إسرائيل بين "لا حرب ولا سلم".. وترامب يقلب الموازين

في ظل تصاعد التوترات في الأراضي الفلسطينية وتزايد الضغوط الدولية بشأن الوضع في غزة والضفة الغربية، برزت مواقف عربية ودولية تؤكد رفضها لأي مخططات تهدف إلى تهجير الفلسطينيين أو فرض واقع سياسي جديد يخالف القانون الدولي، تزامن ذلك مع تصريحات مثيرة للجدل للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي أثارت تساؤلات حول مستقبل العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية، خاصة في ظل سياسة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يسعى إلى تثبيت واقع "لا حرب ولا سلم".
الموقف العربي: انتصار للقانون الدولي
أكد زيد تيم، أمين سر حركة فتح، أن الموقف العربي الرافض للتهجير القسري للفلسطينيين يشكل خطوة جوهرية تعزز الالتزام بالقانون الدولي، الذي يعتبر التهجير جريمة وانتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان.
وأوضح تيم، أن الموقف العربي يعزز وحدة الأراضي الفلسطينية ويرفض أي فصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، مؤكدًا أن المجتمع الدولي مطالب بفرض وجود قوات دولية لحماية الفلسطينيين وفق قرارات مجلس الأمن الدولي.
كما أشار إلى الدور البارز الذي تلعبه مصر في دعم القضية الفلسطينية، مشيدًا بالقمة العربية الطارئة التي عُقدت في القاهرة، والتي شهدت حضورًا عربيًا واسعًا، في إشارة واضحة إلى تضامن الدول العربية مع حقوق الفلسطينيين ورفض أي إجراءات تهدف إلى تغيير التركيبة الديموغرافية للأراضي المحتلة.
مستقبل العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية

من جانبه، تناول الدكتور صلاح عبد العاطي، رئيس الهيئة الدولية لدعم الشعب الفلسطيني، تداعيات تصريحات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي أعلن رفضه تحمل الولايات المتحدة تكلفة إطلاق سراح المحتجزين، في إشارة إلى المحتجزين الأمريكيين، بينما ستتحمل إسرائيل تكلفة الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين كجزء من التفاهمات الدولية.
وخلال حديثه لقناة "القاهرة الإخبارية"، أوضح عبد العاطي أن إسرائيل لم تحدد بعد ملامح المرحلة المقبلة في قطاع غزة، مما دفعها إلى اقتراح "خطة الفقاعة الإنسانية" كبديل للخطة المصرية، التي تطورت إلى مبادرة عربية شاملة. وأشار إلى أن الهدف الحقيقي لهذه الخطة هو تكريس السيطرة الإسرائيلية على القطاع تحت غطاء إنساني، والتحكم في المساعدات الدولية التي تصل إليه.
كما لفت إلى أن نتنياهو يعمل على فرض سياسة "لا حرب ولا سلم"، وهي حالة سياسية تتيح له خرق أي هدنة متى شاء، دون التعرض لضغوط قانونية داخلية بموجب قانون الحرب الإسرائيلي، مستفيدًا من هذا الجمود لتعزيز موقفه السياسي والأمني.
انعكاسات السياسة الأمريكية على إسرائيل
يرى عبد العاطي أن تصريحات ترامب الأخيرة أربكت حسابات إسرائيل، إذ قد تشكل بداية تحوّل في الموقف الأمريكي تجاه تل أبيب، وهو ما قد ينعكس سلبًا على خطط الاحتلال الإسرائيلي في المنطقة، أن أي تغيير في النهج الأمريكي قد يعيد تشكيل التحالفات السياسية في الشرق الأوسط، ما يدفع إسرائيل لمحاولة فرض أمر واقع على المفاوضات المقبلة.
وفي هذا السياق، كشف عبد العاطي أن ترامب يسعى لاستغلال قضية الأسرى الفلسطينيين لتعزيز صورته السياسية، خاصة في ظل طموحاته للعودة إلى البيت الأبيض، ويشير إلى أنه يسعى إلى تأمين صفقات استثمارية ضخمة في السعودية، تقدر بتريليون دولار على مدى أربع سنوات، ضمن ترتيبات قد تشمل دعم المسار العربي لحل الأزمة الفلسطينية، لكن وفق شروط أمريكية وإسرائيلية.
تتجه الأوضاع السياسية في الشرق الأوسط نحو مرحلة حساسة ومعقدة، حيث تواصل الدول العربية الضغط لرفض أي محاولات لتهجير الفلسطينيين، بينما تحاول إسرائيل ترسيخ سيطرتها على غزة تحت غطاء "المساعدات الإنسانية".
في المقابل، تظل التصريحات المتغيرة لترامب عنصرًا قد يخلط الأوراق في المشهد الدولي، ما يجعل المرحلة المقبلة مليئة بالتحديات السياسية والدبلوماسية التي ستحدد مستقبل القضية الفلسطينية.