رصاص وهواجس.. صدى كلمات مفتي إخواني ليبيا
غداة كلمة لمفتي تنظيم الإخوان في ليبيا صادق الغرياني، دوى الرصاص كرجع صدى لتصريحات أثارت هواجس حول نوايا مليشيات "الساحل الغربي".
ففي رسالة للغرياني، دعا مفتي الإخوان قادة المليشيات التي وصفهم بـ"الكتائب والفصائل المسلحة في بلادنا"، إلى التدريب ليحققوا ما أقاموا له الثورة في المرة الأولى وليحكموا البلاد.
وكان الغرياني يوجه كلمته للتعليق على التطورات السياسية في سوريا.
لكن على خلاف الشعارات التي ترفعها الإدارة الجديدة في سوريا، رفض الغرياني أي دعوات للصلح بين الليبيين، مدعيا أن "دعوات المصالحة" لا تزيد خصوم الجماعة إلا "طغيانا" على حد وصفه.
وبكلمات الغرياني بلغت وتيرة التهديدات الإخوانية منسوبا جديدا يثير القلق بشأن نوايا الجماعة والمليشيات المسلحة الموالية لها في غرب البلاد.
وعلى وقع التصريحات المثيرة للجدل أعلنت "المنطقة العسكرية بالساحل الغربي" تنفيذ عملية عسكرية بزعم مكافحة الجريمة في مدينة الزاوية.
وشملت العملية ضربات بالطيران المسير لاستهداف زوارق كما داهم مسلحو المليشيات عدة مواقع، ويقول مراقبون إن المواقع المستهدفة على صلة بقوات موالية للمنطقة الشرقية.
سياسية أم أمنية؟
وأكدت مصادر ليبية أن العملية لها بعد سياسي واضح، تحت غطاء مكافحة الجريمة، لمطاردة المكونات العسكرية الموالية للحكومة الشرعية في الشرق.
وأشارت المصادر إلى أنه لا يمكن الحديث عن رغبة في مواجهة الجريمة فيما يشارك في العملية العسكرية تجار مخدرات، وعلى رأسهم قادة مليشيات الكابوات والشيوات المعروفين المتورطين في عمليات الاتجار بها إلى جانب نشاطهم في تهريب البشر، والوقود.
في المقابل، نفى قائد المنطقة العسكرية بالساحل الغربي في ليبيا صلاح النمروش وجود أي أهداف سياسية وراء العمليات العسكرية الحالية في مدينة الزاوية، وقال إن العملية أمنية لضرب أوكار الإجرام، مشيرا إلى أن الوضع في المنطقة لم يعد يُحتمل بسبب تفشي التجاوزات وأوكار الظلام والمخدرات.
توترات عسكرية
وتعرف مدينة الزاوية في ليبيا من وقت لآخر اشتباكات مليشياوية كبرى، آخرها أواخر ديسمبر/كانون الأول الماضي والتي تسببت في فرض حالة القوة القاهرة والطوارئ من الدرجة الثالثة (القصوى) في مصفاة الزاوية لتكرير النفط، ثاني أكبر مصافي للنفط في ليبيا بعد مصفاة رأس لانوف.
وتشهد العاصمة طرابلس تحركات عسكرية متزايدة وتحشيدات ضخمة لأسباب مجهولة تشير إلى احتمالية اندلاع مواجهات بين الأطراف المسلحة، لا سيما في ظل الخلافات المتصاعدة بين قيادات التشكيلات المسلحة والحكومة.
وتعيش المنطقة الغربية حالة من الفوضى الأمنية مع انتشار المليشيات الخارجة عن سيطرة الدولة، وسط انتشار ملحوظ للجريمة، والاغتيالات، والاختطاف، والاحتجاز خارج القانون، وظاهرة الإفلات من العقاب، إذ تستقوي هذه المليشيات بسلاحها وبقيادات منها وصلت إلى مناصب كبيرة في المؤسسات.
ونجم عن انتشار المليشيات وإغراء الكثيرين للانضمام إليها في ظل غياب القانون، انتشار فوضى انتشار السلاح كذلك، إذ تنتشر أكثر من 29 مليون قطعة سلاح خارج سيطرة الدولة.
معضلة المليشيات
وشهدت ليبيا انتشار ظاهرة المليشيات المسلحة التي اقتنصت السيطرة على العديد من المؤسسات الرسمية، عقب سقوط نظام حكم الرئيس معمر القذافي عام 2011.
وانحسرت هذه الظاهرة عن شرق ليبيا بالمعارك التي خاضها الجيش الليبي ضدها منذ عام 2014، وتمركزت في غرب ليبيا، إذ وجدت دعما من كيانات سياسية محلية ومن بعض الدول.
وتحاول الأمم المتحدة من خلال بعثتها للدعم في ليبيا منذ عام 2014، على حل أزمة المليشيات، خاصة من خلال الاتفاق السياسي واتفاق وقف إطلاق النار واجتماعات اللجنة العسكرية الليبية المشتركة 5+5، والتي تعمل على حل المليشيات ونزع سلاحها وإخراجها من المدن.