مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

جحيم تحت الأرض .. كيف اكتسب سجن صيدنايا سمعته السيئة في سوريا؟

نشر
الأمصار

سجن صيدنايا هو أحد أكثر السجون العسكرية تحصيناً بسوريا، في عهد نظام حافظ الأسد ومن بعده نجله بشار الأسد، وأطلق عليه لقب "السجن الأحمر" في إشارة لعمليات القتل والتعذيب الدموية التي يقول حقوقيون إنه شهدها.

سجن صيدنايا هو سجنٌ عسكري قرب العاصمة السوريّة دمشق افتُتح سنة 1987، واستخدم لاحتجاز آلاف السجناء من المدنيين أو المعارضين للحكومة أو السجناء السياسيين. 

ويُشار إليه بأنّه أكثر السجون سريّةً وقسوةً، ويقع بالقرب من بلدة صيدنايا على بعد حوالي 30 كيلومترًا شمال دمشق. 

في "سجن صيدنايا".. طلبوا حريتهم فحنّطوا جثثهم بالملح

واعتُبر في البداية مركزًا لاحتجاز العسكريين، ولكن أضيف إليه لاحقا لاحتجاز آلاف السجناء، سواء من المعتقلين المدنيين أو المعارضين للحكومة، فضلاً عن السجناء السياسيين.

 ويُعد هذا السجن أكثر سجون نظام الأسد شهرةً، وهو رمزٌ للتعذيب والاعتداء الجنسي والإعدامات الجماعية. وبعد الاستيلاء عليه في 2024، نشرت هيئة تحرير الشام قائمة بموظفي السجن الهاربين، الذين أصبحوا من بين أكثر الهاربين المطلوبين في سوريا بعد عائلة الأسد.

سراديب سجن صيدنايا فتحت كلها.. ولا أقبية سرية غير مكتشفة

ويقع سجن صيدنايا على بعد 30 كيلومتر (19 ميل) شمال العاصمة السورية دمشق في ريف دمشق. وكان تحت إشراف وزير الدفاع السوري ويديره الأمن العام

سجن صيدنايا 

يتألف السجن من مبنيين ويضم بين 10,000 و20,000 معتقل، وكان يقع تحت مظلة وزارة الدفاع بينما تُديره شرطة الأمن العام. وعادةً ما يقضي المعتقلون شهورًا أو سنوات في الاعتقال في سجون أخرى قبل نقلهم إلى صيدنايا. ولم يبدأ هذا النمط إلا بعد الثورة في 2011. وقد أُدينت وانتُقدت هذه الطريقة دوليًا خصوصًا من قبل منظمة العفو الدولية. تحدثت التقارير عن أن عمليات النقل تتم عادةً بعد محاكمات غير عادلة تُجرى في محكمة عسكريّة سريّة.

انتهاء عمليات البحث في سجن صيدنايا دون العثور على معتقلين إضافيين

حقائق صادمة تتكشف عن سجن صيدنايا

لا زالت الحقائق الصادمة تتكشف عن سجن صيدنايا أحد أكثر السجون العسكرية تحصيناً في عهد حكم الأسد الأب والابن..حيث روى بعض المحررين عن ما كانوا يتعرضون له داخل جدرانه كأسامة البطانية المعتقل هناك منذ 38 سنة وأكدت وزارة الخارجية الأردنية أنه فاقد للذاكرة.

ولا تزال أنباء مقتل معتقلين تحت التعذيب في سجون النظام السوري تتوالى يوما بعد يوم، لاسيما تلك القادمة من سجن صيدنايا الذي باتت تصفه منظمات حقوقية بأنه أخطر معتقل للتعذيب والقتل في البلاد.

سجن صيدنايا.. الدفاع المدنى يفشل فى العثور على أبواب للطوابق الأرضية -  اليوم السابع

قتل وتعذيب داخل صيدنايا

وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن شابا من قرية الغارية الشرقية بريف درعا قد قضى تحت وطأة التعذيب في سجن صيدنايا بعد اعتقال استمر أكثر من عامين.

وأوضح المرصد أن عدد الذين قتلوا في المعتقلات جراء التعذيب أو الظروف الكارثية وغير الصحية للمعتقلات وصل إلى أكثر من 104 آلاف شخص.

وأشار إلى أن  83 بالمئة من الضحايا قد جرى تصفيتهم وقتلهم ومفارقتهم للحياة داخل المعتقلات في الفترة الواقعة ما بين مايو 2013 وأكتوبر من العام 2015.

شهادات سجن صيدنايا.. شقيقة القاضي نايف الرفاعي: لم نعرف أخي حين زرناه وبعد  استشهاده لم يسمح لنا بأخذ عزاؤه - بوابة الشروق - نسخة الموبايل

30 ألف معتقل قد قتلوا في سجن صيدنايا 

ونقل المرصد عن "مصادر موثوقة" أن ما يزيد عن 30 ألف معتقل قد قتلوا في سجن صيدنايا الذي بات يعرف باسم "المسلخ البشري"  ليحتل المرتبة الأولى في هذا المضمار على صعيد معتقلات النظام السوري، متقدما على سجون إدارة المخابرات الجوية.

سمعة سيئة 

واكتسب سجن صيدنايا العسكري سمعة سيئة بسبب استخدام التعذيب والقوة المفرطة إثر أعمال شغب قام بها بعض نزلاء السجن في العام 2008 مما أدى إلى مقتل العشرات منهم.

ويكون سجن صيدنايا العسكري من مبنيين، ويمكن أن يستوعبا فيما بينهما نحو ألفي سجين، ولكنه بعد انطلاقة الاحتجاجات الشعبية في العام 2011 بات يكتظ بعشرات آلاف في ظروف غير إنسانية.

وقالت منظمة العفو الدولية  إنها تحدثت إلى بعض الناجين من سجن صيدنايا العسكري إذ قالوا بأن عمليات الضرب تتم بشكل ممنهج ويومي، ويتعرض السجناء إلى ظروف لا تليق بالبشر، ومعاملة مهينة، إضافة إلى موت سجناء آخرين، ناهيك عن حرمان الكثير منهم من الطعام والماء لمدد طويلة.

حقائق مريبة حول السجن

وقد أطلقت رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا كتابا جديدا بعنوان "سجن صيدنايا خلال الثورة السورية" وثق شهادات مفجعة ومؤلمة لمعتقلين سابقين، إذ ذكر أحدهم أن السجانين كانوا يجبرون بعض المعتقلين على قتل زملائهم الأضعف مقابل الإبقاء على حياتهم، وتقديم بعض الطعام الإضافي لهم

اغتصاب وصعق وسحق".. شهادات عن 72 أسلوب تعذيب في سجون بشار الأسد

وقال أحد مؤسسي رابطة معتقلي سجن صيدنايا، دياب سرية، في تصريحات صحفية سابقة:  "العام الماضي (2019) أخرجنا تقريرا كبير اجداً ويعتبر من أهم التقارير التي خرجت بالإضافة لتقرير منظمة العفو الدولية المسلخ البشري، ويعتبر هذان التقريران أهم تقريرين عن سجن صيدنايا من حيث المنهجية، ونحن الجهة الوحيدة حاليا التي تجمع بيانات عن السجن وتركز على السجن وأهدافنا طويلة الأمد، أهمها  فتح تحقيق لما يحدث هناك وخلق روابط وتعاون وتضامن بين المعتقلين السابقين والناجين من هذا السجن والناجين بين بعضهم، ونحقق تقدما في هذا المجال".

وتابع "ونقدم للناجين خدمات دعم نفسي للناجين من السجن أو أي شخص آخر تعرض للتعذيب بالتعاون مع مركز ضحايا التعذيب في أميركا بالإضافة لبعض الخدمات الصحية".

 وسائل التعذيب في سجن صيدنايا

وقد حدد تقرير سابق لرابطة المعتقلين نحو 20 وسيلة للتعذيب الجسدي في سجن صيدنايا، كان أشهرها الضرب بالعصا، ثم الضرب بالسوط، ثم الدولاب (حشر الجسم داخل إطار سيارة)، ثم الحرمان من الطعام والشراب، والدهس بالأقدام، والصعق الكهربائي.

كما حدد التقرير 24 وسيلة للتعذيب النفسي، من بينها تغطية الأعين، وإهانة المقدسات الدينية، والإيحاء بالإعدام أو القتل، والإهانة اللفظية وشتم الأعراض، والحبس الانفرادي، والتهديد باعتقال الأهل، والتعرية، والحرمان من النوم، والإجبار على مشاهدة شخص آخر يتم تعذيبه.

وتحدث التقرير أيضا عن 8 وسائل للتعذيب الجنسي، من بينها ضرب الأعضاء التناسلية حيث وصلت النسبة في عينة الرابطة إلى 81.4 بالمئة، فيما تعرض ثلث العينة لإيذاء في الأعضاء الجنسية أو المناطق الحساسة من الجسم بطرق أخرى مختلفة.

رويات المحتجزين بسجن صيديانا 

وعن خصوصية معتقل صيديانا العسكري، قالت سيما نصار، الناشطة الحقوقية السورية والمعتقلة السابقة،  مجرد فكرة الدخول إلى ذلك السجن مرعبة لأن المعتقلين يلجأون إليه بعد الانتهاء من كافة مراحل التحقيق التي من المفترض أن تكون تضمنت عمليات تعذيب قاسية.

وأضافت: "وبالتالي فإن أي تعذيب يحدث في ذلك السجن ليس غايته انتزاع اعترافات، ولعل ما هو مرعب في الموضوع أيضا أن هذا السجن يعد مركزا لتنفيذ أحكام إعدام، والمرعب أكثر أن السجناء لا يعرفون أنهم محكوم عليهم بالإعدام أم لا وبالتالي فإنهم يعيشون لحظات الهلع والموت في كل مرة يفتح فيها السجان باب الزنزانة".

وأشارت نصار إلى أن الأشخاص الذين يخضعون لما يسمى "محكمة الميدان العسكرية" لا يعرفون شيئا عن قضاياهم ولا يعلمون بالأساس إذا صدر عليهم أحكام أم لا.

ومن الأمور القاسية التي يعاني منها نزلاء ذلك المعتقل هو الزيارات، فهي مسموحة في أضيق الحدود، وقد يضطر أهالي المعتقل إلى دفع مبالغ طائلة لرؤية أبنائهم، ولكن الصعب فيها، بحسب نصار،  أن المعتقلين الخاضعين لمحكمة الميدان العسكرية وهي محكمة مجحفة واستثنائية، لايستطيع أهاليهم زيارتهم إلى أن يصدر الحكم عليهم.

أشهر آلات التعذيب بالسجن

غرف الملح
كان هناك ما لا يقل عن غرفتين تُعرفان بـ«غرف الملح» في سجن صيدنايا حيثُ افتتحت أولاهما في وقت مبكر من عام 2013. كانت إحداهما، الواقعة في الطابق الأول من «المبنى الأحمر»، غرفة مستطيلة مساحتها 20×26 قدمًا. أما الأخرى، فكانت مساحتها 13×16.5 قدمًا ولا تحتوي على مرحاض. كانت الغرف تحتوي على طبقة من الملح، وهو عادة ما يُستخدم لإذابة الجليد على الطرق.

تحوي جثثاً كأنها مومياءات.. شهادات عن "غرف الملح" في سجن صيدنايا

 وكانت تُستخدم كمشارح لحفظ جثث الموتى في ظل غياب ثلاجات التبريد. عندما يموت معتقل في صيدنايا، تُترك جثته داخل الزنزانة مع باقي السجناء لمدة تتراوح بين يومين إلى خمسة أيام قبل أن تُنقل إلى غرفة الملح. وكان الملح الصخري المستخدم في صيدنايا يأتي من سبخة الجبول في محافظة حلب.

أعمار ضاعت لمجرد وشاية.. "فنون" التعذيب في سجون الأسد تصدم العالم |  التلفزيون العربي

مكبس آلي
تُوجد آلة مكبس آلي في السجن، حيثُ أظهرت مقاطع الفيديو المكبس في غرفة الإعدام. وتعددت الروايات حول استخدامه؛ إذ قيل إنه كان يُستخدم للتخلص من جثث المعتقلين بعد إعدامهم شنقًا، بينما افترض البعض أنه ربما استُخدم لإعدام السجناء وهم أحياء، في حين أشار آخرون إلى أنه كان مجرد مصعد آلي لنقل الجثث بعد تنفيذ الإعدام.