17 قتيلاً واحتجاجات ضد تقدم إم 23 بكينشاسا.. ماذا يحدث في الكونغو؟
شهدت مدينة غوما، عاصمة إقليم شمال كيفو في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، ليلة دامية تسببت في وقوع مذبحة جديدة على يد متمردي جماعة "إم 23".
دخل المتمردون عدة أحياء في المدينة، ما أسفر عن مقتل 17 شخصًا على الأقل وإصابة أكثر من 370 آخرين، وفقًا للبيانات الواردة من مستشفيات المنطقة.
وكان الوضع في غوما قد تحول إلى ساحة حرب حقيقية حيث انتشرت الجثث في الشوارع، مما دفع المستشفيات إلى إصدار نداءات عاجلة للحصول على المزيد من المساعدات الطبية.
الأوضاع الإنسانية والضغط على المستشفيات
أكدت الأمم المتحدة في مؤتمر صحفي اليوم الثلاثاء أن المستشفيات في غوما تعاني من اكتظاظ غير مسبوق بالجرحى والمصابين، مع استمرار التدفق الهائل للضحايا.
العديد من الجثث تنتشر في الشوارع المحيطة بالمستشفيات، في مشهد مروع يعكس حجم الصراع الدائر.
بينما أضاف مسؤولون من الوكالات الإنسانية أن الوضع الأمني المتدهور قد أدى إلى تعليق عمليات توزيع المساعدات الإنسانية، خصوصًا المساعدات الغذائية الأساسية، مما يزيد من معاناة السكان المدنيين الذين يعيشون تحت وطأة الهجوم المستمر.
التقدم الميداني لـ "إم 23":
جماعة "إم 23"، التي تتكون في معظمها من مقاتلين من إثنية التوتسي، واصلت تقدمها باتجاه غوما.
وهذه الجماعة التي نشأت في 2012، واستهدفت السيطرة على مناطق غنية بالموارد المعدنية في شرق الكونغو، تتقدم الآن باتجاه الأحياء الأكثر حيوية في غوما.
وقد نجحت في الاستيلاء على عدة مواقع استراتيجية داخل المدينة، ما يزيد من تعقيد الوضع الأمني والإنساني.
الأمم المتحدة حذرت من أن المتمردين قد يواصلون توسعهم في المنطقة، مما يزيد من تعقيد الجهود الإنسانية الدولية.
وفيما تستمر الاشتباكات العنيفة، تواجه القوات الحكومية صعوبة بالغة في مقاومة التقدم السريع للمتمردين الذين يواصلون استخدام الأسلحة الثقيلة في الهجمات.
الاحتجاجات في كينشاسا ورفض المجتمع الدولي
في وقتٍ لاحق، شهدت العاصمة كينشاسا مظاهرات غاضبة ضد تقدم "إم 23" في غوما. شارك في الاحتجاجات الآلاف من المواطنين الكونغوليين الذين حملوا لافتات تدين التدخلات الأجنبية والدعم المزعوم من بعض الدول المجاورة للمتمردين، مثل رواندا.
كما تخلل الاحتجاجات هجمات على السفارات الأجنبية، مما أضاف مزيدًا من التوتر إلى الموقف.
في المقابل، دعا مجلس الأمن الدولي الأمم المتحدة إلى اتخاذ تدابير عاجلة لوقف القتال في المنطقة وحماية المدنيين.
كما شدد على ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المتضررين.
المجتمع الدولي أعرب عن قلقه البالغ من تنامي تأثير "إم 23"، خاصة مع استيلائهم على مواقع استراتيجية مثل مطار غوما، الذي يعد شريانًا حيويًا لعملية الإغاثة الإنسانية.
الرد الإقليمي والدولي على الأزمة
ومن المقرر أن تعقد قمة استثنائية لمجموعة دول شرق أفريقيا (إيجاد) غدًا الأربعاء لمناقشة سبل إنهاء الصراع الدامي في شرق الكونغو الديمقراطية.
المجتمع الدولي، بما في ذلك الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، طالب "إم 23" بوقف الهجمات فورًا وإلقاء السلاح، محذرين من التصعيد العسكري الذي قد يؤدي إلى كارثة إنسانية أكبر.
وفي الوقت ذاته، أعلن الاتحاد الأفريقي عن إجراء اجتماعات طارئة لبحث حلول سلمية لهذا النزاع المستمر.
بينما طالب خبراء دوليون بزيادة الضغط على الأطراف المتورطة، وخاصة الدول المجاورة مثل رواندا، التي يُشتبه في دعمها للمتمردين.
خلفية عن حركة "إم 23"
حركة "إم 23" هي جماعة متمردة تم تشكيلها في عام 2012 من قبل ضباط سابقين في الجيش الكونغولي، مدعومين من إثنية التوتسي.
ونشأت هذه الحركة في أعقاب انهيار اتفاقات السلام السابقة بين الحكومة والمتمردين، حيث اتهمت الحكومة الكونغولية في البداية رواندا بدعم "إم 23".
وقد هزمت هذه الحركة في 2013، لكنها استعادت قوتها منذ عام 2021 وأصبحت تشكل تهديدًا خطيرًا على الأمن الإقليمي.
التداعيات الإنسانية الكارثية
الوضع الإنساني في غوما يتدهور بسرعة، حيث يعاني السكان المدنيون من انقطاع كامل للخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه، بينما تدمرت البنية التحتية في أجزاء كبيرة من المدينة.
منظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة حذرتا من تفشي الأمراض المعدية نتيجة للازدحام والتلوث الناجم عن القتال المستمر.
وقد تسببت العمليات العسكرية في نزوح جماعي للسكان المحليين نحو مناطق أكثر أمانًا داخل الكونغو أو عبر الحدود إلى الدول المجاورة.
مع تزايد حدة العنف في غوما والمناطق المحيطة بها، يبقى الأمل في استعادة الاستقرار في الكونغو مشروطًا بتحقيق وقف إطلاق النار والتوصل إلى حل سياسي شامل.
الدعوات الدولية تتزايد من أجل الضغط على الأطراف المتحاربة لإنهاء التصعيد والجلوس إلى طاولة المفاوضات، بينما يبقى الوضع في شرق الكونغو أحد أكبر التحديات الإنسانية والسياسية في القارة الإفريقية.
أزمة غوما التي نشبت إثر هجوم جماعة "إم 23" قد أصبحت واحدة من أكثر الأزمات تعقيدًا في شرق الكونغو، مع تصاعد العنف والاحتجاجات الداخلية ضد الأوضاع الميدانية.
المساعدات الإنسانية تواجه صعوبة بالغة في الوصول إلى المتضررين، وسط تنامي القلق الدولي من تصاعد العنف.