مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

مستقبل العلاقات الصينية السورية عقب سقوط نظام الأسد

نشر
الأمصار

تمثل العلاقات الصينية السورية عقب سقوط نظام الرئيس بشار الأسد ملفًا معقدًا يتأثر بعوامل سياسية واقتصادية وإقليمية ودولية. 

 

 

وباعتبار الصين قوة عالمية صاعدة، تنظر إلى سوريا من منظور استراتيجي يرتبط بتوازن القوى في الشرق الأوسط، وتأثير ذلك على مبادرتها "الحزام والطريق"، بالإضافة إلى مصالحها الاقتصادية والسياسية على المدى البعيد.

نحن والعالم عدد 12 ديسمبر 2024 - المعهد المصري للدراسات

العلاقات الصينية السورية خلال حكم الأسد

خلال فترة حكم بشار الأسد، حافظت الصين على علاقات ودية مع الحكومة السورية، حيث ركزت بكين على الحفاظ على الاستقرار الإقليمي ومحاربة الإرهاب، كما دعمت النظام في مجلس الأمن باستخدام حق النقض (الفيتو) لعرقلة قرارات تهدف إلى تغيير النظام بالقوة. 

هذا الدعم يأتي من قناعة الصين بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وهي سياسة تتبعها الصين منذ عقود لتجنب أن تكون سابقة تؤثر على أوضاعها الداخلية.

هل يؤثر توسع المعارضة السورية على إستراتيجية الصين بالمنطقة؟ | سياسة |  الجزيرة نت

اقتصاديًا، لم تكن العلاقات التجارية بين البلدين ذات وزن كبير، لكنها اتخذت طابعًا استراتيجيًا. قبل الحرب، كانت الشركات الصينية حاضرة في قطاعات الطاقة والبنية التحتية في سوريا، وهو ما يؤكد اهتمام بكين باستغلال الموارد الطبيعية السورية، وخاصة النفط والغاز.

تحديات سقوط نظام الأسد على المصالح الصينية

الفراغ السياسي والأمني: حيث سقوط النظام السوري أدى إلى حالة من عدم الاستقرار في البلاد، مما هدد مصالح الصين الاقتصادية ومشاريعها الاستثمارية المستقبلية.

و الصين عادة ما تتجنب التورط في النزاعات الداخلية للدول، لكنها قد تجد نفسها مضطرة لإعادة تقييم استراتيجيتها في التعامل مع الفصائل الجديدة التي قد تتولى السلطة.

صعود قوى منافسة: وقد برزت قوى سياسية جديدة ، مما يضع الصين أمام تحديات تتعلق بالحفاظ على نفوذها في سوريا، خاصة إذا ما تبنت الحكومة الجديدة سياسات تتعارض مع مصالح الصين أو اتجهت نحو محاور غربية.

التدخلات الإقليمية والدولية: قد يتسبب سقوط النظام في زيادة تدخل القوى الإقليمية مثل تركيا وإيران أو الدولية مثل الولايات المتحدة وروسيا، مما يزيد من تعقيد الوضع ويضع الصين في موقف يتطلب منها اتخاذ مواقف أكثر وضوحًا لحماية مصالحها.

فرص الصين في سوريا ما بعد الأسد

إعادة الإعمار: تُعد إعادة إعمار سوريا فرصة اقتصادية ضخمة يمكن للصين أن تلعب دورًا رئيسيًا فيها، خاصة أن بكين تمتلك خبرة واسعة في تنفيذ مشاريع البنية التحتية في المناطق المتأثرة بالنزاعات. الشركات الصينية قد تكون لاعبًا رئيسيًا في هذا المجال، خصوصًا في ظل ضعف الاقتصاد السوري واعتماد الحكومة المستقبلية على دعم خارجي.

تعزيز مبادرة الحزام والطريق: سوريا تقع في موقع استراتيجي على طريق مبادرة الحزام والطريق التي تسعى الصين من خلالها إلى تعزيز التجارة الدولية.

و النظام الجديد في سوريا قد يكون مهتمًا بجذب الاستثمارات الصينية لتعزيز اقتصاده، مما يفتح الباب أمام الصين لتعزيز وجودها في المنطقة.

التحالفات الدبلوماسية: يمكن للصين أن تستغل سقوط الأسد لإعادة صياغة علاقاتها مع اللاعبين الجدد في سوريا، بما يضمن الحفاظ على نفوذها السياسي. الصين قد تسعى إلى إقامة علاقات مع جميع الأطراف السياسية السورية لضمان دورها كوسيط محايد ومؤثر.

طالب الطب» الذي أصبح الرجل الأول في سوريا.. أحمد الشرع بين الإرهاب وكرسي  الحكم

استراتيجية الصين المستقبلية

الدبلوماسية المرنة، وستتبنى الصين نهجًا دبلوماسيًا مرنًا يقوم على التواصل مع جميع الأطراف في سوريا، بما في ذلك الفصائل السياسية الجديدة والقوى الإقليمية والدولية المتورطة في النزاع. هذا النهج يهدف إلى الحفاظ على مصالحها دون الانحياز لطرف معين.

الاستثمار طويل الأمد، وقد تستثمر الصين في القطاعات الحيوية مثل الطاقة والبنية التحتية والصناعات التحويلية، مما يعزز دورها كلاعب اقتصادي رئيسي في سوريا. الاستثمارات الصينية ستكون مدروسة لضمان استدامتها في ظل حالة عدم الاستقرار المحتملة.

وفي سياق التعاون الأمني، ستسعى الصين إلى التعاون مع الحكومة السورية الجديدة في مجالات مكافحة الإرهاب والتطرف، خاصة أن أي انتشار لهذه الظواهر قد يؤثر على استقرار منطقة شينجيانغ الصينية.

وبالرغم  من الفرص، تواجه الصين تحديات كبيرة في سوريا ما بعد الأسد، أولها المنافسة مع القوى الغربية التي قد تسعى إلى تعزيز نفوذها على حساب الصين. 

ثانيًا، عدم استقرار الأوضاع الأمنية قد يحد من قدرة بكين على تنفيذ مشاريعها، وأخيرًا التوترات الإقليمية قد تفرض على الصين اتخاذ مواقف أكثر حدة، وهو ما يتعارض مع سياستها التقليدية القائمة على الحياد.