الولايات المتحدة تتخذ خطوات حازمة عقب تصاعد وتيرة التهديدات النووية
ترتفع التحديات التي تواجه العالم يوم بعد الآخر والتي تفرضها الدول التي تمتلك السلاح النووي، وهو ما يتطلب تعديل استراتيجية الردع النووي في العالم .
هذه التحديات تأتي في عالم متعدد القوى النووية، يتطلب تغييرات وتحديثات في استراتيجية الردع النووي ، لتتماهى مع التطورات على الصعيد العالمي.
وقد ظهرت تلك التحديات خلال الحرب الروسية الأوكرانية والتي قامت روسيا خلالها بتغير عقيدتها النووية والتلويح باستخدام السلاح النووي .
وقد صعد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، من تهديداته النووية، معلنا، يوم الثلاثاء الماضي، توسيع نطاق القوة النووية لتشمل دولا لا تمتلك قدرات نووية، فيما يعد تغييرا على عقيدة موسكو النووية.
وكشف جونسون أن البنتاغون بالشراكة مع الإدارة الوطنية للأمن النووي "اتخذت خطوات لنشر القدرات وتعزيز الردع النووي، والمرونة وتقليل المخاطر على برنامج التحديث النووي".
وأضاف أن هذه الأسلحة تشمل القنبلة النووية (B61-13) والتي يمكن أن تطلق من خلال الطائرات، والاستعداد للغواصات من فئة أوهايو التي تمتلك قدرات نووية.
الدول التي تمتلك السلاح النووي
أعلنت ثماني دول ذات سيادة علنًا عن إجراء تفجير ناجح لأسلحة نووية. منها خمس دول تعتبر من الدول الحائزة للأسلحة النووية بموجب شروط معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية.
حصلت هذه الدول على الأسلحة النووية بالترتيب التالي: الولايات المتحدة وروسيا (الاتحاد السوفيتي سابقًا) والمملكة المتحدة وفرنسا والصين.
ما إن أسست الولايات المتحدة الأمريكية النادي الذري، حتى استبقت إليه الدول المتقدمة. فدخله الاتحاد السوفيتي في سبتمبر 1949 إثر تفجيره قنبلته الذرية الأولى في صحراء سيبيريا. وتلته بريطانيا في أكتوبر عام 1952 بعد نجاحها في تجربة قنبلتها الذرية الأولى في صحراء أستراليا. وأعقبتهما فرنسا في عام 1960 حينما نجحت تجربتها الذرية الأولى في صحراء الجزائر ولحقت بها الصين في أكتوبر 1964، وانضمت إليهم الهند وباكستان بعد ذلك.
ومنذ دخول معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية حيز التنفيذ في عام 1970، أجرت ثلاث دول لم تكن أطرافًا في المعاهدة تجارب نووية علنية وهي الهند وباكستان وكوريا الشمالية. كانت كوريا الشمالية طرفًا في معاهدة حظر الانتشار النووي لكنها انسحبت منها في عام 2003.
الولايات المتحدة تتخذ خطوات للحد من انتشار الأسلحة النووية
وبدأ البنتاغون في إجراء بعض التغييرات، وسلم أخيرا تقريرا حديثا للكونغرس يوضح التحديثات لتعزيز الردع النووي الأميركي لمواجهة التغييرات في الترسانات النووية لخصوم الولايات المتحدة.
والسبب الرئيسي في هذه التغييرات التي طرأت على استراتيجية الردع النووي الأميركية هو أن "روسيا والصين وكوريا الشمالية تعمل على تطوير قدرات نووية جديدة"، على ما يوضح المحلل السياسي والعسكري الأميركي في معهد هدسون .
وكان نائب مساعد وزير الدفاع لشؤون الأسلحة النووية، ريتشارد جونسون قد أكد في حلقة نقاشية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن أننا " نحن الآن في عالم نواجه فيه العديد من المنافسين النوويين، والعديد من الدول التي تعمل على تنمية وتنويع وتحديث ترساناتها النووية"
التهديدات النووية المتنامية
وقال وايتز إن التهديدات النووية التي تتنامى "حقيقية"، إذ ناهيك عن الصاروخ الذي أطلقته روسيا في أوكرانيا ولديه قدرات حمل رؤوس نووية، هناك أيضا تطوير لقدرات تكنولوجية نووية لضرب الأهداف بعيدة المدى.
وأضاف أن "عدد الأسلحة والرؤوس النووية التي تمتلكها الصين ينمو بسرعة"، ولهذا على واشنطن "أن تعدل استراتيجيتها للتعامل مع التهديدات الروسية والصينية".
ولفت وايتز إلى أن التهديدات أيضا ترتبط بكوريا الشمالية التي تواصل زيادة قدراتها النووية، والمساعي الإيرانية لامتلاك السلاح النووي "حتى إن لم تمتلكه الآن"، مجرد زيادة قدرتها النووية قد يشكل خطرا على الأمن والسلم العالميين.
من جانبه قال جونسون إنه "مع تطور البيئة الأمنية، قد تكون هناك حاجة إلى تعديلات على مراجعة الوضع النووي لعام 2022 للحفاظ على القدرة على تحقيق الردع النووي، في ضوء القدرات النووية المحسنة للصين وروسيا والافتقار المحتمل لاتفاقيات الحد من الأسلحة النووية".
العقيدة النووية
من جانبه قال محمد الباشا، المحلل الأمني المتخصص في شؤون الشرق الأوسط في واشنطن، إن التحركات الأخيرة للولايات المتحدة تكشف عن "مراجعة لعقيدتها النووية"، والتي تأتي كخطوة بعد عقود من مساعي دولية لنزع أسلحة الدمار الشامل وكبح الحروب النووية.
ويرجح في حديثه لموقع "الحرة" أن نشهد تنافسا أميركا روسيا على امتلاك اليورانيوم وتخصيبه، أكان للأغراض السلمية أو العسكرية، مشيرا إلى أن موسكو تمتلك حوالي 40 في المئة من صناعة اليورانيوم عالميا.
ويؤكد أن واشنطن تجد نفسها في مواجهة منافسين نوويين يعملون على تحديث ترساناتهم النووية ولا يستبعدون من استخدامها في استراتيجيات أمنهم القومي، لهذا الولايات المتحدة لا تريد خسارة ميزة التقدم في الردع النووي، وهو ما قد يتطلب تعزيزات للترسانة النووية الأميركية، وحتى إجراء مناقلات في القوى العسكرية في مناطق مختلفة أكان في أوروبا أو حتى آسيا.
وأشار جونسون إلى أن الإدارة الوطنية للأمن الوطني ستنتج القنبلة النووية (B61-13) والتي تعتبر نسخة حديثة من القنبلة (B61).
وأوضح خلال حديث له، أنه في الجانب السلمي المدني، تعتمد محطات الطاقة النووية في الولايات المتحدة بشكل كبير على روسيا كمورد لليورانيوم المخصب.
ويشرح أن هذه الاعتمادية جاءت بسبب انخفاض القدرات المحلية الأميركية لتخصيب اليورانيوم بعد الحرب الباردة جراء سياسة تقليص أسلحة الدمار الشامل، إضافة إلى عدم ارتفاع تكلفة الوقود النووي الروسي لانخفاض تكلفته نتيجة الدعم والبرنامج الحكومي "من القنابل إلى الطاقة" بتحويل اليورانيوم المستخدم في الأسلحة الروسية إلى وقود نووي للاستخدام المدني في الولايات المتحدة.
وتابع الباشا أن التوترات الجيوسياسية، خاصة مع الحرب في أوكرانيا، دفعت الولايات المتحدة إلى السعي لتقليل هذا الاعتماد على روسيا من خلال الاستثمار في قدراتها المحلية وتعزيز التعاون مع حلفائها مثل كندا وأستراليا وكازاخستان، وتطوير تقنيات نووية متقدمة تتطلب موارد أقل من اليورانيوم المخصب.