغسطس/آب 2014، أسست دولة الإمارات مكتباً للخدمات القنصلية بجاكرتا ؛ بهدف تقديم خدمات قنصلية إلكترونية متميزة وسريعة، خصوصاً في مجال إرسال العمالة الإندونيسية للدولة، كما تم افتتاح الملحقية العسكرية في أبريل/نيسان 2019.
العلاقات بين البلدين خلال السنوات الأخيرة
شهدت العلاقات بين البلدين نقلة نوعية خلال السنوات الأخيرة مع زيادة الزيارات المتبادلة على مستوى القيادة وكبار المسؤولين في البلدين.
وتوجت تلك القمم والزيارات بتوقيع عشرات الاتفاقيات لتعزيز التعاون بين البلدين على مختلف الأصعدة، كان أبرزها توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة خلال زيارة الرئيس الإندونيسي السابق لدولة الإمارات مطلع يوليو/تموز 2022.
وتؤسس الاتفاقية لمرحلة جديدة ونقطة انطلاق مهمة نحو المزيد من التعاون الاستراتيجي في مختلف القطاعات الحيوية، بما يسخر الإمكانات الكبيرة للبلدين لما فيه مصلحة ورخاء الشعبين الإماراتي والإندونيسي.
وتهدف اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين دولة الإمارات وإندونيسيا إلى تحفيز التجارة البينية بين البلدين من نحو 3 مليارات دولار سنوياً في عام 2021 وصولاً إلى أكثر من 10 مليارات دولار سنوياً في غضون خمسة أعوام من خلال خفض أو إزالة الرسوم الجمركية على مجموعة واسعة من السلع والخدمات، مما يخلق فرصاً جديدة للمصدرين والشركات من الجانبين.
وفيما كانت زيارة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لإندونيسيا في مايو/أيار 1990 نقطة تحول في مسار العلاقات الإماراتية – الإندونيسية، شكلت زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لإندونيسيا في 24 يوليو/تموز 2019 دفعة قوية للعلاقات بين البلدين.
وتم خلال الزيارة توقيع 12 اتفاقية ومذكرة تفاهم بقيمة تتجاوز 9.7 مليار دولار عقب جلسة مباحثات رسمية.
رئيس الإمارات ونظيره الإندونيسي يشهدان إعلان اتفاقيات ومذكرات تفاهم بين البلدين
شهد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، و رئيس جمهورية إندونيسيا، اليوم السبت، إعلان عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين دولة الإمارات وإندونيسيا.
تهدف الاتفاقيات إلى توسيع مجالات التعاون بين القطاعين الحكومي والخاص في البلدين في ظل العلاقات الاستراتيجية التي تجمعهما، وذلك في إطار زيارة دولة يقوم بها الرئيس الإندونيسي إلى دولة الإمارات.
وشملت الاتفاقيات والمذكرات التي أعلنها الجانبان مجالات التكنولوجيا، والطاقة المتجددة، والصحة، والثقافة والسياحة، والتعدين، والبنية التحتية، والتطوير والتحديث الحكومي، بجانب الاستثمارات والشحن الدولي وغيرها من المجالات.
تعاون إنساني وصحي وتعليمي بين الإمارات وإندونيسيا
تعاون صحي
تأتي الزيارة فيما يواصل الطاقم الطبي الإندونيسي إلى جانب نظيره الإماراتي العمل، ضمن عملية "الفارس الشهم 3"، في تقديم الخدمات العلاجية المتنوعة للأشقاء الفلسطينيين من الجرحى في قطاع غزة؛ حيث يعمل الطاقم الطبي من جمهورية إندونيسيا جنبا إلى جنب مع الكوادر الطبية الإماراتية على تقديم الدعم الطبي للجرحى والمصابين من قطاع غزة وتقدم رعاية صحية متكاملة لهم وفق أرقى المعايير العالمية.
وأسهم الطاقم الطبي الإندونيسي منذ انضمامه إلى المستشفى الميداني الإماراتي في قطاع غزة، والمستشفى الإماراتي العائم أغسطس/ آب الماضي، في علاج أكثر من 250 حالة بالإضافة إلى إجراء نحو 180 عملية جراحية.
وجاء انضمام الطاقم الطبي، ترجمة للعلاقات الوطيدة بين دولة الإمارات وجمهورية إندونيسيا، وسعيا لتعزيز الدور الإنساني تجاه الشعب الفلسطيني.
أيضا تأتي الزيارة في وقت تمضي فيه مشاريع التعاون الثقافي والإنساني والتعليمي والصحي قدما بين البلدين.
ويعد "مستشفى الإمارات - إندونيسيا لأمراض القلب" الذي يتم بناؤه حالياً في مدينة سورا كارتا “سولو” جاوا الوسطى أحدث النماذج على التعاون المتنامي بين البلدين في القطاع الصحي والإنساني.
ويعد المستشفى أولى محطات "برنامج مستشفيات الإمارات العالمية" الذي تم إطلاقه يوليو/ تموز الماضي ضمن مبادرة "إرث زايد الإنساني"، بهدف تحسين الرعاية الصحية حول العالم.
ومن المقرر أن يقدم المستشفى خدمات حيوية إلى آلاف المرضى الذين يعانون من أمراض القلب التي تعد سبباً رئيساً للوفيات في إندونيسيا، في ظل ازدياد أمراض القلب والسكتات الدماغية وأعباء هذه الأمراض بشكل كبير، كما يلبي احتياجات السكان الذين يواجهون صعوبة الوصول إلى المنشآت الصحية خاصة في المناطق الريفية والنائية في إندونيسيا.
وتبلغ سعة المستشفى 135 سريراً، ويتميز بمنشآت شاملة تشمل خدمات العيادات الخارجية والداخلية بغرف علاج متخصصة وقسم الطوارئ الحديث، ومن المتوقع أن يضع هذا الصرح الطبي معايير جديدة في رعاية القلب، مما يحسن بشكل كبير نتائج العلاج لمرضى القلب في إندونيسيا.
تعاون أكاديمي وتعليمي
على مدار السنوات القليلة الماضية، شهدت العلاقات في مجال التعليم بين الإمارات وإندونيسيا تطورا ملحوظا.
إحدى المحطات البارزة لهذا التعاون كانت في يوليو/تموز 2019، حينما أعلنت الإمارات إطلاق برنامج تعليمي في إندونيسيا لمدة سنتين، يركز على تدريب قادة المدارس ضمن المجتمعات المهمشة التي تعاني مدارسها من الأداء المتدني.
وبلغت قيمة البرنامج 650 ألف دولار، وحمل عنوان "تحسين جودة التعليم من خلال تدريب قادة المدارس"، وتعزيز أداء كل من المعلمين والطلاب، وتطوير حلول قابلة للتنفيذ على نطاق واسع.
واستفاد من البرنامج أكثر من 10 آلاف طالب و250 معلما، من خلال توفير التدريب على القيادة التنظيمية والإرشادية لـ75 من قادة المدارس، وجرى تنفيذه بالشراكة مع مؤسسة "جلوبال سكول ليدرز".
وجاء البرنامج برعاية مؤسسة "دبي العطاء" ضمن مبادرات الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، في وقت كافحت فيه إندونيسيا لتحسين جودة التعليم بعدما فاقمت الكوارث الطبيعية من صعوبة هذا الوضع.
وفي خطوة أخرى لتعزيز العلاقات الإماراتية - الإندونيسية، جرى وضع حجر الأساس لكلية محمد بن زايد للدراسات المستقبلية في يوجياكارت بجزيرة جاوا، في فبراير/شباط الماضي.
جاء ذلك بالتعاون بين جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية وجامعة نهضة العلماء في إندونيسيا، وضمن جهود جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية لتعزيز فرص التعليم العالي في شتى العلوم.