«كل الدعوات السابقة باءت بالفشل».. دعوة إخوانية للتظاهر في تونس
لم ييأس إخوان تونس من محاولات العودة إلى السلطة، التي أطيحوا منها في يوليو عام 2021، حيث أمل قادهم إلى محاولة «التفنن» في طرح مخططات للانقلاب على حكم رئيس تونس قيس سعيد، إلا أن السلطات في تونس تصدت لها دائما.
وآخر تلك المحالات دعوة للتظاهر يوم الثلاثاء، أطلقتها ما تُسمى بـ"جبهة الخلاص" الإخوانية تزامنا مع جلسة النقض، في قضية اتهام قيادات الجماعة بـ"التآمر على أمن الدولة".
وكثف الإخوان أخيرا من ظهورهم العلني بعد أشهر من العمل السري، مع اقتراب شهر يناير، بالتزامن مع ذكرى الإطاحة بحكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي في العام 2011.
دعوة للتظاهر
ودعا رفيق عبد السلام وزير خارجية تونس الأسبق، وصهر زعيم الإخوان راشد الغنوشي، أنصار التنظيم إلى التظاهر، يوم الثلاثاء، للمطالبة بإطلاق سراح القيادات الموقوفة، قائلا: "تونس أمام خيارين لا ثالث لهما: إما مصالحة وطنية شاملة والإفراج عن السجناء من السياسيين أو الذهاب باتجاه ثورة شعبية جديدة".
وقال المحلل السياسي التونسي حسن التميمي، في تصريحات صحفية، إن تنظيم الإخوان في تونس "يرقص رقصة الديك المذبوح ويحاول بكل ما أوتي من قوة استعادة نفوذه والتأثير في التونسيين لمساندته في التظاهر"، لافتا إلى أن كل دعوات التنظيم السابقة لحشد الشارع التونسي "باءت بالفشل".
وأضاف أن "جبهة الخلاص لم تستوعب الدرس، ولا تعبر عن الشعب، ولا عن متطلباته، خاصة بعد أن فطن التونسيون لكل ألاعيبها الخبيثة".
وأشار إلى أن "صهر الغنوشي الذي يعيش خارج البلاد والصادرة في حقه مذكرات توقيف دولية، بتهم تتعلق بالإرهاب يسعى يوميا عن طريق تدويناته العلنية، إضافة إلى عمله السري، إلى تأليب الرأي العام في تونس وتأجيج الأوضاع، لكن الشعب التونسي أصبح واعيا لكل هذه الألاعيب".
وأكد أن "قضية التآمر على أمن الدولة كشفت عمق الأخطبوط الإخواني في تونس، والذي يضم سياسيين ورجال أعمال وأجنحة إعلامية وأذرعا من الجمعيات الأهلية"ـ موضحا أن "قيس سعيد قام بتقليم أظافر الإخوان بعد أن فطن إلى الكم الهائل لجرائمهم خلال عشر سنوات ماضية".
مخطط التآمر
وكانت عملية تتبع قيادات الإخوان ومراقبة هواتف الموقوفين أثبتت بالدليل القاطع تورطهم في قضية "التآمر على أمن الدولة" التونسية، بهدف إعادة الإخوان للحكم، عبر تشكيل حكومة جديدة والعودة للعمل بدستور 2014 الذي صاغه الإخوان، ووقف العمل به في العام 2022.
القضية متشعبة الأطراف تورط فيها 86 شخصا داخل تونس وخارجها، بهدف "قلب نظام الحكم"، ومن بين المتهمين فيها زعيم إخوان تونس راشد الغنوشي.
وتعود القضية إلى فبراير 2023، عندما اعتقلت السلطات في تونس مجموعة من السياسيين البارزين من بينهم السياسي خيام التركي، وعبد الحميد الجلاصي القيادي في الإخوان، ونور الدين البحيري وزير العدل الأسبق ونائب رئيس حركة النهضة، وكمال اللطيف رجل الأعمال التونسي، وسامي الهيشري المدير العام السابق للأمن الوطني، وفوزي الفقيه رجل الأعمال الشهير، بتهمة "التآمر على أمن الدولة".
وذكرت التحقيقات، أن المتهمين حاولوا "في 27 يناير 2023، الانقلاب على الحكم عن طريق تأجيج الوضع الاجتماعي وإثارة الفوضى ليلا، مستغلين بعض الأطراف داخل القصر الرئاسي".
إلا أن قوات الأمن والاستخبارات في تونس تمكنت من إفشال هذا المخطط عن طريق تتبع مكالماتهم واتصالاتهم وخطواتهم، ليتبين أن خيام التركي وهو الشخصية التي أجمع عليها الإخوان لخلافة قيس سعيد، كان حلقة الوصل بين أطراف المخطط.
والتقت قيادات إخوانية في منزل خيام التركي الناشط السياسي ومرشح الإخوان للحكومة سنة 2019 رفقة كمال لطيف رجل الأعمال المعروف بـ"رجل الدسائس" ودبلوماسيين ورجال أعمال آخرين، بالضاحية الشمالية بسيدي بوسعيد.
وتورط في هذه القضية 86 شخصا بين سياسيين ورجال أعمال وإعلاميين وحتى دبلوماسيين، كما تم تسجيل مكالمات هاتفية مع أطراف في القصر الرئاسي بقرطاج من أجل إسقاط النظام، فيما خططت هذه المجموعة لتحريك الشارع بداعي رفع الأسعار والتحكم في المواد الغذائية.
قيس سعيد عن الإخوان: عملاء يلهثون وراء تقسيم تونس
شن رئيس تونس قيس سعيد، هجوما واسعا على حركة النهضة الإخوانية، واصفا عناصرها بأنهم «خونة وعملاء مازالوا يتوهمون على تقسيم البلاد كمن يلهث وراء السراب».
جاء ذلك في كلمته خلال زيارته إلى مدينة بنقردان جنوب شرقي تونس، أمس الثلاثاء، بمناسبة الذكرى الرابعة عشر للثورة، وفق مقطع فيديو نشر على الصفحة الرسمية للرئاسة التونسية الأربعاء.
والثلاثاء، احتفلت تونس بعيد ثورة 17 ديسمبر 2010، بمشاركة حشود من المواطنين عبروا عن تأييد كبير للمسار الإصلاحي للرئيس قيس سعيد بعد تطهير البلاد من حكم الإخوان.
وبهذه المناسبة، قال رئيس تونس قيس سعيد: "نحتفل بهذه الذكرى وآثرت أن أكون في بنقردان المدينة التي شهدت التحاما تاريخيا بين الشعب التونسي والقوات المسلحة العسكرية والأمنية لمحاربة المتربصين بتونس الذين حاولوا إقامة ما أوصاهم الاستعمار بالقيام به لكن تلقوا درسا لن ينسوه أبدا".
وأشار رئيس تونس قيس سعيد، إلى أن "المنطقة تعيش تحديات لا يمكن أن نواجهها إلا بوحدة وطنية تمثل جدارا منيعا لا مكان فيه لأي ثغرة يمكن أن يتسلل عبرها عدو ولا يستهدف الوطن ولكنه يستهدف المنطقة بأسرها ومن يريد زرع بذور الفتنة والتشكيك فعليه أن يستفيق من هذا الهذيان لأن التونسيين آلوا على أنفسهم أن يكونوا أحرارا في وطن حرّ وستستمر الثورة حتى يحقق الشعب أهدافه بتشريعات جديدة مختلفة عن التشريعات البالية البائسة وإنها لثورة حتى النصر المبين".
وأضاف رئيس تونس قيس سعيد، "تونس بشعبها وقواتها المسلحة أشد وأقوى ونجوم السماء أقرب إليهم من أن يمسوا بوحدتها.. ليقرؤوا التاريخ جيدا فالتاريخ تصنعه الشعوب الحرة المؤمنة بوحدة مصيرها ولن تقبل أبدا بغير العزة والانتصار بديلا".
وتابع رئيس تونس قيس سعيد، قائلا: "لا أحد ينكر أن تونس عرفت بعض الفترات التي اهتز فيها الأمن لكن هذه الفترات أحبطها الشعب التونسي؛ لأنه كان على قلب رجل واحد.. راهن الخونة والعملاء ومازالوا يتوهمون على التقسيم ولكنهم كمن يلهث وراء السراب".
وفي 7 مارس 2016، حاول إرهابيون إقامة ما تسمى "إمارة الخلافة" بمدينة بن قردان على الحدود مع ليبيا، قبل أن تدخل قوات الأمن التونسي في اشتباكات معهم استمرت حتى الـ9 من الشهر نفسه.
وخلال تلك الأحداث التي اصطلح الإعلام التونسي على تسميتها بـ«الملحمة»، تم القضاء على 50 إرهابيا وألقي القبض على 7 آخرين، فيما قتل 14 عسكريا وأمنيا ومدنيا وجرح مواطن.
مسار ثوري
من جهة أخرى، شدد رئيس تونس قيس سعيد، خلال زيارته إلى مدينة بن قردان على "ضرورة تواصل المسار الثوري لتحقيق تطهير الإدارة، حتى يكون البناء صلبا كي لا يؤول بعد ذلك إلى السقوط"، في إشارة إلى تطهير المؤسسات الحكومية من جماعة الإخوان التي تغلغلت منذ سنة 2011.
وأكد رئيس تونس قيس سعيد، أنّ "التحديات التي تواجه تونس كبيرة نتيجة عقود من التخريب والفساد الذي استشرى في كل مكان ومن حق التونسيين المطالبة بالمحاسبة وتطهير الإدارة"، لافتا إلى "وجود تحديات كبيرة لكن الإرادة والعزيمة والثبات أكبر والإيمان بضرورة الانتصار أعمق وأرسخ".
وأضاف رئيس تونس قيس سعيد، "نحن في سباق ضدّ الساعة ونريد أن نختصر التاريخ لا نريد أن يُظلم أحد ولا نريد أن يفلت أحد من المحاسبة وعلى كل مسؤول أن يستحضر في كل لحظة آلام البؤساء والفقراء ويعمل على تذليل كل الصعوبات".
وفي 17 ديسمبر 2010، اندلعت الشرارة الأولى من الاحتجاجات التي أطاحت بنظام رئيس تونس الراحل زين العابدين بن على بعد 23 عاما قضاها في الحكم.