مخاطر محتملة.. تحذيرات غير مسبوقة من عواصف تضرب المملكة المتحدة
تواجه المملكة المتحدة واحدة من أسوأ الكوارث الطبيعية التي شهدتها في السنوات الأخيرة، حيث أفادت عدة تقارير، عن حصيلة ثقيلة خلفتها عاصفة "بيرت"، التي اجتاحت البلاد خلال عطلة نهاية الأسبوع، مُخلَّفة وراءها 5 قتلى ومئات المنازل المغمورة بالمياه، في وقت لا تزال فيه السلطات تكافح لاحتواء تداعيات هذه الكارثة الطبيعية التي وصفها المسؤولون بـ"المدمرة".
وكشفت صحيفة أن عدة مناطق متفرقة من إنجلترا وويلز شهدت سلسلة من الحوادث المميتة المرتبطة بالعاصفة، إذ في شمال ويلز، انتهت عمليات البحث المكثفة بالعثور على جثة مواطن - 75 عامًا - في نهر كونوي، بعد أن فُقد أثره في المياه الهائجة.
ولم تتوقف سلسلة المآسي عند هذا الحد، إذ توفي رجل في الثمانينيات متأثرًا بجراحه في المستشفى بعد إنقاذه من سيارة جرفتها المياه في أحد المجاري المائية، فيما نجت امرأة مُسنة كانت برفقته وتم نقلها إلى المستشفى في حالة مستقرة.
المملكة المتحدة تشهد عاصفة مدمرة
وتشهد المملكة المتحدة حاليًا واحدة من أقوى العواصف التي ضربتها في الآونة الأخيرة، حيث أصدرت هيئة الأرصاد الجوية البريطانية تحذيرًا أحمر، الذي يُعد أعلى مستويات التحذير، من عاصفة "داراج" التي تجتاح مناطق واسعة من البلاد.
وبحسب ما تشير صحيفة الجارديان البريطانية، فإن هذه العاصفة، التي تعد الرابعة في موسم العواصف الحالي، تأتي في توقيت حرج بعد أسبوع واحد فقط من الجدل الواسع الذي أثير حول نقص التحذيرات من الفيضانات خلال عاصفة بيرت السابقة، مما يضع السلطات البريطانية أمام تحدٍ كبيرٍ في إدارة هذه الأزمة الطبيعية الجديدة
وذكر مكتب الأرصاد الجوية لوكالة الأنباء البريطانية أنه تم تسجيل هبات رياح تصل إلى 92 ميلًا في الساعة خلال الليل في كابيل كوريج في شمال ويلز وأبيردارون في شبه جزيرة لين. بينما تم تسجيل هبات رياح تتراوح بين 72-78 ميلًا في الساعة على طول سواحل ويلز وأيرلندا الشمالية.
وحذرت شركة السكك الحديدية الوطنية الأشخاص الذين يأملون في السفر بالقطار هذا الأسبوع من أن العاصفة داراج قد تعطل الخدمات طوال يومي السبت والأحد.
إجراءات استثنائية غير مسبوقة لمواجهة العاصفة "داراج"
وقد قامت السلطات البريطانية باتخاذ إجراءات استثنائية غير مسبوقة لمواجهة العاصفة "داراج"، حيث تم تفعيل نظام الإنذار العام على الهواتف المحمولة للمرة الأولى في مناطق جنوب غرب إنجلترا وأجزاء من ويلز.
وأوضحت الصحيفة أن السكان تلقوا رسائل تحذيرية مصحوبة باهتزازات وأصوات إنذار عالية، تحثهم على البقاء في منازلهم وتجنب القيادة في ظل الظروف الجوية الخطيرة.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن هذا النظام، الذي تم إطلاقه العام الماضي، أثبت فعاليته في إنقاذ الأرواح في دول أخرى مثل هولندا واليابان.
أفادت الجارديان بأن التأثيرات المتوقعة للعاصفة "داراج" تشكل تهديدًا خطيرًا للحياة والممتلكات في المناطق المتضررة، إذ حذر مكتب الأرصاد البريطاني من أن الرياح العاتية التي تصل سرعتها إلى 145 كيلومترًا في الساعة، ستؤدي إلى تطاير الحطام بشكل خطير، وإمكانية تضرر المباني بشكل كبير، خاصة مع احتمال تطاير القرميد من الأسقف.
كما أن هناك مخاوف جدية من حدوث انقطاعات في التيار الكهربائي وتشكل أمواج ضخمة على الشواطئ المكشوفة قد تهدد المناطق الساحلية.
وأضافت الصحيفة أن خطر سقوط الأشجار يشكل تهديدًا إضافيًا للسلامة العامة، خاصة مع تشبع التربة بالمياه نتيجة الأمطار الغزيرة التي شهدتها المنطقة مؤخرًا.
تحديات غير مسبوقة
وفقًا للصحيفة فإن قطاع النقل والمواصلات يواجه تحديات غير مسبوقة مع اقتراب العاصفة، إذ أعلنت هيئة الطرق الوطنية البريطانية عن حالة التأهب القصوى وأصدرت تحذيرات شديدة للسائقين في مناطق الجنوب الغربي والشمال الغربي.
وتأثرت بالفعل العديد من الطرق الرئيسية، حيث تم إغلاق جسر سيفرن M48 في جلوسيسترشاير بسبب الرياح العاتية.
كما أن الطرق السريعة الرئيسية مثل M5 في شمال سومرست، وA30 في كورنوول، وM6 في تشيشاير معرضة لتأثيرات شديدة من العاصفة، مما قد يؤدي إلى اضطرابات كبيرة في حركة النقل.
مخوف غير مسيوقة
وتتصاعد المخاوف من الفيضانات مع اقتراب العاصفة، خاصة في المناطق التي لا تزال تتعافى من آثار عاصفة "بيرت"، إذ أصدرت هيئة الموارد الطبيعية في ويلز أكثر من 30 تحذيرًا من الفيضانات، في حين أصدرت وكالة البيئة في إنجلترا أكثر من 20 تحذيرًا أحمر من الفيضانات، بحسب "الجارديان".
وتثير الصحيفة قلقًا خاصًا حول منطقة روندا سينون تاف، التي شهدت فيضانًا أدى إلى تضرر ما بين 200 و300 عقار خلال عاصفة بيرت، حيث من المتوقع أن تتعرض مرة أخرى لأمطار غزيرة.
وما يزيد من خطورة الوضع أن التربة مشبعة بالفعل بالمياه من الأمطار السابقة، كما أن بعض الأنهار لا تزال تحتوي على حطام من العاصفة السابقة، ممايزيد من مخاطر الفيضانات.
من جانبها كشفت الجارديان عن الارتباط الوثيق بين تزايد هذه الظواهر المناخية المتطرفة والتغير المناخي العالمي، إذ أوضح الخبراء أن الظروف الحالية نتجت عن مناطق الضغط المنخفض المدفوعة نحو بريطانيا بواسطة التيار النفاث، الذي تصل سرعته في قلبه إلى 240 ميلًا في الساعة.
وأشاروا إلى أن هذه السرعة العالية مدفوعة بالهواء البارد القادم من شمال الولايات المتحدة وكندا.
كما أكدت الصحيفة أن هطول الأمطار الشديدة أصبح أكثر شيوعًا وكثافة؛ بسبب التغير المناخي الناجم عن النشاط البشري، حيث يمكن للهواء الأكثر دفئًا احتواء المزيد من بخار الماء.