رمضان في الإمارات.. تقاليد أصيلة تتوارثها الأجيال

العادات الرمضانية في الإمارات، لم يطرأ عليها تغيير تقريباً منذ أجيال، فكما كان الأمر سابقاً تبدأ الاستعدادات قبل أيام من الشهر الفضيل بتحضير مستلزماته، وتجهيز المجالس لاجتماع العائلة والجيران، ثم شراء وتجهيز «المير»، وهي عادة إماراتية أصيلة، تقدم فيها الهدايا للأهالي والأصدقاء، كنوع من صلة الرحم.
لذا فإن المجتمع الإماراتي من أكثر المجتمعات تمسكاً بعاداته وتقاليده، وأكثر حرصاً على الحفاظ على تراثه وهويته الوطنية، وهو ما يظهر جلياً فيما يخص تلك العادات المرتبطة بشهر رمضان.
ورمضان في التراث الشعبي الإماراتي، لا تختلف مظاهره كثيراً عن الحاضر؛ فهي نفسها مظاهر فرح الصغار والتكافل الاجتماعي وصلة الأرحام، تعيدنا جميعها للعيش في أجواء الماضي، بدفئه وتسامحه وأصالته، ولا تزال عادة التزاور، بين الأهل والجيران، من أبرز العادات الباقية حتى اليوم.
في شهر رمضان المبارك، تتجلى عادات وتقاليد رمضان في الإمارات بأبهى صورها، حيث تعكس الثقافة الغنية والتراث العريق لهذه الأرض. يجتمع الناس على الإفطار والسحور في أجواء تسودها المحبة والتآلف، معززين بذلك الروابط الاجتماعية والعائلية.
زينة رمضان في الإمارات

تتباهى الإمارات بتقاليدها الغنية في استقبال شهر رمضان المبارك، حيث تتحول المدن والأحياء إلى لوحات فنية رائعة من خلال الزينة الرمضانية التي تُضيء الشوارع والميادين. من العادات الجميلة في الإمارات، تزيين الأماكن العامة والخاصة بفوانيس رمضان البراقة، النجوم المتلألئة، الهلال الساطع، ورموز رمضانية أخرى تجسد جوهر هذا الشهر الكريم.
كما يعكف الأهالي على إضفاء لمساتهم الشخصية على منازلهم، مزينين البيوت بمصابيح ملونة وزينة تنبض بروح رمضان، مما يعزز من الأجواء الاحتفالية ويجسد الحماس والترقب للشهر الفضيل. الشرفات، النوافذ، والأبواب تتحول إلى معرض لعرض الإبداعات الرمضانية، حيث تتنافس العائلات في ابتكار أجمل الديكورات التي تبرز الهوية الثقافية والروحانية للإمارات.
يمكن للمقيمين والزوار على حد سواء الاستمتاع بجمال هذه الزينة والإضاءات المتنوعة، التي تعد دليلًا على الجهود المبذولة لجعل رمضان موسمًا مميزًا يجمع بين العبادة والاحتفال. مع هذه الزينة، تنتشر أيضًا أسواق خاصة توفر كل ما يحتاجه السكان لتزيين منازلهم وتحضيرها لاستقبال هذا الشهر الفضيل، من فوانيس وزينة وأقمشة تقليدية وغيرها من العناصر التي تضيف إلى جمال ورونق رمضان في الإمارات.
وجبات الإفطار والسحور في الإمارات

تجمعات الأسرة على مائدة الإفطار والسحور في شهر رمضان تُعدّ من أكثر اللحظات تميزًا في الثقافة الإماراتية، حيث تفوح رائحة الأطباق التقليدية التي تعبر عن عراقة الطهي الإماراتي وتنوعه. من المأكولات الضرورية التي تزين مائدة كل أسرة إماراتية نجد التمر الغني بالطاقة، السمبوسك بحشواته المتنوعة، الهريس بمذاقه الدافئ والغني، والبرياني المعطر بالتوابل الشرقية. إلى جانب ذلك، يُقدَّم المجبوس الشهي، واللقيمات الذهبية المغطاة بالشيرة، وعصير الفيمتو البارد، ولا يُمكن نسيان القهوة العربية التي تُقدم كضيافة ضرورية تعكس كرم الضيافة الإماراتية.
سواء كنت تفضل الاحتفال بالإفطار أو السحور في داخل البيت بين أحضان الأسرة، أو الاستمتاع بهذه الوجبات في أجواء المطاعم الرمضانية المتنوعة، فإن الإمارات تُقدم خيارات لا تُعد ولا تُحصى للتمتع بأشهى الأطباق الرمضانية التي تعكس تنوع المطبخ الإماراتي وغناه. المطاعم في دبي وبقية الإمارات تتنافس لتقديم أفضل العروض الرمضانية التي تجمع بين الطعم الأصيل والتجربة الفريدة، مما يجعل من تناول وجبات رمضان في الإمارات تجربة لا تُنسى تنبض بالحياة وتحتفي بالتقاليد الرمضانية العريقة.
صلاة التراويح في الإمارات

في الإمارات ومعظم الدول الإسلامية، تعد صلاة التراويح من العبادات المحورية التي يتشوق لها المسلمون كل عام في رمضان، فهي تضفي عمقًا روحيًا وشعورًا بالسكينة والطمأنينة على النفوس. يحرص الرجال والنساء على أداء هذه الصلاة بجماعة بعد صلاة العشاء، مستغلين فرصة الشهر الفضيل لتعزيز روابطهم الروحية والاجتماعية. العشر الأواخر من رمضان تكتسب أهمية خاصة، حيث يطيل العديد من المؤمنين قيامهم بالليل في المساجد، متلهفين لإحياء ليلة القدر، الليلة التي يؤمنون بأنها تحمل قدرًا عظيمًا وبركاتٍ لا حصر لها، فهي الليلة التي اختارها الله لإنزال القرآن الكريم على قلب نبيه محمد صلى الله عليه وسلم. هذه العادة الروحانية لا تقتصر فقط على تعزيز الإيمان والتقرب إلى الله، بل تسهم أيضًا في توطيد العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع، مشكلةً بذلك جزءًا لا يتجزأ من النسيج الثقافي والديني في دولة الإمارات.