البديوي: 6 مليارات دولار استثمارات دول الخليج في الهند بمشاريع متنوعة
أكد جاسم محمد البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، أن انعقاد الاجتماع الوزاري الأول للحوار الاستراتيجي بين مجلس التعاون وجمهورية الهند يعكس الرغبة الصادقة والمشتركة في تعزيز العلاقات بين الجانبين، وتطويرها بما يخدم مصالح شعوبنا ويعزز الاستقرار والازدهار في المنطقة.
جاء ذلك خلال الاجتماع الوزاري الأول المشترك للحوار الاستراتيجي بين مجلس التعاون وجمهورية الهند، اليوم الاثنين، برئاسة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية لدولة قطر -رئيس الدورة الحالية للمجلس الوزاري، وبمشاركة وزراء الخارجية بدول مجلس التعاون، وحضور سوبراهمانيام جايشانكر، وزير خارجية جمهورية الهند.
وقال البديوي، خلال الكلمة التي ألقاها في الاجتماع، بحسب بيان للأمانة العامة لمجلس التعاون، إن التعاون الاقتصادي يمثل محوراً مهماً
حجم التبادل التجاري
في العلاقات الثنائية، حيث يشكل الأساس الذي تقوم عليه العلاقات التجارية والاستثمارية، إذ بلغ حجم التبادل التجاري بين دول مجلس التعاون والهند في عام 2022 نحو 174 مليار دولار أمريكي، أي نحو 11% من اجمالي حجم التبادل التجاري السلعي لمجلس التعاون، ما يعكس الأهمية الكبيرة لهذا التعاون.
وكشف البديوي، أن التعاون في مجال التجارة الذي بلغت فيه صادرات دول المجلس ما قيمته نحو 91 مليار دولار، في حين بلغت الواردات ما قيمته 83 مليار دولار، ما يعزز التكامل الاقتصادي بين دول الخليج والهند ويوفر فرصاً للنمو والتوسع في الأسواق، بالإضافة إلى أنها بلغت استثمارات دول مجلس التعاون في الهند نحو 6 مليارات دولار في مشاريع متنوعة.
وتابع: "هذه الاستثمارات تعكس الثقة المتبادلة والفرص الواعدة التي توفرها الأسواق في كلا الجانبين، من خلال تعزيز الاستثمارات المشتركة، يمكننا تحقيق فوائد اقتصادية كبيرة، بما في ذلك خلق فرص العمل وتعزيز النمو الاقتصادي، وكذلك البترول والغاز".
ونوه الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، بأن هناك فرص كبيرة للاستثمار المشترك في مجالات الطاقة المتجددة، مما يسهم في تحقيق الاستدامة وتنويع مصادر الطاقة، ويسهم في حماية البيئة.
وأردف: "كما وأن التعاون في مجالات التكنولوجيا والابتكار يعد محوراً مهماً آخر في علاقاتنا، وتبادل الخبرات في مجالات التكنولوجيا المتقدمة والبحث العلمي يمكن أن يسهم بشكل كبير في دفع عجلة التنمية والتقدم في كلا الجانبين، حيث نستشرف أن هناك إمكانات هائلة للتعاون في مجالات الذكاء الاصطناعي، والبيانات الضخمة، والتكنولوجيا المالية، ما يعزز قدرتنا على الابتكار وتحقيق النمو المستدام، وتعد البنية الأساسية مجالًا آخراً ذو أهمية بالغة في تعزيز التعاون بيننا، لاسيما وأن الاستثمار في مشاريع البنية الأساسية، مثل الطرق والجسور والمطارات والموانئ، يمكن أن يسهم في تعزيز الاتصال بين دولنا وتحقيق التكامل الاقتصادي، ويمكننا من الاستفادة من الخبرات الهندية في هذا المجال لتطوير البنية الأساسية في دول مجلس التعاون، يعزز ذلك قدراتنا الاقتصادية ويوفر فرصاً جديدة للنمو والتطوير".
وقال البديوي، إن العلاقات بين دول مجلس التعاون وجمهورية الهند تاريخية وعريقة، تمتد لعدة قرون وتقوم على أسس من الثقة المتبادلة والتعاون المثمر، وهذه العلاقات تشهد باستمرار تطورًا ملحوظًا، وتعكس الإرادة القوية لدى الجانبين لتعزيز الشراكة في مختلف المجالات.
وفي سياق متصل، أشار إلى مجالات التعاون التي وردت في مذكرة التفاهم التي وقعها الجانبان في عام 2022، والتي تشكل المنطلق الرئيسي في مجالات التعاون بين الجانبين، وأن الحوار والتعاون السياسي بين دول مجلس التعاون والهند هو ركيزة أساسية في قوة ومتانة العلاقات سواء على المستوى الثنائي أو على المستوى المشترك، والتحديات السياسية التي تواجه المنطقة والعالم يتطلب التنسيق المستمر والحوار البناء لتعزيز الأمن والاستقرار، لافتا إلى أن التجارب السابقة أثبتت أن التعاون الوثيق أسهم بشكل كبير في مواجهة عدد من الأزمات والتحديات السياسية.
كما أضاف الأمين العام، أن التحديات السياسية والأمنية التي يواجهها العالم مثل الإرهاب والتطرف، والنزاعات الإقليمية، والأزمات الإنسانية، يتطلب مزيدا من التعاون والتنسيق بين دول مجلس التعاون والهند، ويمكن العمل معاً لمواجهة هذه التحديات بفعالية، وتوحيد الجهود والمواقف في المحافل الدولية سيعزز من القدرة على التأثير والمساهمة في تحقيق السلم والأمن، والتعاون الأمني لا يقتصر على مواجهة التحديات وحسب، بل يمتد أيضاً إلى تعزيز السلم والأمن في المنطقة والعالم، ويمكن من خلال تبادل المعلومات والتنسيق الأمني العمل على منع الأزمات والنزاعات قبل حدوثها، كما يمكن التعاون في مبادرات السلم والأمن الإقليمي والدولي، ما يسهم في خلق بيئة مستقرة وآمنة لشعوبنا.
وأشار البديوي، إلى الآليات الفعالة للحوار السياسي والتشاور المستمر بين دول مجلس التعاون والهند، وهي الأدوات التي توفر الفرص العديدة لتبادل وجهات النظر وبناء تفاهمات مشتركة تسهم في تعزيز الأمن والاستقرار، وكذلك تسهم في تعزيز العلاقات الثنائية، وتمكن من عقد اجتماعات دورية على مستوى الوزراء وكبار المسؤولين لمناقشة القضايا السياسية الهامة والتحديات المشتركة، ووضع استراتيجيات لمواجهتها.
كما شدد الأمين العام، على أن التراث الثقافي العريق لكلا الجانبين يعد عاملاً هامًا في تعزيز التفاهم المتبادل والتقارب بين الشعوب، والتعاون الثقافي يمكن أن يسهم في بناء جسور التواصل والتفاهم بين الشعوب، ما يعزز العلاقات الثنائية على المستوى الشعبي ويعكس القيم المشتركة التي تربط دول الخليج والهند، ويسهم في تبادل الخبرات الأكاديمية في تعزيز الروابط الثقافية والعلمية بين الجانبين، من خلال برامج التبادل الثقافي والأكاديمي، مما يمكن من تعزيز الفهم المتبادل وتبادل المعرفة والخبرات بين الشعوب.
وأفاد البديوي بأن التعاون في المجالات الأكاديمية والعلمية يمثل جزءاً مهاً من التعاون الثقافي، ويُمكن الجامعات والمؤسسات الأكاديمية في دول مجلس التعاون والهند من التعاون في مجالات البحث العلمي والتطوير، الأمر الذي بلا شك سيسهم في تحقيق تعاون ملموس في مجالات التكنولوجيا والعلوم من جانب، ويكثف من زيادة وتيرة عملية تبادل الخبرات والمعرفة وتعزيز القدرات البحثية بين كلا الجانبين من جانب آخر.
وأضاف قائلاً: "وبهدف وضع برامج محددة للمضي قدماً في تفعيل التعاون في هذه المجالات، فقد اتفق الجانبان على خطة للعمل المشترك للفترة القادمة (2024-2028)، والتي نتطلع إلى إقرارها في اجتماع اليوم، كما تم الاتفاق على أن تقوم الأمانة العامة بالتنسيق بين جمهورية الهند ودول المجلس للبدء في تنفيذ هذه الخطة في أقرب فرصة ممكنة، والعمل على تطويرها وتعزيزها وفق ما يراه الجانبان لتكون رافداً للعلاقات المتينة بين الجانبين".
واختتم الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، بأن اجتماع اليوم سيسهم في تعزيز الروابط مع الهند وفتح آفاق جديدة للتعاون المشترك، فاليوم أمام الطرفين فرصة كبيرة لتعزيز التعاون في مختلف المجالات التي تناولتها مذكرة التفاهم، وتنفيذ خطة العمل المشترك التي تم التوصل إليها بين مجلس التعاون وجمهورية الهند للفترة (2024-2028).