تاريخ ممتد لقرون.. أبرز الحروب التجارية عبر التاريخ

خلال عام 2018 شن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، حربه التجارية الأولى مع العالم عام حيث شملت معارك متعددة مع الصين وكذلك حلفاء أميركا.
وتثير الحرب التجارية -التي بدأها الرئيس الأميركي دونالد ترامب فور توليه السلطة مع عدد من أبرز الاقتصاديات في العالم مثل الصين والاتحاد الأوروبي وكندا والمكسيك- العديد من التساؤلات حول دوافع الحروب التجارية وأهدافها والمنتصرين والخاسرين بها عبر التاريخ.
ومن المرجح أن تؤدي التعريفات الجمركية، التي فرضها ترامب على العديد من القوى العظمى، إلى تقويض النظام الاقتصادي العالمي ونفوذ القوة الناعمة الأميركية في جميع أنحاء العالم وفقا للبروفيسور ساشا دومينيك باخمان والدكتور ناوايز ماكدونا في مقالة مشتركة لهما نشرها المعهد الأسترالي للشؤون الدولية.

الحرب التجارية
الحرب التجارية هي صراع اقتصادي بين دولتين أو أكثر، حيث تقوم كل دولة بفرض قيود تجارية مثل الرسوم الجمركية أو الحصص أو الحظر على واردات الدولة الأخرى بهدف حماية اقتصادها المحلي أو تحقيق مكاسب سياسية.
وتبدأ الحروب التجارية غالبا عندما تعتقد حكومة دولة ما أن دولة أخرى تتبع ممارسات تجارية غير عادلة تضر بأسواق الدولة الأولى، وفي محاولة لحماية صناعتها المحلية أو إيجاد فرص العمل.
قد تفرض الدولة حاجزًا تجاريًا، مثل فرض تعريفات جمركية على منتج رئيسي مستورد من الدولة الأخرى، وقد ترد الدولة الأخرى، وتتصاعد هذه المعركة المتبادلة إلى حرب تجارية وفقا لمنصة "سي إف آي".

أبرز الحروب التجارية في التاريخ
حرب الشاي 1773
وتمثلت الحرب بين طرفين وهما المستعمرون الأميركيون وبريطانيا العظمى.
أدوات الحرب: الشاي.
الضرائب بلا تمثيل" (Taxation without representation) كانت هذه صرخة التجمع الأميركي في 16 ديسمبر/كانون الأول 1773، في رصيف جريفين في بوسطن، عندما شن المستعمرون الأميركيون احتجاجا سياسيا على الضرائب التي فرضتها بريطانيا العظمى، بما في ذلك قانون الطوابع لعام 1765 وقوانين تاونسند لعام 1767 التي فرضت ضرائب على كل شيء من الصحف وأوراق اللعب إلى الطلاء والزجاج، وحتى الشاي.
وفي أعقاب مذبحة بوسطن عام 1770 (عندما أطلق جنود بريطانيون النار على بعض الأميركيين وقتلوا 5 منهم) ألغت بريطانيا كل هذه الضرائب باستثناء ضريبة الشاي، مما أدى إلى مقاطعة المستعمرات الأميركية لشركة الهند الشرقية البريطانية وتهريب الشاي.
وفي ليلة "حفل الشاي" الذي نظمته جماعة أبناء الحرية (التي ضمت جون هانكوك وجون آدامز وبول ريفير بين أعضائها) ذكرت التقارير أن 116 رجلا أميركيا ألقوا في البحر 342 صندوقا من الشاي أي نحو 92 ألف رطل من الشاي تقدر قيمتها بنحو مليون دولار وفقاً لمعايير اليوم.
حرب التعريفات الجمركية الأمريكية في ثلاثينيات القرن الـ20
حرب التعريفات الجمركية الأمريكية في ثلاثينيات القرن الـ20 (قانون سموت-هاولي) وقد بدأت بالتحديد عام 1930 .
وكانت تلك الحرب الجمركية بين كلاً من الولايات المتحدة ضد عدة دول أوروبية وكندا، حيث كان من أسبابها محاولة لحماية الصناعات الأمريكية خلال فترة الكساد الكبير.
وكان من أبرز إجراءات هذه الحرب فرض تعريفات جمركية مرتفعة على أكثر من 20,000 منتج مستورد، وقد ردت الدول الأخرى بتعريفات مضادة مما زاد من عمق الكساد الاقتصادي العالمي.
الحرب التجارية الأمريكية اليابانية (الثمانينات)
وقد بدأت تلك الحرب خلال عامي 1980–1990، وكانت بين كلاً من الولايات المتحدة واليابان، وكان السبب المعلن حول هذه الحرب، العجز التجاري الأمريكي أمام الصادرات اليابانية، خصوصًا في صناعة السيارات والإلكترونيات.
وبرزت نتائج تلك الحرب في فرضت أمريكا قيودًا على واردات السيارات اليابانية، وأدت المفاوضات إلى اتفاقات طوعية للحد من الصادرات اليابانية.
الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين (2018–2020)
بدأت هذه المرحلة مع تولي الرئس دونالد ترامب فترة رئاسته الأولى، وكانت بين الولايات المتحدة والصين .
ويعود سبب هذه الحرب اتهامات متبادلة بسرقة الملكية الفكرية، وعجز تجاري ضخم لصالح الصين، وقامت فرض تعريفات جمركية بمئات المليارات على واردات كل طرف.
وكان من أبرز نتائجهذه الحرب تراجع النمو الاقتصادي العالمي، و تغيير في سلاسل الإمداد، فضلاً عن قيام بعض الشركات بمغادرة الصين.
وانتهت باتفاق "المرحلة الأولى" في 2020 لتخفيف النزاع.

الأسباب الشائعة للحروب التجارية
حماية الصناعات المحلية.
تصحيح اختلال الميزان التجاري.
الرد على ممارسات تجارية غير عادلة (مثل الدعم أو الإغراق).
أهداف سياسية أو أمنية.
آثار الحروب التجارية على الاقتصاد
تُقسّم تأثيرات الحروب التجارية على الاقتصاد إلى تأثيرات قصيرة الأمد وأخرى طويلة الأمد. وفي الأمد القريب، يؤدي فرض الحواجز التجارية عموما إلى تحقيق هدف حماية الشركات المحلية وفق منصة "سي إف آي".
لكن في حالة اندلاع حرب تجارية، فإن الدولة الأخرى ترد بفرض سياساتها الحمائية الخاصة، وما يحدث في كثير من الأحيان أن الشركات المحلية التي تحظى بالحماية قد تستفيد من السياسات الموضوعة، ولكن العديد من الشركات الأخرى تنتهي إلى المعاناة لأن الدولة الأجنبية سوف تفرض حواجز على السلع الأخرى.

ويتفق خبراء الاقتصاد عموما على أن الحروب التجارية تضر بالاقتصاد على المدى الطويل، وتؤدي إلى تباطؤ الناتج المحلي الإجمالي، وتجعل الدولة أقل قدرة على المنافسة في السوق الدولية بشكل عام.
والفكرة وراء هذا هي مفهوم الميزة النسبية، فعندما تزيد الحكومة من تكلفة استيراد المنتجات، تنتقل بعض هذه التكاليف المرتفعة إلى المستهلك.

وحتى لو واجهت الصناعات المحلية الخاضعة للحماية قدرا أقل من المنافسة، فإنها لا تنتج بتكلفة أقل مما كانت عليه قبل تطبيق سياسة الحماية.
وتؤدي هذه الكلفة المرتفعة بشكل غير فعال بالنسبة لمستهلكي المنتج إلى انخفاض الاستهلاك، وتباطؤ الاقتصاد بشكل عام. وفي الأمد البعيد، قد يؤدي هذا في الواقع إلى انخفاض عدد الوظائف التي يتم إنشاؤها بالمجمل وفقا للمصدر السابق.